\r\n وقد جاء التشريع الذي اقترحه الرئيس بوش الأسبوع الماضي حول كيفية التعامل مع المشتبه في علاقتهم بالإرهاب، وحول التنصت لتؤجج مخاوف الناس وتذكي هواجسهم حيال الحريات العامة في أميركا. ومع ذلك يلحُّ علينا سؤال آخر: هل من الممكن أن تؤدي الحرب على الإرهاب، بالإضافة إلى ضمان الأمن الأميركي الداخلي، إلى تكريس حقوق الإنسان في العالم؟ دعونا ننظر إلى بعض السوابق التاريخية فقد كان أعظم انتصارين أحرزهما العالم في الوقت المعاصر، وربما في جميع الأوقات لدفع قضية حقوق الإنسان، هو انتصار \"الحلفاء\" على \"دول المحور\" في الحرب العالمية الثانية، وهزيمة الغرب للاتحاد السوفييتي في الحرب الباردة. \r\n \r\n ولنتذكر أن تلك الأخطار لم تكن محدقة فقط بالولاياتالمتحدة، بل كانت تطرح تهديداً خطيراً على مستقبل حقوق الإنسان والحريات في جميع أنحاء العالم. وإلى الانتصارين السابقين يمكن أيضاً إضافة انتصار الولايات الشمالية في الحرب الأهلية الأميركية وما كان لذلك من أثر في دعم الحريات داخل الولاياتالمتحدة. ولن يستطيع تشريع، أو قرار قضائي مهما علا شأنه أن يضاهي النتائج الباهرة التي حققها الانتصاران في الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة من حيث تكريس حقوق الإنسان والدفاع عنها. وبالمثل لا يمكن أبداً مقارنة الجهود المضنية التي تبذلها جماعات الدفاع عن الحريات على أهميتها القصوى بما حققته جيوش \"إيزنهاور\"، والطيارون الذين كانوا يحلقون فوق برلين عندما يتعلق الأمر بتخليص البشرية من شرور النازية المعادية لحقوق الإنسان والحريات. ومع ذلك فإن تلك الانتصارات رغم ما حققته من إنجازات، لم تمر من دون أخطاء. \r\n ففي الحرب العالمية الثانية قمنا باعتقال الأميركيين من أصول يابانية، ولم نتردد في التحالف مع ستالين الذي يعتبر أبشع ديكتاتور شهده التاريخ بعد هتلر. كما أخطأنا عندما استسلمنا إبان الحرب الباردة إلى المكارثية وتحالفنا مع الجنرال فرانكو في أسبانيا، بالإضافة إلى مجموعة أخرى من ديكتاتوريي العالم. وبالطبع لا يمكن أبداً تبرير ما تعرض له الأميركيون من أصول يابانية من اعتقالات واسعة خلال الحرب العالمية الثانية، ولا يمكن أيضاً مقارنة برنامج الرئيس \"ترومان\" لاستئصال جواسيس الاتحاد السوفييتي مع الحملة الهوجاء التي شنها السيناتور مكارثي على كل من اشتبه فيه، وهو ما ألحق ضرراً فادحاً بجهود مناهضة الشيوعية. ومهما يكن ما نستطع قوله عن تحالفنا مع ستالين المناوئ للديمقراطية، إلا أنه كان ضرورياً لهزيمة النازية. هذه الأخطاء والتجاوزات التي طبعت التاريخ الأميركي لا يمكن أبداً مقارنتها بما يجري حالياً من خروقات. فحرية التعبير في أميركا مازالت قوية، بما في ذلك حرية التعبير ضد الحرب نفسها ولم تتأثر رغم ما يقال عن انحسار الديمقراطية في الولاياتالمتحدة. \r\n وبالنسبة لبرنامج التنصت على المكالمات، أو مراقبة الأرصدة البنكية فإنه إلى حد الآن لم تثبت أية حالة لاستغلال المعلومات لأغراض خاصة. وحتى عندما تم حرمان المشتبه فيهم بالإرهاب من حقوقهم القانونية فإنه لم يتم تسجيل أية حالة من حالات الإدانة العشوائية الخاضعة لأهواء مسؤول من المسؤولين. وبالطبع لا يمكن أيضاً مقارنة ما يتعرض له المسافرون ذوو الملامح الشرق أوسطية في المطارات بالمضايقات الخطيرة التي خضع لها الأميركيون من أصول يابانية خلال الحرب العالمية الثانية. وبالرغم من صعوبة تقييم مدى ضرورة القيام بتلك الإجراءات، فإنه فيما عدا فضيحة سجن \"أبو غريب\" فإن التدابير التي تنتهجها الولاياتالمتحدة إنما تندرج في إطار الحرب على الإرهاب، وهي حرب تسعى في المحصلة النهائية إلى دحر أعداء الحرية وترسيخ حقوق الإنسان. \r\n \r\n جوشوا مورافيك \r\n أكاديمي بمعهد \"أميركان إنتربرايز\" \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\" \r\n \r\n