\r\n \r\n وأظهر بحث حديث لمعهد أبحاث السياسة العامة أن بريطانيا تمر بمرحلة مصيرية في حركة انتقال المهاجرين الدولية وقد وصل 565 ألف شخص إلى بريطانيا، في عام 2005، وأعلنوا عن رغبتهم في البقاء داخل بريطانيا لمدة عام على الأقل وفي نفس هذه الفترة ، غادر أكثر من 380 ألف شخص بريطانيا لمدة عام أو أكثر ومن بين الأشخاص الذين غادروا بريطانيا، كان أكثر من نصفهم من المواطنين البريطانيين، ليزيد هذا من عدد الجالية البريطانية القوية التي تنتشر في شتى أنحاء العالم والتي يقدر عددها بنحو 5.5 مليون شخص. \r\n وبطريقة أخرى، يعيش حوالي عشر المواطنين البريطانيين تقريباً في الخارج ويزيد عدد المهاجرين البريطانيين إلى الخارج عن عدد المهاجرين الأجانب الموجودين داخل بريطانيا. ويحتل هذا النوع من حركة المهاجرين مكانة مميزة على الجانب الدولي وقد تستقبل الولاياتالمتحدة المزيد من المهاجرين البريطانيين، ولكن الأميركيين يبدون أقل استعداداً للهجرة مقارنة بالبريطانيين وتقل نسبة الفرنسيين والألمان الذين يعيشون في الخارج عن نسبة البريطانيين المغتربين وترسل دول مثل استراليا وكندا ونيوزيلندا أعدادا كبيرة من المهاجرين إلى الخارج، ولكن إجمالي هذه الأعداد مجتمعة تقل عن عدد المغتربين البريطانيين وفي الحقيقة، ينافس حجم وانتشار المهاجرين البريطانيين في شتى أنحاء العالم أعداد المهاجرين الهنود والصينيين في الخارج ولكن ما هي العوامل المسببة لتدفق المهاجرين البريطانيين إلى الخارج ؟ من الجهل والبلاهة أن نذكر أن هذه الظاهرة تعود لأسباب اقتصادية، حيث شهدت بريطانيا خلال العقد الأخير نمواً اقتصاديا مطرداً وقوياً ووفد العمال الأجانب إلى بريطانيا للعمل في المهن التي يمتنع البريطانيون عن العمل بها ويأتي نصف الأطباء والممرضين العاملين في الخدمات الصحية ببريطانيا ونصف الصحفيين الذين يشتغلون في الصحف البريطانية وكل السباكين الذين يعملون في بريطانيا من الخارج وفي نفس الوقت، يقدم عدد كبير من البريطانيين على مغادرة بلادهم والهجرة للخارج . \r\n وقد فتح الوضع القوي للجنيه الاسترليني وارتفاع اسعار المنازل في بريطانيا خيار الهجرة أمام المزيد والمزيد من البريطانيين ومع استفادة عدد كبير من مواطني دول شرق أوروبا من رخص أسعار الطيران، وحرية الحركة والانتقال داخل دول الاتحاد الاوروبي، تحركت أعداد كبيرة وغير متوقعة من البريطانيين الى الدول الواقعة بجنوب القارة الأوروبية وتضم أسبانيا حوالي 760 ألف بريطاني في الوقت الحالي وقد وصل معدل إقبال البريطانيين على شراء المنازل خارج بلادهم إلى 68% على مدى السنوات العشر الأخيرة في دول مثل بلغاريا والرأس الأخضر ويفكر عدد كبير من العمال البريطانيين الشبان الذين يتمتعون بمهارات عالية في الهجرة إلى الخارج في ظل الإغراءات بوجود فرص عمل أفضل بالخارج أو بحثاً عن المغامرة ويبدو أن العمال البريطانيين تحولوا إلى أهداف استقطاب رئيسية لبعض الدول الأخرى وتقيم استراليا معارض منتظمة في بريطانيا من أجل جذب العمال البريطانيين للعمل في أراضيها. \r\n وظاهرياً، يبدو أن هناك \"نزيفا واسعا للعقول\" في بريطانيا، حيث فقدت بريطانيا خلال الربع قرن الأخير حوالي 1.38 مليون مهاجر يتمتعون بمهارات وكفاءة عالية هذا هو وضع الهجرة في بريطانيا وخلال نفس الفترة، جذبت بريطانيا 1.42 مليون مهاجر يتمتعون بمهارات وكفاءة عالية وهذا النوع من تبادل المهارات لا مثيل له بين الدول الأعضاء في منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي ويشكو عدد كبير من المعلقين المحليين من أن هذا النوع من الحركة سيئ ، وأنه من الأفضل أن تحتفظ بريطانيا بعمالها من أجل تقليل الحاجة للمهاجرين الأجانب ولكن هذه الفكرة تنطوي على كثير من المشاكل لأنها إما تنبع من أفكار عنصرية أو تعتمد على قراءة خاطئة للمشكلة . \r\n ويساهم النجاح الاقتصادي لبريطانيا في توفير الوسائل التي تحد من الطلب على العمال الأجانب قدر الإمكان، ولكن الحد من الهجرة إلى بريطانيا قد يضر فعلاً بالإمكانيات الاقتصادية لبريطانيا ويساهم الانفتاح والمرونة التي يتمتع بها الاقتصاد البريطاني في احتلال هذا الاقتصاد لمكانة متميزة بين اقتصاديات العالم فيما يتعلق بالمنافسة الدولية ومن الطبيعي أن يكون أكثر مطارات العالم حركة وانشغالاً وأكبر المراكز المالية في العالم أكبر مركز لتبادل المهارات في العالم أيضاً ولا تستفيد بريطانيا فقط من أفضل العمال المؤهلين في العالم، ولكنها تستفيد أيضاً عندما يعود البريطانيون إلى بلادهم بالخبرات والمهارات الجديدة التي اكتسبوها من عملهم بالخارج وحتى الأشخاص الذين يقيمون في الخارج بصورة دائمة يوفرون فرصة هامة للاستثمار والتبادل التجاري والثقافي الذي يمكن أن يساعد بريطانيا على المدى الطويل ويفرض ميزان الهجرة من وإلى بريطانيا تحديات مختلفة ومميزة لصانعي السياسة في بريطانيا، ولكن حركة المهاجرين هذه يجب أن يتم تدعيمها بدلاً من مقاومتها. \r\n \r\n دهانانجايان سريسكاناراجاه \r\n مساعد مدير معهد ابحاث السياسة العامة بمدينة لندن. \r\n خدمة انترناشيونال هيرالد تريبيون خاص ب(الوطن)