\r\n وقالت إنها أصبحت أكثر وعياً بهذا التغير خلال الأسابيع القليلة الماضية، خاصة بعد أن بلغ حد ترهيبها وتخويفها، على نحو ما يحدث للكثيرات من مثيلاتها المنقبات، اللائي يتعرضن لإساءة المعاملة والمضايقات من الذين حولهن. يذكر أن \"أخوات الحجاب\" قد أضحت ظاهرة واضحة الانتشار في بريطانيا في الآونة الأخيرة. وكما تقول معلقة، فإن كل الذي يستشفه المرء مما يجري حوله، إنما يعبر عن منحى سلبي في سلوك الشارع البريطاني حيال المحجبات. \r\n \r\n ومنشأ هذا التغير السلوكي إزاء المسلمات المحجبات، يعود إلى حوار عام محتدم الآن في الشارع البريطاني، حول ما إذا كان النقاب، وما يستتبعه ويرمز إليه من تعددية ثقافية واسعة، عرف بها المجتمع البريطاني، لا يزالان ينسجمان مع الحداثة التي تشهدها بريطانيا الآن، خاصة وأن في اعتقاد الكثيرين، أن ارتداء الحجاب وما يستبطنه من تعددية، إنما أصبحا يخدمان أغراض ونوايا الانفصال التام عن جسد المجتمع الأم وثقافته؟ والشاهد أن السؤال نفسه أصبح يطرح اليوم بصياغات وطرق متعددة، على امتداد الدول الصناعية المتقدمة كلها، من هولندا إلى الدانمرك، مروراً بفرنسا، ووصولاً إلى ألمانيا ثم أستراليا الواقعة في أقاصي الدنيا. وكلما امتد أمد الثقافة الصراعية التي أفرزتها هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وما تلاها من إعلان الحرب الدولية على الإرهاب، وردود أفعالها المتمثلة في انتشار ثقافة الجهاد الانتحاري، والقنابل البشرية المناوئة في مفاهيمها وأدوات عملها لأميركا والغرب، كلما تعذر تجاهل حالة شبه الانفصال الثقافي الاجتماعي التي تعيشها الجاليات المسلمة المهاجرة في الغرب. \r\n \r\n والسؤال الرئيسي الذي يبقى هو: كيف يمكن دفع هذه الجاليات نحو الاندماج في مجري التيار الرئيسي للمجتمعات الغربية التي وفدت إليها؟ وعلى رغم حلاوة الجزر وإغرائه، إلا أنه ربما لا يفيد ويؤدي غرضه في كثير من الأحيان. وفي المقابل فإن في استخدام العصا، ما يهدد بتعميق عزلة وإقصاء الجاليات ذاتها التي تسعى الحكومات الغربية لدمجها في نسيج المجتمع الأصلي الأم. وكما جاء على لسان \"أشقر بخاري\"، وهو أحد قادة \"لجنة الشؤون العامة للمسلمين\" –وهي منظمة تنشط من أجل المطالبة بالمزيد من تمثيل المسلمين البريطانيين البالغ عددهم 1.8 مليون نسمة، في الحياة السياسية لبلادهم- فإنك إن أردت إشراك شخص ما معك، فإياك أن تبدأ بمهاجمته أملاً في استقطابه. فالنتيجة الوحيدة المتوقعة لسلوك عدواني كهذا هي شعور الأشخاص أو الجماعات المستهدفة، بأنه ليس من مكان لهم في حياة المجتمعات التي يعيشون في كنفها. \r\n \r\n \r\n وهناك في ذلك الركن القصي من العالم، تميل أستراليا أكثر فأكثر، باتجاه رفع العصا، في مسعى منها لإرغام مسلميها البالغ تعدادهم نحو 360 ألف نسمة، ويمثلون نسبة 1.5 في المئة من إجمالي تعداد سكانها، على المزيد من الاندماج في نسيج المجتمع الذي هاجروا إليه. وعلى الرغم من أن المجتمع الأسترالي يتألف من أفراد -وُلد واحد بين كل أربعة منهم في الأغلب الأعم، خارج حدود أستراليا، أي من مهاجرين في الغالب، فإنه لا يزال ينظر إلى التعددية الثقافية نظرة سلبية، ويسعى للقضاء عليها ما وسعه ذلك. ضمن ذلك فقد تحدث رئيس الوزراء الأسترالي جون هوارد مؤخراً عن ضرورة الانتقال من مرحلة قوة التعبير عن التعددية الثقافية، إلى تعزيز الشعور القومي بالهوية الأسترالية. وكما جاء في تعليق \"شارون رايد\" مديرة \"اتحاد مجالس الجاليات العرقية الأسترالية\" فقد تأثرت التعددية الثقافية العرقية سلباً ببيئة الشك واللايقين التي نعيش فيها اليوم. فالناس يفزعون من الإرهاب وممارساته وجرائمه بالطبع، مع ملاحظة أن أوراق التعددية الثقافية، قد اختلطت بكل هذا المزيج المعقد المركب من الانتماء والجريمة. \r\n \r\n يذكر أن أستراليا قد حذرت الجالية المسلمة في الشهر الماضي، قائلة إن قبول المسلمين إنما يتطلب نبذهم للعنف والإرهاب، مع إبداء الاستعداد لتعلم اللغة الإنجليزية. وقالت إن على القادة والزعماء المسلمين هناك، إبداء روح التسامح وإقرار حرية التعبير. إلى ذلك طالب مسؤولون حكوميون على مستوى وزاري، بضرورة احترام الرجال المسلمين للنساء، بينما قال \"جون هوارد\"، إن الاندماج الكامل للجاليات المهاجرة، إنما يعني قبول القيم الأسترالية كما هي. \r\n \r\n غير أن هناك من المسلمين الأستراليين من حذر من مغبة ردود الأفعال التي ربما تترتب عن مثل هذه التهديدات، مشيراً إلى أحداث الشغب العنصرية التي شهدتها إحدى ضواحي سيدني في شهر ديسمبر من العام الماضي. وكانت عصابات من الشباب الأستراليين البيض، ارتدت ملابس مصنوعة على غرار العلم الأسترالي، قد أقدمت على مهاجمة شباب ذوي ملامح شرق أوسطية، وبالتحديد: لبنانيين. فما كان إلا أن رد هؤلاء عليهم، فاندلع حريق الشغب العنصري بين الشباب. ومهما يكن فإن في نية وخطط الحكومة الأسترالية الآن، فرض شروط أكثر تشدداً للحصول على الجنسية الأسترالية، تشمل بين ما تشمل، خضوع المتقدم للجنسية لامتحان تحديد مستوى لغوي، إضافة إلى ضمان معرفته الحقة بتاريخ وثقافة المجتمع الأسترالي. يلاحظ أن هذه الشروط لا تزيد حتى الآن على مجرد قائمة معروفة لحقوق المواطن الأسترالي، كان يحفظها كل متقدم بطلب الجنسية، فيحصل عليها دون أدنى تعقيدات. ولكن السؤال الذي لا يزال قائماً هو: هل تفلح العصا في حل مشكلة دمج الجاليات المسلمة المهاجرة في الغرب؟ وما هي أنجع السبل لعلاج حجاب العزلة الأنثوية المسلمة هناك؟ \r\n \r\n \r\n مارك رايس أوكسيلي \r\n \r\n مراسل صحيفة \"كريستيان ساينس مونيتور\" في لندن \r\n \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\" \r\n \r\n