\r\n - فقد عبّر الاتحاد الأوروبي عن تبرمه من الرئيس البولندي على خلفية تشجيع هذا الأخير لعقوبة الإعدام. من جهة أخرى، خرج الطلبة البولنديون في مظاهرة للتعبير عن غضبهم من مخطط يقضي بإدراج القيم الدينية والوطنية بشكل أكبر ضمن المناهج التعليمية. \r\n \r\n - في الشتاء الماضي، أثارت سلوفاكيا حفيظة الاتحاد الأوروبي وتنديده بعدما تفاوضت مع الفاتيكان بشأن مسودة اتفاق يمنح الأطباء الذين يرفضون إجراء عمليات الإجهاض الحماية القانونية. \r\n \r\n - في 2004، دخل الاتحاد الأوروبي في سجال بشأن ما إن كان ينبغي الإشارة في مشروع الدستور الأوروبي الموحد إلى المسيحية باعتبارها عاملاً مميزاً ضمن الثقافة الأوروبية. \r\n \r\n ووسط هذا الخضم، بدأ المفكرون من الجانبين الاتفاق على نقطة واحدة، وتتمثل في أنه لابد من إصلاح قاعدة أخلاقية لأوروبا إنْ هي كانت ترغب مرة أخرى في تطوير إحساس قوي بالهوية. وفي هذا الإطار، يقول \"تيموثي شاه\"، زميل \"منتدى بيو حول الدين والحياة العامة\" في واشنطن: \"إن ما يحتاجه الاتحاد الأوروبي اليوم هو تأكيد أكبر على ما يميزه ويجعله فريداً -أي هويته وقيمه\"، مضيفاً \"والمثير للاهتمام أن أشخاصاً من مشارب مختلفة بدأوا يقولون الشيء نفسه\". \r\n \r\n لقد تحالف \"جوزيف راتزينغر\"، قبيل أن يصبح بابا الفاتيكان بفترة قصيرة، مع \"مارسيلو بيرا\"، الرئيس الأخير لمجلس \"الشيوخ\" الإيطالي، لمواجهة أزمة الهوية التي تعصف بأوروبا، فألفا كتاباً يحمل عنوان \"من دون جذور: الغرب، النسبية، المسيحية، الإسلام\". ويقول \"جورج ويغل\"، الخبير في الأديان: \"أعتقد أن ما حاول مارسيلو فعله هو تحديد مصطلح أخلاقي يمكن أن يتفق عليه المؤمنون وغير المؤمنين على حد سواء\"، وأضاف قائلاً: \"سنرى إن كان ذلك سينجح. أعتقد أنه لابد من أن يكون ثمة اهتمام جاد\". \r\n \r\n والحال أن \"بيرا\" والبابا بينيديكت السادس عشر يعملان في مجال حيث الفجوة في قيم أوروبا ما انفكت تتسع وتكبر. فمن جهة هناك دول مثل هولندا، التي قلَّ فيها دور الدين؛ وأسبانيا، حيث سمح للشواذ جنسياً بالزواج. وفي القطب المقابل هناك شخصيات مثل الرئيس البولندي \"ليتش كازينسكي\" وشقيقه التوأم رئيس الوزراء \"ياروسلاف كازينسكي\"، اللذين انتخبا لتعهدهما بمحاربة الفساد. ولكنهما اليوم يثيران اليوم زوبعة في أوروبا بسبب دفعهما بقيم تقليدية دينية مثل معارضة الشذوذ الجنسي. \r\n \r\n ويقول \"كريستوف بوبينسكي\"، مدير منظمة \"يونيا وان بولسكا\" للأبحاث في وارسو: \"إنه موضوع مناسب كي تركز حملتك عليه. غير أنه بطبيعة الحال لا يرضي أعضاء الاتحاد الأوروبي القدامى في أوروبا الغربية على اعتبار أنه يمثل تحدياً للثورة الليبرالية التي بدأت في الستينيات\". والأسبوع الماضي فقط، حاول رئيس وزراء بولندا أثناء زيارته لبروكسل تبديد مخاوف زملائه في الاتحاد الأوروبي من أن بلاده ليست معادية للشواذ جنسياً وليست معادية للأجانب. \r\n \r\n يقول \"روبين شيفورد\"، زميل مكتب صندوق مارشال الألماني في براتيسلافا بسلوفاكيا: لقد تميزت الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية بالمناقشة والنقد الذاتي، وطُرحت خلالها جملةٌ من القضايا على طاولة البحث، ومن بينها حقوق المرأة، وحقوق الأقليات، وحقوق الشواذ جنسياً، والإجهاض، وعقوبة الإعدام. وقد تمخضت النقاشات المحتدمة في الأخير عن تسامح أكبر وتشريعات أكثر ليبرالية. غير أن الوضع كان مختلفاً في أوروبا الشرقية حيث حال قمع الحزب الشيوعي للمعارضة دون حدوث مناقشات من هذا القبيل. وفي هذا الإطار، يقول شيفورد \"لم يكن من الممكن حينها تخيل وجود منظمات حقوقية، كما لم تكن ثمة أية آلية لإدراج هذه المواضيع ضمن الأجندة السياسية\"، مضيفاً: \"ونتيجة لذلك، يمكن القول إن أوروبا الشرقية متأخرة بأربعة عقود عن هذه النقاشات\". \r\n \r\n غير أن ذلك لا يعني أن دولاً مثل بولندا وسلوفاكيا ستصل إلى الوجهة نفسها بعد فترة مماثلة من النقاش. وفي هذا الإطار، يقول \"ريك لوسون\"، أستاذ القانون بجامعة \"ليدن\" في هولندا: سيكون من الغباء القول \"حسناً، في غضون 40 عاماً، ستكونون جميعكم دولاً هولندية\"، وأضاف: \"إن ذلك يتغاضى عن الاختلافات الجوهرية لأوروبا\". والواقع أن هذه الاختلافات تبدو واضحة أكثر في بولندا، التي تعد الأكبر من بين أعضاء الاتحاد الأوروبي العشرة الجدد، وأكثرها تديناً. \r\n \r\n فقد كان البولنديون مؤيدين جداً لانضمام بلادهم لحظيرة الاتحاد الأوروبي، وهو ما حدث في مايو 2004. غير أن الخطوة أثارت ردة فعل في أوساط \"المحافظين\" الذين يخشون فقدان الهوية الفريدة لبلادهم الكاثوليكية وسط علمانية أوروبا. والواقع أنه إذا كان صدام نظامي القيم العلمانية والدينية جلياً أكثر في بولندا، فقد كانت ثمة نقاشات حادة عبر كافة بلدان أوروبا خلال السنوات القليلة الماضية. \r\n \r\n ففي 2004 مثلاً، أثار \"روكو يوتيليون\"، وهو سياسي إيطالي كان مرشحاً لمقعد في المفوضية الأوروبية، موجة انتقادات شديدة بسبب إشارته إلى أن الشذوذ الجنسي إثم إلى درجة أنه اضطر إلى سحب ترشحه. وعندما دخلت \"شبكة الخبراء المستقلين حول حقوق الإنسان\" التابعة للاتحاد الأوروبي في الجدل حول اتفاق سلوفاكيا مع الفاتيكان، والذي يعفي الأطباء من إجراء عمليات الإجهاض، أقام المحافظون الدنيا ولم يقعدوها على خلفية ما اعتبروه تقويضاً للقناعات الأخلاقية الفردية من قبل العلمانية المهيمنة في أوروبا. \r\n \r\n وقد أثارت المسألة جدلاً محتدماً إلى درجة أنها أسقطت حكومة الائتلاف في سلوفاكيا وأرغمت السلوفاكيين على إجراء انتخابات مبكرة أسفرت عن قدوم \"اليمين\" المتطرف إلى السلطة. \r\n \r\n كريستا كيسا \r\n \r\n مراسلة \"كريستيان ساينس مونيتور\" في برلين \r\n \r\n مايكل جي. جوردان \r\n \r\n مراسل \"كريستيان ساينس مونيتور\" في براتيسلافا- سلوفاكيا. \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\" \r\n \r\n