لقد فاز مرة اخرى حزب اتحاد الوسط الديمقراطي (udc), المتعصب قوميا, والمصاب برهاب الاجانب .. الحزب الذي كان الملياردير كريستوف بلوشير قد تزعمه بمنتصف الثمانينيات, حيث كان يمثل القوة الرابعة في البلاد, وتمكن اليوم من تثبيت نفسه في مقدمة الاحزاب السويسرية, بعد ان خرج مرة اخرى مدعما في هذه الانتخابات, عبر حصوله على نسبة 29%, بزيادة تصل الى 2.3%, بالمقارنة مع عام ,2003 حاصلا على 63 مقعدا, اي بزيادة 7 مقاعد, بالمجلس الوطني الذي يصل مجموع اعضائه الى 200 عضو, وهو يعتبر فوزا كذلك نظرا لانه لم يمض على انضمام بلوشير الى الحكومة اكثر من اربعة اعوام. وعلى اية حال, فقد كانت هذه الانتخابات بمثابة التجربة الحقيقية الاولى على القبول به كوزير. \r\n \r\n ومن الناحية الاخرى, كان الحزب الاشتراكي (Ps) قد خرج من الحشد مكسور العظام. فاذا كان الاشتراكيون قد نجحوا قبل اربعة اعوام في عرقلة تفوق اتحاد الوسط الديمقراطي عن قرب, فهاهم اليوم من خلال الحصول على 19.5% من الاصوات, و43 مقعدا فقط في المجلس الوطني (بخسارة 9 مقاعد) قد تم تحجيمهم بالرغم من احتفاظهم بالمركز الثاني بين الاحزاب, وموجعة مسألة فقدان المقاعد النيابية بكانتوني زيورخ, وبيرن, المزدحمتين بالسكان, حيث فقد الحزب ثلاثة مقاعد في كل منهما, وهما اللذان كانت مدنهما تدار من قبل مجالس بلدية غالبية اعضائها من ائتلاف الحمر - الخضر. \r\n \r\n وكان الحزب الاشتراكي قد اشار في حملته الانتخابية للهدف المحتمل الذي يسعى لتحقيقه, المتمثل في ابعاد بلوشير من صفوف الحكومة, وقت ان تتم اعادة انتخابها من جديد يوم 12 كانون اول المقبل. ولكن السويسريين ما كانوا ليعبأوا بذلك من قريب او بعيد, فبقاء بلوشير كان مقبولا بالنسبة لهم بالرغم من توجهاته العرقية, خاصة انه كان قد تميز كوزير بالتخلص من النائب العام الفيدرالي الذي كان يحقق بشأن اصحاب المصارف من ذوي السمعة المشبوهة, وبادلائه باقوال كاذبة امام البرلمان, وذهابه الى تركيا ليقول بخطأ القانون السويسري الذي يعاقب كل من ينكر وقوع المذبحة ضد الارمن. \r\n \r\n وهكذا اكد السويسريون مدى التصاقهم الشديد بالقاعدة غير المدونة, التي تقول ان من المفترض ان يكون كل حزب ممثلا في الحكومة الفيدرالية بالقدر الذي يتناسب مع قوته الانتخابية, ومن خلال الوزراء الذين يحددهم. ويبدو ان الحزب الاشتراكي, لم يكن قد فهم ذلك, ما استدعى معاقبته. \r\n \r\n وقد بدأت المداولات, بانتظار الاتفاق على انتخاب الحكومة. فبدأها حزب البيئة بالمطالبة بعدم اعادة انتخاب ولكن, بالنظر لنتائج التصويت, فليس هناك من يشكك بقدرة هذا الاخير على تحقيق ما يصبو اليه, حتى مع غياب اصوات اليسار كما انه من غير الممكن تفسير تقدم حزب الوسط الديمقراطي, وتراجع الحزب الاشتراكي على انه تحول قاسي نحو اليمين, بالنسبة لمجموع الناخبين. فقد ظلت النسب متشابهة بما فيه الكفاية ما بين اليمين, الوسط, واليسار. ففيما يخص اليمين, فان حزب الوسط الديمقراطي يأتي متعادلا مع فقدان الليبراليين (PLr) لخمسة مقاعد. حزب وسطي غالبا ما بدا في الاوقات الاخيرة متباينا مع مواقف الوسط الديمقراطي. وفيما يخص الوسط, هناك حزب الشعب الديمقراطي (ppd) الذي كسب ثلاثة مقاعد علاوة على ما كان له, فهو حليف لليسار فيما يتعلق بالقضايا الاجتماعية والبيئية. واخيرا نصل للحديث عن قوى اليسار, فقد تم تعويض الخسارة التي مني بها الحزب الاشتراكي في جزء منها بالتقدم الذي احرزه حزب البيئة بحصوله على سبعة مقاعد في المجلس الوطني زيادة, بما نسبته 9.6% من اصوات الذين لهم حق الانتخاب. \r\n \r\n وبقدوم المولود الجديد, حزب البيئة الليبرالي, الذي حصل على ثلاثة مقاعد, بالاضافة الى تمكن اليسار الراديكالي من انقاذ مفوض واحد له من اصل ثلاثة. وما زالت ناقصة نتائج مجلس الاقاليم, الذي يمثل الفرع الآخر للبرلمان, حيث من المفترض ان يتم التوجه الى صناديق الاقتراع في الكثير من الكانتونات, حيث يكون بإمكان الحزب الاشتراكي تثبيت النتائج الحسنة التي كان قد حققها قبل اربعة اعوام. \r\n \r\n وخلاصة القول ان هذا التقدم الذي احرزه حزب الوسط الديمقراطي انما يعود الى ما ابداه من توجهات وطنية لا تخلو من التعصب, رافضا التقرب الى اوروبا, مناديا التمسك بالقيم التقليدية للبلاد, مشيرا الى ان الاجانب هم من بين الاسباب الرئيسية التي شكلت فدح الاضرار بالنسبة للسويسريين, مما تسبب بهروب الكثيرين منهم الى صفوفه على اعتبار انه قادر من وجهة نظرهم على اعطاء الردود السريعة والمطمئنة بالنسبة للعديد من القضايا الملحة. ولا شك في ان هذا الحزب كان قد استطاع مخاطبة الطبقات الاجتماعية الشعبية من المجتمع, في الوقت الذي ابتعد فيه الحزب الاشتراكي اكثر فأكثر عن قاعدته ما جعله يدفع ثمنا باهظا في انتخابات يوم الاحد. \r\n