وبموجب هذا المخطط، الذي من المتوقع أن يُكشف عنه النقاب الأسبوع الجاري، بدأت الأممالمتحدة هذا الشهر أول عملية تدقيق وفحص واسعة النطاق من نوعها للعراقيين الذين فروا إلى سوريا والأردن منذ الغزو الأميركي للعراق في 2003. إذ تأمل المنظمة الدولية في تسجيل ما بين 135000 و200000 منهم لتحديد العراقيين الذين هربوا من وطنهم بسبب القمع والاضطهاد ويستوفون الشروط الضرورية للحصول على وضع لاجئ. \r\n وإذا كانت الأممالمتحدة تتوقع أن ما بين 13000 و20000 عراقي يستوفون هذه الشروط، فإن الولاياتالمتحدة تأمل في استقبال 5000 منهم على الأقل هذا العام، يُتوقع أن يصل أول فوج منهم أواخر الربيع أو أوائل الصيف؛ غير أن مسؤولي الأممالمتحدة وإدارة بوش يشددون على إمكانية تغير هذه الأرقام في حال تغيرت الظروف في العراق وبلدان الجوار. \r\n من جهتهم رحب المدافعون عن اللاجئين بهذه الخطوة، إلا أنهم اعتبروا أن القليلين من اللاجئين العراقيين فقط هم من سيستفيدون من المخطط. وقد عملت إدارة بوش مؤخراً على إضعاف الانتقادات الحادة التي صدرت عن بعض المشرِّعين الأميركيين والحقوقيين المدافعين عن اللاجئين، والذين يرون أنها فشلت في توفير المأوى للعراقيين الهاربين من الحرب. وفي هذا الإطار، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية الأسبوع الماضي عن تشكيل فريق عمل بهدف تنسيق الجهود الرامية إلى استقبال اللاجئين العراقيين في الولاياتالمتحدة، وتقديم المساعدة للذين يعيشون في مناطق أخرى. \r\n ويرتقب أن يحدد \"أنتونيو جوتيريس\"، المفوض الأممي السامي المكلف بشؤون اللاجئين، و\"باولا دوبريانسكي\"، مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية المكلفة بالديمقراطية وشؤون العالم، ملامح مخطط اللاجئين هذا الأسبوع خلال مؤتمر صحفي في واشنطن. وكان \"جوتريس\" أخبر الصحافيين عندما كان في سوريا الأسبوع الماضي بهدف بحث أزمة اللاجئين بأن الوقت قد حان \"لتغيير طريقة تعاطي المجتمع الدولي مع هذه المشكلة\"، واصفاً إياها ب\"القضية الإنسانية التي يجب أن نعبئ من أجلها جميعاً\". \r\n وتقدر الأممالمتحدة أن مليوني عراقي فروا من ديارهم إلى خارج العراق، وأن 1.7 مليون عراقي آخر نزحوا إلى مناطق مختلفة داخل البلاد، نحو 500000 عراقي منهم تقريباً نزحوا منذ فبراير 2006، في وقت يفر فيه ما بين 40000 و50000 عراقي إضافي من ديارهم كل شهر. والحال أن الولاياتالمتحدة لم تمنح حق اللجوء منذ الغزو سوى ل466 عراقياً. \r\n ومن المرجَّح أن تصل بموجب المخطط أفواج اللاجئين العراقيين الأولى إلى الولاياتالمتحدة من تركيا؛ وكان معظمهم غادر العراق في عهد صدام حسين. أما المجموعة الثانية، فمن المرتقب أن تصل من سوريا، متبوعة بمجموعة أخرى من الأردن. ومن المتوقع أن تضم هذه المجموعات عراقيين تم تحديدهم قصد تعويضهم لتعاونهم مع السلطات الأميركية. \r\n وتقول \"كريستيل يونس\"، من \"منظمة اللاجئين الدولية\"، عن المخطط: \"إننا نرحب بهذه الخطوة؛ غير أن أعداد المستفيدين صغيرة مقارنة مع الاحتياجات الحقيقية\". ومن جانبه، ردد السيناتور \"الديمقراطي\" إدوارد كنيدي من \"ماساتشوسيتس\" هذه المخاوف، محذراً من أن الولاياتالمتحدة \"لا يمكنها أن تستمر في تجاهل معضلة اللاجئين العراقيين\". كينيدي، الذي دعا إلى جلسة استماع بمجلس \"الشيوخ\" حول الموضوع الشهر الماضي، قال \"لا يمكننا أن نحل المشكلة لوحدنا، ولكن من الواضح أننا نتحمل مسؤوليات كبيرة في هذه الأزمة\". \r\n وحسب بعض المسؤولين، فإن أزيد من 5000 شخص اصطفوا هذا الأسبوع في العاصمة السورية دمشق، حيث شرعت الأممالمتحدة في تسجيل العراقيين النازحين هذا الشهر، من أجل طلب الحصول على وضع لاجئ. ومما يذكر أنه كان يُسمح للعراقيين حتى عهد قريب بدخول سوريا بدون تأشيرة؛ غير أن السلطات السورية منذ يناير الماضي -يقول اللاجئون العراقيون الذين يعيشون في سوريا- تطالب العراقيين الراغبين في دخول البلاد بالحصول على تأشيرات زيارة لفترة 15 يوماً، يمكن استبدالها لاحقاً بتأشيرات لفترة ثلاثة أشهر لا يمكن تجديدها سوى مرة واحدة. \r\n وبالرغم من أن الحكومة السورية لم تدلِ بتصريح يؤكد التدابير الجديدة أو ينفيها، إلا أن العراقيين تقاطروا بأعداد كبيرة على مكاتب الأممالمتحدة قصد تسجيل أنفسهم والحصول على وضع لاجئ رسمي، مخافة أن يتم ترحيلهم قريباً إلى وطنهم. \r\n وقد وضعت الأممالمتحدة، التي عبرت عن حاجتها إلى 60 مليون دولار لمساعدة العراقيين النازحين، ثلاثة أرقام هاتفية تحت تصرف العراقيين الذين يواجهون احتمال ترحيلهم من سوريا. كما تعتزم إرسال المزيد من موظفيها إلى المنطقة وفتح مواقع جديدة للتسجيل في سوريا والأردن تلبية للإقبال الكبير. \r\n والحال أن هذه الجهود، على جديتها، لم تنجح في تبديد قلق العديد من الأسر العراقية القلقة. فقد تجمع العشرات من العراقيين بأحد فنادق دمشق حيث عقد \"غوتريس\" مؤتمراً صحافياً يوم الجمعة؛ غير أنه في الوقت الذي بدأ فيه الصحافيون في مغادرة القاعة، أخذ العديد من العراقيين يصيحون قائلين إن لديهم رسالة للأمم المتحدة، ومنهم سامي الهاشم، وهو مهندس من بغداد، الذي حمل طفله ذا العامين، وصاح أمام موظفي الأممالمتحدة والصحافيين \"للنظر إلى هذا النموذج من اللاجئين العراقيين\". وفي وقت همَّ فيه \"جوتريس\" بمغادرة القاعة، بدا \"هاشم\" يقاوم دموعه، وقال: \"لقد سمعت أن أمين عام الأممالمتحدة سيكون هنا اليوم، وكنت أرغب في إعطائه رسالة\"، مضيفاً \"إن لدي عشرة أطفال، ولا أعرف ماذا أفعل؛ والواقع أنه إذا أعادونا إلى العراق، فإننا جميعاً سنُقتل\". \r\n \r\n \r\n راتشل سوارنز \r\n محررة الشؤون الخارجية في \"نيويورك تايمز\" \r\n كاثرين زوف \r\n مراسلة \"نيويورك تايمز\" في دمشق \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"نيويورك تايمز\" \r\n \r\n