\r\n وبالرغم من عدم تحديده المسؤولية عمّن ارتكب الاغتيال, فقد حذّر من أن »الديكتاتورية تغذّي التطرّف«, مضيفاً بأنه »ما أن تتوقف الولاياتالمتحدة عن دعم الديكتاتورية, عندها سنكون قادرين على معالجة التطرّف. \r\n \r\n واذ اعلن بيلاوال ان والدته كانت اكبر امل للباكستان - وليس الامل الوحيد - فقد أقسم, باسم سلطة الشعب, أن يقضي على تأثير رصاص المجرم قائلا: »كم واحدا من آل بوتو تستطيعون اغتياله? فمن كل بيت سيظهر بوتو جديدا«. \r\n \r\n لقد أُقحم بيلاوال على قيادة حزب الشعب الباكستاني بموجب آخر وصية والدته المجني عليها. وعلى الرغم من ان العودة الى جامعة اوكسفورد »لانهاء دراسته واكتساب مزيد من النضج«, تعتبر اوليته المباشرة, الا انه لم يقوَ على اخفاء مشاربه الاقطاعية. \r\n \r\n دافع بيلاوال عن اختياره رئيسا للحزب على اساس احساس الحزب بأهمية الاحتفاظ بتواصل مع والدته »من خلال قرابة الدم«. وزعم ان موقعه لم تصادق عليه اللجنة المركزية للحزب وحسب, بل ايضا بسابقة جرت بعد إعدام جدّه ذو الفقار علي بوتو. \r\n \r\n ومع ذلك, فإن تسليم بوتو عباءة الحزب الى ابنها - وكأن الامر شأن ارث اسري تحددّه وتوزّعه على هواها - انما يعتبر تصرفا يتناقض مع المبادىء الديمقراطية ذاتها, التي كانت تزعم أنها تجسّدها. \r\n \r\n وهكذا, فإن قرار بوتو بتلميع ولدها, كخليفة لها في قيادة الحزب, انما يشوّه سمعتها في الغرب, حيث جرى تكريمها لحيوّيتها الفوّارة وشجاعتها الاصيلة. كما ان ذلك القرار من شأنه أن يكبّل القوى الساعية الى اقامة باكستان منفتح, ذي حكم مدني, ويُسلّح بالحجة اولئك الذين يعتقدون في المنطقة أن كلمة »ديمقراطية« ذاتها تعبير تحزيري يثير الشكوك. وبالتالي, فإن المخاطر المحيطة بنجل بوتو, وحزبها, وشعبها لن تكون أعلى من ذلك. \r\n \r\n وضعت نوايا بناظير بوتو المخلصة والصادقة محلّ شكّ فعلاً جرّاء رغبتها القوية في أن تدفع ادارة بوش الى تحقيق تزاوج وتوافق بينها وبين الزعيم الباكستاني بريز مشرّف. فمنذ أن استولى مشرّف على السلطة بانقلاب عسكري, عام ,1999 استأثر بشكل مطلق في حكم الباكستان بكل الوسائل المتوافرة. وتشكّك العديد من المراقبين في مقدرة بوتو على انتزاع اي قدر من السلطة الفعلية منه باسم الشعب. كما رأوا في عودتها الى السياسة الباكستانية مجرّد محاولة من واشنطن لتوفير شيء من واجهة ديمقراطية لحليفها المستبد, ولجعل دعمها له امرا مستساغا. ومع كل ذلك, فقد اقترن اسم بوتو بتقرير المصير, وعلى الاقل ببعض الاحتمال لمرحلة انتقالية من الحكم العسكري الى الحكم المدني, من دون فترة اخلاء دينية. \r\n \r\n اما تعيين نجلها زعيماً للحزب - وتحت الوصاية الخرقاء لوالده سيّء السمعة, آصف علي زارداري - فينطوي على ثلاث عواقب, هي: في أحسن الحالات, سيجرى ارجاء التحوّل الديمقراطي في الباكستان الى حين تخرّج بيلاوال من جامعة اوكسفورد بعد بضع سنوات. وهناك تلويث فكرة الديمقراطية ذاتها, اضافة الى الفساد الذي يمثّله زارداري في الوقت ذاته, وأخيرا, ربما يستعر الصراع داخل حزب الشعب الباكستاني حول شرعية وصية بناظير. \r\n \r\n لقد اسقطت بناظير بوتو الخيار الرابع, اي ممارسة الديمقراطية, من جدول الاعمال, بتقصير الآلية التي قد يلجأ اليها اي حزب سياسي اعتيادي في وضع مماثل, وهي الانتخابات الداخلية لتعيين الخليفة السياسي. \r\n \r\n وجاءت المعارضة البارزة لقرارات مشرّف الاستبدادية, من جانب القضاة وغيرهم من ابناء الطبقة الوسطى النابضة بالحياة في الباكستان, لتفرز عددا من المرشحين المحتملين. لكن هكذا عملية اصبحت الآن مشلولة بسبب النّدب على المجني عليها, واستغلال الانتهازيين, الذين يعملون باسم ابنها, لهذا الوضع. ومثل هذا الشلل يصبّ في مصلحة اخطر القوى في باكستان, وهي القوى, العسكرية منها والدينية, التي ترمي الى الحكم عن طريق القوة, والرّعب, والخداع, بدلا من رضا الشعب. \r\n \r\n على ان هناك مخرجاً من هذا الشرك. بامكان بيلاوال بوتو زارداري ان يماشي اسمه اللاّمع بالتصرف كرجل سياسة حقيقي. اذ عليه أن يُظهر ثقته في حزبه وفي الشعب الباكستاني برفضه هذا التتويج, والدعوة بدلا من ذلك الى اجراء تصويت حزبي لاقرار مَنْ سيتزّعم الحزب. فالديمقراطية في الباكستان لا يمكن ان تأخذ مجراها على النطاق الوطني الاّ اذا تمّت ممارستها داخليا في الحزب ذاته الذي يدّعي انه يحمل معاييرها على كاهله. كما ان بمقدور بيلاوال, الذي يصف نفسه بالديمقراطي, أن يعمل ما لم يجرؤ قتلة والدته على القيام به, وهو أن يعيد السلطة - التي تمّ الاستيلاء عليها بطرق غير مشروعة - الى الشعب, وأن ينتزع السلطة الشرعية - ان كان هذا هو قدره - منهم بالمقابل. اما التوارث الاسري فلا مكان له في الديمقراطية. \r\n