\r\n \r\n \r\n \r\n وفي الحقيقة أن ذلك لم يكن يمثل سوى مجرد خطوة على طريق الفشل النهائي لنظام حظر الانتشار النووي، وهو الشيء المتوقع طالماً أن الدول الخمس الكبرى التي وقعت على المعاهدة عام 1968 لم تلتزم بنص المادة السادسة منها والتي تنص على العمل على تقليص، وفي النهاية التخلص، من ترساناتها النووية. والأزمة الكورية تظهر بشكل واضح أنك لا يمكن أن تحتفظ بترسانتك من الأسلحة النووية وتتوقع في الوقت ذاته لاتفاقية حظر الانتشار أن تستمر. \r\n فمن الطبيعي في حالة عدم التزام تلك الدول الخمس التي أضيف إليها بعد ذلك إسرائيل والهند وباكستان والآن كوريا الشمالية ببنود تلك المعادلة، أن تسعى أي دولة ترى أنها مهددة من أي دولة من تلك الدول النووية إلى الحصول على السلاح النووي لحماية نفسها. \r\n إن تعهد الدول الخمس، وبالذات الولاياتالمتحدة الأميركية بالتخلي عن ترسانتها النووية في نهاية المطاف لم يكن مقنعاً في أي وقت. ولعل ذلك كان هو السبب الذي دفع بيونج يانج إلى إعلان انسحابها من تلك المعاهدة عام 2003 بعد أن تعرضت للشجب من جانب إدارة بوش. \r\n والتجربة النووية الكورية الشمالية لم تكن إلا ردة فعل على ما تراه بيونج يانج من تهديدات أميركية بالتدخل لتغيير النظام فيهما فالفائدة الوحيدة التي يمكن لدولة صغيره أو ضعيفة نسبية أن تستفيدها من السلاح النووي هي الدفاع عن نفسها أو ردع دولة أقوى منها على العدوان عليها. \r\n وحتى من هذه الناحية، فإن استخدام تلك الأسلحة من جانب الدول الصغرى قد لا يكون مقنعاً، لأن الفائدة التي يمكن أن تجنيها منها لا تتناسب مع حجم الدمار الذي سيلحق بها إذا ما قررت استخدامها دفاعاً عن نفسها وخصوصاً إذا ما كان العدو الذي يواجهها من النوع الذي لا يرحم. \r\n ففي حالة كوريا الشمالية، وإذا ما صحت مخاوف نظام بيونج يانج، وقامت أميركا بشن هجوم على بلاده بالقوات التقليدية، وقامت بيونج يانج رداً على ذلك بشن هجوم انتقامي بالأسلحة النووية بمستوى الهجوم الذري على هيروشيما ونجازاكي ضد سيؤول وضد القوات الأميركية الموجودة هناك، فمن سيكون المستفيد في تلك الحالة ومن سيكون المتضرر؟ \r\n لقد أمضى \"برنارد برودي والفرد وولستتر\" وغيرهما من العلماء عقدي الخمسينيات والستينيات وهم يحاولون التفكير في طرائق ذكية لاستخدام الأسلحة النووية في تحقيق الأهداف الوطنية دون أن يحققوا نجاحاً يذكر في ذلك. \r\n فإذا ما كان العدو يمتلك أسلحة نووية وبصرف النظر عن براعة التكتيكات الهجومية التي يقوم بتوظيفها، فإن الخطر الذي يمكن أن ينشأ عن حدوث إخفاق، أو عن حدوث هجوم انتقامي كاسح كان ذا أكلاف عالية بأكثر مما يمكن قبوله. إننا نحمد الله على أن فائدة السلاح النووي قد اقتصرت فقط على الردع وهو ما ينطبق على دول مثل كوريا الشمالية وإيران فهذا تحديدا هو الغرض الذي تسعى هاتان الدولتان إلى اقتناء مثل هذه الأسلحة من أجله. الأميركيون والإسرائيليون الذين يدعون لشن حرب على إيران يتحدثون عن عدوان نووي إيراني، أو عن ابتزاز نووي إيراني أو عن قيام هذه الدولة بمنح هذا السلاح للإرهابيين. ولكن الحقيقة أن أيا من هذه الادعاءات ليس جدياً، إذ لا يمكن لدولة أن تقوم بمهاجمة أو ابتزاز الدول الأخرى نووياً ما لم يكن لديها ما يطلق عليه المخططون النوويون\" القدرة المؤكدة على توجيه ضربة ثانية\" أي ضمان أنه حتى إذا ما قام عدوك بالرد على الضربة التي وجهتها له، فإنه سيظل لديك القدرة المؤكدة على توجيه ضربة ثانية لإلحاق درجة من الضرر به لا يمكن قبولها. \r\n ليس هناك شك في أن العالم كان محظوظاً عندما تمكن من الحد من انتشار الأسلحة النووية على النحو الذي تحقق منذ عام 1945. لقد كانت معاهدة حظر الانتشار النووي فكرة جيدة، لكن الدول الكبرى لم توقع عليها بنية صادقة كما أنها لم تكن مخلصة في الالتزام بتعهداتها بموجبها. \r\n التهديدات التي وجهتها القوى الكبرى \"للدول المارقة\" أو لأي دولة تفتقر إلى الأسلحة التقليدية تمثل في حقيقة الأمر دعوة لا تقاوم لتلك الدول كي تقوم بالسعي للحصول على أسلحة نووية. الشيء الوحيد الطيب فيما يتردد من أقاويل حول الموقف الذي نجد أنفسنا فيه الآن هو أن الحكومتين اليابانية والصينية ستنحوان إلى أن تكونا أكثر حرصا وأكثر تعاوناً عما كانتا عليه في الماضي. \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"تريبيون ميديا سيرفس\" \r\n