\r\n لقد ذهبت التعددية الثقافية إلى أبعد حد - كما يقول بعض المراقبين - مفضية إلى تفرقة عنصرية طوعية و تنمية منفصلة للمجموعات العرقية المتعددة في بريطانيا . فقد عجلت تفجيرات لندن في يوليو الماضي بموجة من الانتقاد للدور الكريه افتراضا للتعدية الثقافية في إغضاب وتغريب الأعضاء الشباب الذكور في الجاليات المهاجرة المسلمة في بريطانيا وجعلهم عرضة للعنف الإرهابي . وتلك الصيحة أفضت ببعض السياسيين البريطانيين إلى الدعوة إلى التساؤل حول التزام بالتسامح العنصري , والذي ميز بريطانيا لعقود , مع وجود بعض الاستثناءات المرثى لها, عن شركائها الأوربيين . وبعض الاقتراحات التي قدموها معقولة , مثل تدقيق وفحص بمزيد من العناية للمؤيدين الأجانب للإرهاب المشتبه فيهم المزعومين الذين يطلبون الدخول إلى بريطانيا . على أن بعض الاقتراحات الأخرى تأتي بنتيجة عكسية على نحو مسبب للخلاف والشقاق , مثل اقتراح أعلن عنه هذا الشهر بإخضاع فقط المواطنين المتجنسين بالجنسية البريطانية ( وذوي البشرة السمراء عموما ) , وليس غيرهم , للترحيل بسبب التطرف المحدد تحديدا مبهما . والآن , بدأ الفرز العنصري الصريح للرجال الذين تبدو عليهم الملامح الآسيوية من جانب شرطة لندن في إشعال معارضة في أوساط كثيرين من مسلمي بريطانيا , الذين سيكون دعمهم مهما في جهود مكافحة الإرهاب المستقبلية . إن فكرة أن التسامح الزائد نحو الأقليات العرقية والمهاجرين قد بذر بذور العنف الإرهابي ستكون فكرة مضحكة إن لم تكن خاطئة بالأصل . إن دعم التكامل والاندماج القوي للمجموعات المهمشة في المجتمع البريطاني يجب أن يكون أولوية . ولكن إنهاء انفتاح بريطانيا على الآخرين سيكون خطأ لا يغتفر . فالإرهاب ليس مقصورا على البلدان التي تدعم التعددية العرقية , بل على العكس , فالإرهابيون يزدهرون في المجتمعات التي تقمع المنشقين والتي تنعدم فيها المؤسسات الأساسية للحكم الرشيد الصالح . وإذا كانت عملية إفقار وإغضاب وتغريب الشباب المهاجر تشكل عامل خطورة أمنية ( فضلا عن كونها قضية إنسانية ) , فإن هذا يمكن أن يعكس ليس كثيرا من التعددية الثقافية ولكن يعكس عدم وجود إجراءات كافية ضد التمييز . إن السياسات الخاصة بالتعددية الثقافية تستلزم تسامحا وقبولا للأقليات العرقية وممارساتها الثقافية . لقد قادت بريطانيا - لأكثرمن ثلاثة عقود - أوروبا في تبني تشريع مناهض للتمييز . ولكن عملية العزل الجارية المستمرة لجاليات الأقلية لهي دليل على أن جهودا أكثر تنظيما وتماسكا وتناغما ازمة ومطلوبة لمكافحة التحيز وتحسين التعليم ما بين الثقافات المختلفة وتوفي التدريب على العمل القائم على المهارات ودعم الوضع الاقتصادي الحقيقي . فالولاء لأي أمة أو دولة يغرس بشكل فعال بتكافؤ الفرص أكثر مما يغرس بالأناشيد الوطنية . ولكن التسامح العرقي ليس سياسة تفضيلية قاصرة على بريطانيا . فهناك مرسوم للاتحاد الأوروبي يطالب كل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بحظر ومواجهة التمييز على أسس عنصرية أو عرقية . ومنذ عام 2000 , كانت المفوضية الأوروبية , وهي الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي , تشرف وترقب بقوة تحويل مبدأ المعاملة المتساوية هذا في القانون الوطني لكل دولة في كل مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية . والدرس واضح : لا تستخدموا نفس التهديد الحقيقي للإرهاب في تبرير القضاء على أكثر من ربع قرن من الإنجاز البريطاني في مجال العلاقات بين العناصر والعرقيات المختلفة . إن مكافحة الإرهاب هي أساسا مهمة هيئات تنفيذ القانون وأجهزة الاستخبارات . و ماهو هناك حاجة إليه هو مزيد من العمل الحكومي في دعم تكافؤ الفرص وليس التقليل من الفرص المتساوية . \r\n وعلى امتداد جل العالم , هناك إعجاب بحق بالنموذج البريطاني في الحكم الديمقراطي المستنير والفكر الليبرالي المدعوم من هيئة قضائية مستقلة ملتزمة بحكم القانون . وسيكون من العار , بالنسبة لبريطانيا والآخرين , إذا أصبحت هذه التقاليد الراسخة ضحية أخرى من ضحايا الحرب المضللة على الإرهاب . \r\n \r\n \r\n جيمس غولدستون \r\n مدير مبادرة عدالة المجتمع المفتوح والتي تسعى إلى إصلاح قانوني قائم على الحقوق