\r\n \r\n \r\n ذلك أن هدف\"شافيز\" (أن يصبح زعيماً لتكتل أميركي لاتيني في القرن الحادي والعشرين) هو اليوم موضوع تمحيص وتدقيق كبيرين من قبل الأميركيين اللاتينيين الذين لهم توجس صحي وتاريخي من الزعماء الذين يدَّعون الحديث باسمهم جميعاً. \r\n والحق أن الأميركيين اللاتينيين هم أذكى مما نعتقد في الولاياتالمتحدة أحياناً، ذلك أن معظمهم لا ينظرون بعين الرضا إلى الرئيس \"شافيز\"، الذي يعتبره الكثيرون هناك مهرِّجاً ومستبداً وخطراً ممكناً على الاستقرار. بيد أن الأميركيين اللاتينيين ليسوا أقل توجساً وحذراً من الرئيس بوش، الذي أثار قوله في \"ساو باولو\" بالبرازيل في التاسع من مارس الماضي إن الولاياتالمتحدة \"سخية ورؤوفة\" جدلاً واسعاً، ولاسيما في أوساط فقراء القارة ومهمشيها. \r\n أما الحقيقة التي لا مراء فيها، فهي أن الولاياتالمتحدة نسيت أميركا اللاتينية تقريباً خلال إدارة بوش، التي شددت على الديمقراطية والتجارة الحرة والأمن –ولكنها أهملت أيضاً العدالة الاجتماعية. والواقع أن نفاق السياسة الأميركية تجاه المنطقة كبير وأسطوري؛ فالخريف الماضي، على سبيل المثال، ذهب بطل فضيحة \"إيران- كونترا\"، وهو \"أوليفر نورث\" وآخرون إلى \"ماناجوا\" لتحذير النيكاراجويين من مغبة انتخاب الزعيم الثوري \"دانييل أورتيجا\" رئيساً للبلاد. غير أن الجهود أتت بعكس ما كان مؤملاً منها، حيث وصل \"أورتيجا\" إلى الرئاسة في انتخابات نزيهة. علاوة على ذلك، تشتكي الأوروجواي وبلدان لاتينية أخرى من المعونات الزراعية الأميركية، وتعتبرها منافية للمبادئ الأساسية للتجارة الحرة والعادلة. \r\n أما \"السخاء\" الذي تتحدث عنه الحكومة الأميركية بخصوص البرامج الاجتماعية لهذه السنة، فيقدر ب1.6 مليار دولار، وهو رقم يمثل أقل من قيمة الإنفاق في أسبوع واحد من حرب العراق. وفي غضون ذلك، يوزع الزعيم الفنزويلي الغني بالنفط مليارات الدولارات على المشاريع الاجتماعية في البرازيل وكوبا ونيكاراجوا وغيرها؛ كما يعرض النفط بأسعار مخفضة على شركة جوزيف كينيدي، \"طاقة المواطنين\"، المؤسسة غير الربحية التي تقدم نفط التدفئة للفقراء في منطقة \"نيو إنجلاند\". \r\n والحال أنه على رغم أن طريق الفوز باحترام الأميركيين اللاتينيين وتعاطفهم طويلة وشاقة، فإن الولاياتالمتحدة تستطيع استعادة سمعتها السابقة في المنطقة كبلد رحيم وعطوف يثمِّن مساهمات جيراننا في الجنوب. ولهذا الغرض، يمكن لخمسة تغييرات في السياسة الأميركية أن تفرز نتائج إيجابية وفورية: \r\n - تمرير سياسة شاملة للهجرة من شأنها إنهاء التوتر في المكسيك وأميركا الوسطى؛ ذلك أن من شأن وضع برنامج \"العامل الضيف\" وضمان مراقبته، إضافة إلى برنامج يحصل بموجبه العمال المهاجرون الذين لا يتوفرون على وثائق على إمكانية الحصول على الجنسية، أن يُصلح ما تضرر من صورة الولاياتالمتحدة باعتبارها مجتمعاً عطوفاً ومنفتحاً يسوده التسامح الاجتماعي. \r\n - تطوير برنامج شبيه ببرنامج \"التحالف من أجل التقدم\"، الذي سنه الرئيس كينيدي، يتواءم مع القرن الحادي والعشرين؛ فقد وضعت الولاياتالمتحدة وقتها برنامجاً طموحاً يروم الرد على أجندة \"فيديل كاسترو\" الماركسية عندما سرق هذا الأخير الأضواء من الولاياتالمتحدة عام 1959، ووفر الرعاية الطبية والتعليم والسكن المجاني للكوبيين. ونتيجة لذلك، فالولاياتالمتحدة مطالبةٌ اليوم بالاستثمار بحكمة في المشاريع الاجتماعية من أجل الفوز ب43 في المئة من السكان، الذين لم يستفيدوا من تركيزنا على قوى السوق. \r\n - تسخير وإرسال أفضل مصادرنا البشرية. وهنا أود الإشارة إلى أن طلبتي في جامعة \"رودز\" في \"ممفيس\" بولاية \"تينيسي\" أعربوا عن رغبتهم في المشاركة في برنامج من دعم الحكومة الفيدرالية، يتيح لهم فرصة العمل مع المستضعفين في أميركا اللاتينية لفترة سنة بعد تخرجهم. ويمكن تشجيع هذا المشروع عبر تقديم محفزات للشركات التي توظف المتطوعين العائدين إلى البلاد؛ كما يمكن لشبابنا أن يقدموا مساهماتهم في مجالات محاربة الأمية، وبناء المدارس، وتوفير الخدمات الطبية، والعمل على مشاريع زراعية في المناطق الريفية. \r\n - إنشاء لجان خبراء للسفر إلى أميركا اللاتينية؛ ذلك أن من شأن هذه اللجان أن تقدم معلومات وافية وتسدي نصائح رشيدة للمنظمات الحكومية والتجارية والاجتماعية في الولاياتالمتحدة. كما من شأنها أن تعمل على تقييم حاجيات الأميركيين اللاتينيين ومخاوفهم. فإذا كان علماء الاجتماع والأكاديميون قد أمضوا سنوات في أميركا اللاتينية والكتابة عنها، فالأكيد أن من شأن جهودهم وجهود أشخاص مستقلين غير سياسيين آخرين أن تقدم إضاءات مفيدة. \r\n - زيادة تمويل برامج \"فولبرايت\" وغيرها من البعثات الثقافية والتربوية إلى أميركا اللاتينية؛ حيث يتعذر على آلاف الشباب كل سنة المشاركة في برامج \"فولبرايت\" نظراً لقيود الميزانية. \r\n إن الولاياتالمتحدة تستطيع أن تثبت أنها بلد رؤوف وسخي، ولكنها لم تُظهر هذه القيم والفضائل تجاه أميركا اللاتينية في السنين الأخيرة. إلا أننا نأمل أنه بفضل الزعامة الخلاقة، والرغبة في القيام بالكثير من أجل المنطقة، والاعتراف بأخطاء الماضي، وزيادة التمويل، يمكن لبلدنا أن يعود إلى موقع محترم ومشرف في أميركا الجنوبية. \r\n \r\n مايكل لاروزا \r\n أستاذ مادة التاريخ بجامعة \"رودز\" \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\" \r\n \r\n