ومنذ إنشائها بموجب تفويض أممي منذ أكثر من 14 عاما مضت, حاكمت المحكمة ساسة كبارا وجنودا متهمين بأسوأ فظائع حرب شُوهدت على الأرض الأوروبية في نصف قرن. \r\n وقد جلبت معا قضاة ومحامين حول العالم لتحديد أين تقع المسؤولية في سلسلة من الصراعات التي مزقت في نهاية المطاف دول البلقان خلال جل تسعينيات القرن الماضي. \r\n \r\n وبوصفها المحكمة الدولية الأولى منذ محاكمات نوريبمبرغ وطوكيو في نهاية الحرب العالمية الثانية, وجدت المحكمة نفسها تضع كثيرا من الأساس للإجراءات المشابهة, بما في ذلك تلك الخاصة برواندا وسيراليون والآن المحكمة الجنائية الدولية. \r\n كانت المحكمة مثيرة للجدل من بدايتها, مع اتهام كثيرين في صربيا بوجه خاص لها بأنها لا توزع أكثر من عدالة المنتصر حتى شرعيتها نفسها قد تم التساؤل حولها باستمرار. \r\n غير أن قليلين سيدفعون بحقيقة أن نجاحاتها وإخفاقاتها توفر دروسا قيمةً للإجراءات القانونية المخصصة للتعامل مع جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ستلي وإحدى المسائل الأساسية التي مازالت تتم المناقشة بشأنها هي ما إذا كانت المحكمة وسيلة فعالة لمساءلة ومحاسبة أولئك المتهمين بجرائم الحرب. \r\n ويدفع ريتشارد ديكر, مدير \" مشروع العدالة الدولية \" في منظمة \" هيومان رايتس ووتش \" الحقوقية القائمة في نيويورك, يدفع بأن المحكمة كانت قادرة - مع وجود استثناءات بارزة قليلة - على حبس \" عدد ساحق\" من الأفراد المدانين, من أبرزهم الرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوسيفيتش ولا يوافقه الرأي جوناثان أودونوهو من منظمة العفو الدولية القائمة في لندن ويشير إلى أن المحكمة حاكمت بالفعل أقل من 100 شخص من بين آلاف الأشخاص المشتبه في ارتكابهم جرائم في ظل القانون الدولي في يوغوسلافيا السابقة. \r\n ويقول مايكل كارنافاس, الذي عمل محاميا للدفاع في عدد من قضايا المحكمة وهو الآن الرئيبس الحالي ل\" رابطة محامي الدفاع \", يقول إن انعدام التناسق والتماثل في مقاضاة المشتبه بهم من المنطقة قد أثار مخاوف بشأن ما إذا كانت جماعات عرقية معينة يتم تمييزها من جانب هيئة المحكمة ويضيف: إن الكروات والصرب يريدون أن يعرفوا لماذا لم يتم اتهام رئيس البوسنة والهرسك السابق علي عزت بيجوفيتش ورئيس كرواتيا السابق فرانكو تودجمان حتى الآن .. انظروا إلى مدى السرعة التي حاكمت بها المحكمة ميلوسيفيتش إن الشعور السائد هو أن هناك بعض الجماعات التي تتم مقاضاتها بينما لا تتم مقاضاة أخرى. \r\n وعندما واجهت مثل تلك التهم, أشارت المحكمة إلى أن أعضاء كل المجموعات العرقية في المنطقة قد تم مقاضاتهم ومحاكمتهم. \r\n والمحكمة لديها حاليا قضايا جارية لمحاكمة العديد من القادة شبه العسكريين السابقين من كوسوفو وكذلك مسؤولي شرطة كبار من مقدونيا. \r\n ودفع آخرون بأن العقبة الأكبر التي واجهتها المحكمة هي أنها يعوزها شرطة خاصة بها, وهو ما يدعها معتمدةً على السلطات الوطنية في البلدان محل المساءلة لإيجاد وتسليم المشتبه فيهم. \r\n وقال القاضي ريتشارد جولدستون, وهو عضو سابق في المحكمة الدستورية الجنوب أفريقية ومدع عام بالمحكمة : إن المشكلة الأكبر التي واجهت المحكمة, والتي هي بالفعل مشكلة للمحكمة الدولية, هي فرض القانون .. لن يكون هناك في أي وقت من الأوقات التي نعيش فيها نحن قوة شرطة دولية قادرة على تنفيذ أوامر الاعتقال الدولية. \r\n إن نقص التعاون من السلطات في صربيا كان مسؤولا إلى حد كبير عن الفشل في الإمساك بقائد جيش صرب البوسنة راتكو ملاديتش والزعيم السياسي وقت الحرب رادوفان كراديتيش , وكلاهما متهم بتنظيم وهندسة مذبحة سريبرينتسا في عام 1995 وبالمثل, فإن المحكمة الدولية الجديدة لديها صعوبة في تنفيذ أوامر الاعتقال وربما كان أهم إرث للمحكمة - كما يوافق كثيرون على ذلك - هو أنها أظهرت \" قابلية حياة لمؤسسة قضائية منشأة دوليا مخول لها التحقيق والمحاكمة في جرائم القتل الجماعي للمدنيين واستخدام الاغتصاب كسلاح في الحرب والتطهير العرقي\" على حد قول ديكر. \r\n لقد أحيت المحكمة فقرات في القانون الدولي كانت غائبة ومهملة أو محالة ببساطة إلى صفحات من اتفاقيات جنيف\" وبفعل ذلك - كما يقول ديكر - ستعمل المحكمة كنقطة مرجعية ل\" كل المحاكم التالية الدائمة والمنشأة لغرض خاص, والدوائر القضائية الوطنية\" ويوافق خبراء آخرون في نفس المجال على ذلك. \r\n يقول غولد ستون: إن التجاح الأول - من وجهة نظري - هو حقيقة أن المحكمة أظهرت أن المحاكم الجنائية الدولية يمكن أن تجري محاكمات نزيهة وعادلة. \r\n وأشار أيضا إلى أن القانون الدولي - حتى استهلال المحكمة- كان راكدا وقال: إنه القانون الذي لم يُستخدم إنه من قبيل المصداقية الكبيرة للمحكمة أن تستمر في استخدامه وتنقيته وأشار جولدستون إلى أن المحكمة نجحت في \" إلغاء ما أسماه \" التمييز غير السار\" بين حماية المدنيين في صراع دولي مسلح وفي صراع محلي مسلح. \r\n وقال جون واشبورن, وهو الداعي الأميركي لانعقاد \" التحالف المستقل للمحكمة الجنائية الدولية\" إن وجود المحكمة نفسه ربما يكون هو إرثها الأهم ويثبت ويبرهن أنه مؤثر أكثر بكثير من أي حكم تم الحكم به على أحد في مدتها, والتي من المقرر أن تنتهي في 2010 وقال: حتى الآن فإنه ليس واضحا جدا أن ثقافة الحصانة لن يتم التسامح فيها في المجتمع الدولي. \r\n \r\n دانيال بارون * \r\n * كاتب مقيم في لندن ويعمل مع \" معهد العمل الصحفي في الحرب والسلام \", وهي منظمة غير ربحية تدرب الصحفيين في مناطق الصراع. \r\n * خدمة \" إم سي تي \" - خاص ب\" الوطن \"