\r\n ولكن ها قد فات الوقت على هذا التحذير بعد أن بلغ سعر برميل النفط 70 دولاراً. والشاهد أن غاز الإيثانول يمثل أحد أفضل الخيارات وأكثرها وعداً. والمعروف عن غاز الإيثانول أنه غاز كحولي يستحضر من الذرة الشامية وقصب السكر أو أياً من مواد البيوماس. ولهذا السبب فقد جئت هنا إلى البرازيل كي أقف بنفسي على الحقيقة والوهم في قصة الإيثانول هذه. أما اختياري للبرازيل قبلة لهذه الرحلة الاستكشافية, فقد فرضته عليّ حقيقة أنها الدولة الرائدة والأكثر سبقاً في الاتجاه لخيار الإيثانول بديلاً للنفط. والانطباع الذي نشأ لديَّ, إثر مقابلتي لعدد من خبراء الطاقة هنا, أن قصة الإيثانول ليست واقعية فحسب, بل إننا لم نصل بعد إلى وعدها الذي تقدمه للبشرية في مجال الطاقة البديلة. ولا تحتاج البرازيل إلا لتحقيق القليل من الطفرات التكنولوجية كي تتحول إلى \"سعودية\" أخرى للسكّر, وبفضلها سيكون ممكناً لنا جميعاً تحقيق ذلك الحلم الوقودي الطامح إلى استخراج براميل الوقود من قناطير وأطنان القمح وقصب السكر وما إلى ذلك من مواد يستخرج منها غاز الإيثانول. \r\n ومنذ صدمة النفط التي تلقاها العالم في عقد السبعينيات, استطاعت البرازيل أن تجعل من الإيثانول أحد خياراتها اليومية, بفضل مثابرتها على التعلم المستمر من تجربتها في هذا المجال. وما أن تذهب إلى أي محطة وقود في مدينة ساو باولو حتى تقف على هذه الحقيقة مباشرة. وستجد نفسك بحاجة ماسة لشيئين اثنين: آلة حاسبة وبطاقة ائتمانية. وبحسابات تقريبية سريعة, فإن غاز الإيثانول المستخلص من السكر, يباع في هذه المحطات بما يزيد قليلاً على الدولارين للجالون الواحد, بينما يباع فيها الديزل بما يزيد قليلاً على الأربعة دولارات. ولما كان جالون الإيثانول يقطع أميالاً بنسبة 70% من تلك التي يقطعها مقابله من الديزل, فإنه تحتم على السائقين إعادة حساباتهم كل يوم ليتأكدوا من أن سعر الإيثانول يقل عن سعر نظيره من الديزل بنحو 30% على الأقل. \r\n ويتمتع البرازيليون بهذه الرفاهية في مجال استخدام الوقود, بفضل وجود 34 ألف محطة وقود تقدم خياري الديزل والإيثانول للسائقين. \r\n أما في الولاياتالمتحدة الأميركية كلها, فلا توجد سوى 700 محطة فقط على هذه الشاكلة. بل إن نسبة 70% من السيارات الحديثة التي تباع الآن في الأسواق المحلية, توفر خيار القيادة إما باستخدام الإيثانول أو الديزل. وقد قمت بزيارة إلى مطاحن قصب السكر في \"كوسان\" بشمال غربي البرازيل, وهي الأكبر على الإطلاق من نوعها, حيث حلقت بي طائرة فوق محيط جامح وعريض من مزارع قصب السكر الخضراء. وعادة ما يتم ترحيل قصب السكر بالشاحنات الكبيرة إلى مصفاة السكر في \"كوسان\". وهناك يجري استخلاص العصير وتحويله إما إلى سكر بلوري أو غاز إيثانول. أما فضلات القصب, فتستخدم هي الأخرى كوقود للغلايات البخارية العملاقة, أو في توفير ما يكفي من الطاقة الكهربائية لعملية التقطير نفسها, أو ترك ما يتبقى منها لاستخدامه في شبكة الكهرباء القومية. وإنه لمن الأهمية بمكان أن نفهم هذه العملية بكاملها, كي ندرك كم من الطاقة نستطيع أن ننتج سنوياً من قصب السكر وحدها. ولك أن تفكر في أي قصبة من القصب باعتبارها مصدراً حيوياً لثلاثة أشكال من الطاقة؛ السكر نفسه وغاز الإيثانول، و\"الباجاز\" أو فضلات قصب السكر التي تستخدم في التدفئة، ولكن المنتجة للطاقة الكهربائية في نهاية الأمر. وأخيراً فإن مخلفات القصب التي تترك في الحقل بعد عملية الحصاد, من أوراق وخلافها, غنية هي الأخرى بمادة السليولوز التي يتألف منها الغشاء الخارجي للنباتات, ما يزيد من حجم الطاقة الإنتاجية لغاز الإيثانول والكهرباء في نهاية المطاف. وفي الوقت الراهن, فإن السباق التكنولوجي كله يدور حول تحسين التكنولوجيا المستخدمة في هذه المصادر الثلاثة للطاقة مجتمعة. وما أن تتحقق هذه الطفرة التكنولوجية في غضون الخمس سنوات المقبلة, حتى يغدو بالإمكان استخراج ما يزيد على ضعف الكمية المستخرجة من كل قصبة سكر اليوم. ذلك ما قاله \"خوسيه لويس أوليفيريو\", الخبير الأول لدى شركة \"ديديني\" الصناعية العملاقة, والتي هي صاحبة أضخم وأكبر مشروعات طاقة الإيثانول على الإطلاق. \r\n إلى ذلك توجهت بسؤالي إلى خبراء الطاقة البرازيليين, عما كانوا سيفعلونه لو وضع كل واحد منهم في مكان الرئيس الأميركي؟ وجاءت إجابتهم بالإجماع: كنا سنطالب محطات الوقود الأميركية بتوفير خدمة الإيثانول في أي منها, بينما نطالب شركات صناعة السيارات, بتوفير خيار القيادة بغاز الإيثانول للسائقين. \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"نيويورك تايمز\" \r\n