\r\n \r\n \r\n \"الأمور السيئة\"، المقصودة هنا تتمثل في الأسلحة والمخدرات والنشطاء الإسلاميين، وكلها أمور ساهمت في سقوط طاجيكستان خلال عقد التسعينيات في أتون حرب أهلية حصدت أرواح ما يناهز 100000 شخص، وكادت توصل المعارضة المدربة والمسلحة في أفغانستان إلى السلطة. أما اليوم، فمازال هذا البلد الصغير والجبلي ذو السبعة ملايين نسمة، والواقع في قلب القارة الآسيوية يحاول التخلص مما التصق به من سمعة سيّئة باعتباره \"دولة فاشلة تقريباً\"؛ فمازال الكثير من الخبراء يعبّرون عن قلقهم من أن يسقط أحد حلفاء أميركا المسلمين العلمانيين القلائل في الحرب على الإرهاب في الفوضى مرة أخرى، في حال لم يحرز تقدماً سريعاً بخصوص جملة من المشاكل المستعصية، ومن ذلك إعادة تعمير ما دمرته الحرب، والفقر المدقع الذي يعود لزمن الاتحاد السوفييتي السابق، والفساد المستشري في البلاد، والذي كرسه التدفق المتزايد للمخدرات، التي تعبر من أفغانستان إلى الغرب عبر طاجيكستان. \r\n وقد أُعيد انتخابُ الرئيس \"إمام علي راحمانوف\"، الذي يُنظر إليه باعتباره صاحب الفضل في إنهاء الحرب الأهلية وإعادة القانون والنظام إلى البلاد، في نوفمبر الماضي لولاية رئاسية جديدة من سبع سنوات. بيد أن المنظمات الدولية تصف حكمه بالسلطوي، وتحذر من أن يؤدي قمع واضطهاد المعارضين، وبخاصة النشطاء الإسلاميين المشتبه فيهم، إلى معارضة جديدة؛ إذ تصف منظمة \"هيومان رايتس ووتش\" الظروف في طاجيكستان بأنها \"تزداد سوءاً\"، بينما تصنف منظمة \"فريدوم هاوس\" طاجيكستان ضمن خانة البلدان \"غير الحرة\". وفي هذا السياق، يقول \"إيجور بوك\"، نائب رئيس بعثة الأممالمتحدة الدائمة للبرنامج الإنمائي التابع للمنظمة الدولية: \"ساد البلاد استقرار ملحوظ خلال السنوات القليلة الماضية، غير أن مشكلات عدة مازالت قائمة\"، مضيفاً \"ربما تكون أمام الحكومة سنتان أو ثلاث سنوات لتثبت أنها تستطيع القيام بتغييرات إيجابية\". \r\n ويعيش نحو ثلثي الطاجيك بدولارين أو أقل في اليوم؛ كما يفتقر معظم السكان الريفيين إلى الماء الصالح للشرب، في حين تعاني معظم مناطق البلاد من انقطاعات يومية للتيار الكهربائي، بما في ذلك العاصمة \"دوشنبه\". ولئن كان اقتصاد طاجيكستان قد حقق نمواً يقدر ب7 في المئة العام الماضي، فإن الخبراء يحذرون من أن ثمار هذا النمو، لا تشمل جميع السكان. ومما يذكر هنا أن نحو مليون طاجيكي يعملون في الخارج؛ وتشكل تحويلاتهم المالية أحياناً نصف الناتج الداخلي الإجمالي للبلاد. \r\n ولحل أزمة التيار الكهربائي، تراهن الحكومة كثيراً على تطوير إمكانيات البلاد الكبيرة في مجال توليد الكهرباء بواسطة السدود؛ لاسيما أن شركات روسية كبيرة عبرت عن رغبتها في الاستثمار. وفي غضون ذلك، تثير الأزمة المتفاقمة استياء كبيراً. وفي هذا الإطار، يقول \"برويز مولوجانوف\"، مدير \"اللجنة العمومية للعملية الديمقراطية\"، وهي منظمة طاجيكية غير حكومية، \"لقد كانت ثمة إمدادات كهربائية جيدة حتى في ذروة الحرب الأهلية\"، مضيفاً \"إن الناس لا يصدقون التفسيرات الرسمية، وهي تفسيرات تقنية جداً، إذ يعتقد الكثير منهم أن البيروقراطيين الفاسدين يسرقون الكهرباء، ويبيعونها لدول أخرى لحسابهم الخاص\". \r\n عقب انهيار الاتحاد السوفييتي في مطلع التسعينيات، غرقت طاجيكستان في حرب أهلية بين المجموعات المتنافسة؛ ولم تتسن هزيمة المتمردين الإسلاميين، المدربين والمسلحين من قبل زعماء الحرب الطاجيك في أفغانستان، إلا بعد مساعدات روسية ضخمة للقوات الحكومية. وقد وضع اتفاق رعته الأممالمتحدة حداً للحرب قبل عشر سنوات؛ غير أن الاستقرار لم يبدأ في العودة إلى مناطق ريفية واسعة، إلا بعد طرد \"طالبان\" من أفغانستان المجاورة قبل خمس سنوات. \r\n وحسب بعض الخبراء \"الطاجيك\"، فإن أسوأ السيناريوهات يتمثل في فشل مهمة إرساء الاستقرار الدولية التي تقودها الولاياتالمتحدة في أفغانستان المجاورة. فقد وقفت طاجيكستان إلى جانب الغرب في حرب أفغانستان عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر، كما شكلت قاعدة للمساعدات الدولية لتحالف الشمال الأفغاني ذي الأغلبية الطاجيكية، الذي لعب دوراً مهماً في إسقاط حركة \"طالبان\". واليوم، تتولى قوات \"الناتو\" مراقبة المراكز الحدودية على الضفة الأخرى من نهر \"بياندز\"؛ وتعد الحدود هادئة عموما -باستثناء ما يصفه الخبراء بالتزايد الخطير لتهريب المخدرات. ويقول \"مولوجانوف\": \"في حال انزلقت طاجيكستان إلى حالة انعدام القانون مرة أخرى، فمن شأن ذلك أن يخلق وضعاً خطيراً جداً بالنسبة لمنطقة آسيا الوسطى برمتها، ولاسيما في الجارة أوزبكستان\"، مضيفاً: \"ذلك أن لدينا معارضة إسلامية قد تعمل مرة أخرى على إنشاء معاقل لها في شمال أفغانستان، والتسرب إلى هنا من جديد، مثلما حدث من قبل\". \r\n والواقع أن الحدود الطاجيكية- الأفغانية الممتدة على طول 745 ميلاً، والتي كانت منيعة نظراً للأسيجة الكهربائية وحقول الألغام التي أقامها السوفييت، باتت اليوم سهلة الاختراق نسبياً؛ ذلك أن النقص المزمن للتيار الكهربائي يجعل الأسيجة الكهربائية أحياناً عديمة الجدوى؛ علاوة على ذلك، يجري حالياً نزع الألغام بمساعدة منظمات أجنبية. \r\n وفي هذا الإطار، يقول \"بينزار نيزوييف\"، وهو مزارع يعمل في حقله غير البعيد عن مركز \"لينينجرادسكي\" الحدودي: \"لقد كان عبور الحدود دائما أمراً ممكناً\"، ثم شرع يحكي كيف تمكن من الفرار ليلاً على متن قارب مصنوع من إطارات قديمة إلى أفغانستان في ذروة الحرب الأهلية في طاجيكستان. وفي إقليم \"كومسانجير\"، أوضح المسؤول الرسمي \"سورة سافاروف\" أن الجميع يراهنون على نجاح الغرب في أفغانستان قائلاً: \"إذا سارت الأمور على ما يرام، فذلك يعني بالنسبة لنا التجارة والتواصل مع إيران وباكستان والغرب. أما في حال لم تستقر الأوضاع في أفغانستان، فإن الأمور ستسوء جداً جداً بالنسبة لنا\". \r\n \r\n مراسل \"كريستيان ساينس مونيتور\" في نيزني بياندز- طاجيكستان \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\" \r\n