\r\n \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n يستعمل العلماء السياسيون, احيانا, رقم 1000 قتيل على الاقل يسقطون خلال الصراع, واستنادا الى هذا الرقم المنخفض, والمثير للجدل, اندلعت حوالي 125 حربا اهلية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية, وتجري حاليا 20 حربا اهلية تقريبا في الوقت الحاضر. فيما تزال هناك 90 حربا اهلية قائمة منذ .1945 \"غالباً ما يفترض ان انتشار الحروب الاهلية ظاهرة لفترة ما بعد الحرب الباردة, لكن عدد الحروب الاهلية القائمة ازداد, في الحقيقة, وعلى نحو ثابت, في الفترة الواقعة بين 1945 والتسعينيات, قبل ان تنحسر الى حدّ ما عن مستوياتها في نهاية السبعينيات\". اما مستوى القتل في العراق.. وقد زاد على 60000 في السنوات الثلاث الاخيرة.. فيضع الصراع ضمن مجموعة من الحروب الاخيرة العديدة, التي توصف بحروب اهلية \"مثل تلك التي اندلعت في الجزائر وكولومبيا وغواتيمالا والبيرو وسيريلانكا\". وفي الواقع, فانه حتى التقديرات المتحفظة ل ,60000 تضع العراق في المرتبة التاسعة من الحروب الاهلية المميتة منذ عام ,1945 من حيث الاصابات السنوية. \r\n \r\n من الاسباب الرئيسية لتفشي الحروب الاهلية صعوبة انتهائها. فمعدل استمرارها, منذ عام ,1945 عشر سنوات تقريبا, مع ان نصفها استمر لاكثر من سبع سنوات. ويبدو ان طول مدة استمرارها ناجم عن الطريقة التي جرى فيها خوض النزاعات, وعلى وجه الخصوص: جماعات متمردة تستعمل تكتيكات رجال العصابات, وتعمل عادة في مناطق ريفية في بلدان ما بعد العهد الاستعماري ذات القدرات الادارية والامنية والعسكرية الضعيفة. والحروب الاهلية من طراز الحرب الاهلية الامريكية, التي تصور جيوشا تقليدية تواجه بعضها على طول جبهات مرسومة ومحددة, حروب غير اعتيادية الى حد كبير. اما النزاعات الاكثر نموذجية فكانت كتلك التي نشبت في الجزائر وكولومبيا وسيريلانكا وجنوب السودان وغربه. فكما تبين هذه الحالات, فان حروب العصابات الريفية يمكن ان تكون تكتيكات شديدة العنف الى حدّ كبير, ما يسمح لاعداد قليلة نسبيا من المتمردين من السيطرة الجزئية على مساحات واسعة من المناطق لسنوات. بالرغم من الحملات العسكرية المكثفة والقاسية ضدهم. \r\n \r\n بدأت الحرب الاهلية في العراق عام ,2004 كقتال رجال عصابات في المناطق الحضرية بشكل اساسي, على ايدي مسلحين من السنة, بأمل طرد الولاياتالمتحدة واستعادة السلطة التي كانت بيد السنة في عهد صدام حسين. وتصاعدت هذه الحرب في عام 2006 مع تفشي وتكثيف اعمال العنف على ايدي المليشيات الشعبية, التي تسعى بجلاء الى حماية الشيعة من المسلحين السنة, والتي انتهجت اسلوب \"التطهير العرقي\" ومقدارا كبيرا من عنف قطاع الطرق والزعران. \r\n \r\n يختلف هذا النوع من حرب العصابات في المناطق الحضرية, والصراع المستند الى المليشيات عن تلك التي وقعت في فترة ما بعد عام .1945 لكن هناك اوجه شبه بينها. ومن المقارنات التي لم تحظ بنقاش واحد, ولكنها مقارنة مفيدة, ذلك الصراع العنيف الذي حطم مدنا تركية بين اعوام 1977 و .1980 وحسب التقديرات القياسية. فان الاقتتال بين المليشيات المحلية وبين المسلمين المنتمين الى \"اليسار\" او \"اليمين\", اودى بحياة ما يزيد على 20 شخصا في اليوم, في غمار آلاف الهجمات والهجمات المضادة, والاغتيالات, وحملات فرق الموت. واذ ابتدأت النزاعات بين اليسار واليمين, بالمجزرة التي ارتكبها اليمينيون في مدينة كهرمانمارا, في شهر كانون الاول عام ,1978 فقد تصاعد الى درجة العنف العرقي, محرضا السنة ضد العلويين والاكراد وضد الشيعة في مدن مختلفة. \r\n \r\n وكما هي الحال في العراق اليوم, فان تنظيم المسلحين الاتراك تنظيم محلي خالص الى حد كبير ومنحاز سياسيا, خاصة الى اليسار. وبدا الاقتتال شبيها بعنف العصابات في المناطق الحضرية. لكن العصابات والمليشيات المسلحة كانت على علاقة مظللة - كما في العراق ايضا - بالاحزاب السياسية المسيطرة على البرلمان الوطني المنتخب ديمقراطيا ايضا. \"في الواقع, بإمكان المرء ان يصف الصراعات المدنية في تركيا في ذلك الحين, وفي العراق اليوم, \"بالسياسات الحزبية المليّشة\"\" فالتنافس السياسي الشديد بين القيادات السياسية التركية, متوازيا مع علاقاتها المفيدة سياسيا مع المسلحين, منع النظام الديمقراطي من التحرك لانهاء العنف بصورة حاسمة. وبالتشابه الكبير مع العراق اليوم, تردد السياسيون المنتجون بينما المدن تحترق. \r\n \r\n واذ خشي قادة الجيش ان تصل العدوى الى الرتب العسكرية الادنى من التكتل العنيف في المجتمع عموما, قاموا بانقلاب عسكرية في ايلول ,1980 شنوا بعده حملة قمع واسعة ضد المليشيات واعضاء العصابات الزعرانية من اليسار واليمين. وعلى حساب الحكم العسكري \"الذي امتدّ ثلاث سنوات كما تبين\", قضي على الرعب في المناطق الحضرية. \r\n \r\n والافضلية ستكون واضحة, خاصة في حالة انسحاب الولاياتالمتحدة من العراق, ان قام انقلاب عسكري, واعلنت فيه مجموعة من الضباط الصغار في قيادة الجيش العراقي, بأن الحكومة المنتخبة غير ناجحة, وان من الضروري توافر يد قوية تفرض النظام نتيجة ذلك. بيد انه من غير المرجح, ان يكون نظام عسكري في العراق قادرا عن ان يتمثل الانقلاب الذي وقع في تركيا اوائل الثمانينيات. فالجيش التركي كان مؤسسة قوية, ذات استقلال وافٍ, وولاء تام لمثل كمال أتاتورك الوطنية. بحيث استطاع التصرف باستقلال كامل عن الانقسامات التي مزقت البلاد اشلاء. وعلى الرغم من ان الجيش التركي مال الى اليمين اكثر من ميله الى اليسار, الا ان المواطنين الاتراك نظروا اليه يقف بعيدا تماما عن الاقتتال التكتلي.. وبالتالي نظروا اليه كعامل تدخل يعتمد عليه. وبالمقارنة, يبدو على الجيش العراقي, وحتى على قوات الشرطة العراقية بصورة اكبر, ان استقلاليته الذاتية ضعيفة جدا عن المجتمع والسياسة. فرجال الشرطة يبدون مثل افراد المليشيات بازياء مختلفة, وببعض التدريب الامريكي احيانا. وللجيش نوع من التماسك والاستقلال الذاتي المؤسسي اكثر من الشرطة, لكنه واقع تحت الهيمنة الشيعية, ووحداته الوظيفية المختلطة قليلة. وتوحي بعض الدلائل بأن عناصر من الرتب العالية فيه تسهل, هذا ان لم تعمل بفاعلية ونشاط, عمليات التطهير العرقي. وعليه, فان القبض على السلطة من مجموعة من الضباط الصغار في قيادة الجيش, سيفسر على نطاق واسع بأنه استيلاء على السلطة من كتلة شيعية معينة.. وقد يقود ذلك الجيش الى التفكك على اسس طائفية, وربما تكتلية. \r\n \r\n على ان ما حدث في لبنان, عام 1975/,1976 قد يوفر تبصيرا افضل لما هو محتمل ان يقع في العراق. فعندما بدأت اعمال العنف تتصاعد, بين المليشيات المسيحية وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية, في عام ,1975 نأى الجيش اللبناني بنفسه في البداية عن النزاع, لادراكه انه سيتصدع إن هو حاول التدخل. لكنه مع تفاقم العنف, تدخل الجيش فعلا في نهاية المطاف.. ثم تصدع. فدخل لبنان بعد ذلك في فترة طويلة من الصراع, تقاتلت فيها مليشيات متنوعة تابعة للمسيحيين والسنة والشيعة ومنظمة التحرير الفلسطينية مع بعضها في اوقات متقطعة \"فيما بينها وفيما بين الجماعات الطائفية\". وقد خفّف, واحيانا فاقم, التدخل العسكري السوري والاسرائيلي ذلك العنف. \r\n \r\n وتحولت التحالفات, وبطرائق مذهلة في الغالب. فالسوريون, على سبيل المثال, وقفوا الى جانب المسيحيين ضد م.ت.ف. في بادئ الامر. \r\n \r\n ان سيناريو مماثلا أخذ يشق طريقه حاليا في العراق. سواء بقيت القوات الامريكية ام خرجت, فان العراق الواقع جنوب المناطق الكردية, سيبدو, ربما اكثر واكثر شبيها للبنان خلال حربه الاهلية الطويلة. وستظهر سلطات سياسية فعالة للمناطق والمدن وحتى الضواحي. وبعد فترة من التطهير العرقي والاقتتال لتحديد الملامح والسياسات, سيقوم توازن متدني المستوى, وعنف طائفي متقطع ايضا, تؤكد عليه حملات التمويل والمساعدة الهائلة من دول اجنبية. وعلى الارجح, سيتفاقم العنف والاستغلال داخل الطوائف المذهبية, حيث المليشيات والعصابات في الضواحي, التي نفذت عمليات التطهير العرقي, سيزداد الاقتتال فيما بينها حول التسابق, وحول الحماية, والتجارة.. وكما حدث في لبنان, فقد يحدث قدر كبير من التدخل من جانب الدول المجاورة.. خاصة ايران.. لكن ذلك لن يحقق لها بالضرورة مكاسب استراتيجية كبرى. بل على العكس من ذلك, قد يأتيها بقسط كبير من البلايا والاحزان, كما حدث للولايات المتحدة. \r\n