\r\n اما بالنسبة لاسرائيل, فبعد ان عانت من ضربات الصواريخ المنطلقة من غزة ولبنان, اعتقدت ان عملية اختطاف الجنود الثلاثة قد وفرت لها فرصة انقاذ نفسها من الحكومة الاسلامية في غزة رغم كونها حكومة منتخبة ديمقراطيا وفرصة تدمير حزب الله في لبنان. داخل اسرائي ̄ل, قوبل رد رئيس الوزراء ايهود اولمرت على لبنان بشعبية تكاد ان تكون غير مسبوقة. لكن التحرك الذي كان يمكن احتواؤه ضمن اطار المناوشات الحدودية تحول الى حملة اسرائيلية عسكرية كبرى. \r\n \r\n اساء اولمرت واعضاء حكومته وضباط جيشه على نحو سيىء تقدير قوة حزب الله. فقد انهمرت صواريخ حزب الله على اسرائيل كما تنهمر الشهب ووصلت الى مديات غير متوقعة. \r\n \r\n كذلك اساءت اسرائيل تقدير فاعلية القوة الجوية وحدها كأداة منفردة لالحاق الهزيمة بحزب الله. وعندما جاء الوقت الذي ادركت فيه ضرورة زج الجيش في عمليات برية, كان الدمار الذي الحقه قصفها الجوي بالحياة المدنية وبالبنية التحتية اللبنانية قد بلغ حدا من الفظاعة ارغم حتى ادارة بوش على التحفظ. \r\n \r\n القرار الاسرائي ̄لي القاتل الآخر كان في نقل الحرب الى لبنان بما في ذلك ضرب المنشآت العسكرية اللبنانية العائدة للجيش اللبناني, بدلا من قصر جهودها على اضعاف قوة حزب الله. وقد جاء ضرب منشآت ميناء بيروت ليقدم مثالا على فشل الحملة الاسرائيلية التدميرية ذات النتائج المعكوسة والتي حسب الاسرائيليون انها سوف تدفع اللبنانيين الى الوقوف ضد حزب الله او الانتكاس تحت وقع الضربات الاسرائي ̄لية الموجعة. وعلى الرغم من وجود اصوات غير قليلة في لبنان, كما في العالم العربي, كانت توجه اللوم الى حزب الله لتسببه في اطلاق شرارة الحرب, فان عدم قدرة الاسرائي ̄ليين على سحق حزب الله, تضاف اليه الارقام المرتفعة لعدد القتلى من المدنيين اللبنانيين العزل, سرعان ما طغى على الاصوات المنتقدة من بغداد الى بيروت واطلق في اجواء العالم العربي اسطورة المقاومة البطولية لحزب الله. \r\n \r\n ادارة بوش وقعت هي الاخرى في سوء تقدير خطير. قد حسبت بانها باعطائها الضوء الاخضر لاسرائي ̄ل لتواصل الحرب في وجه نداءات عالمية شاملة لوقف فوري لاطلاق النار, سوف تمكن الاسرائي ̄ليين من القضاء على حالة الدولة داخل الدولة التي يمثلها حزب الله في لبنان. لكن اسرائي ̄ل عجزت عن تحقيق المهمة. \r\n \r\n حاول الرئي ̄س بوش ان يعكس للعالم ان حزب الله قد »عانى من الهزيمة في هذه الازمة«, لكن ما يعرفه الاسرائي ̄ليون واللبنانيون معا يخالف ذلك. فقد بات على حكومة اولمرت الان, وبعد توقف المدافع, ان تؤدي حساب اخطائها في التقدير, وان تلغي, في الوقت الحاضر على الاقل, خططها الخاصة بالانسحاب من الاراضي الفلسطينية. \r\n \r\n القوة الدولية التي ستقوم بدور الشرطي في جنوب لبنان لن تعمل على نزع سلاح حزب الله. كما ان جنود الجيش اللبناني لن يقوموا بذلك. وادعاء حزب الله بانه الطرف الرابح في الحرب ما دام لم ينهزم امام اسرائي ̄ل هو اقرب الادعاءات الى الحقيقة. وعند الاخذ بنظر الاعتبار الاموال الايرانية الهائلة الموضوعة تحت تصرف حزب الله فان الحزب سينال ايضا فضل القيام باعادة اعمار لبنان. \r\n \r\n ان صورة الولاياتالمتحدة وهي تستخدم كل ما في جعبتها الدبلوماسية من ثقل للحيلولة دون ايقاف النار وسط كل ذلك الدمار وبين كل تلك الاعداد من القتلى اضافة الى قيامها بتقديم اشد القنابل فتكا لقتل المزيد من المواطنين العرب قد الحقا بمكانة امريكا دمارا لا حد له. \r\n \r\n لقد كتب الاخضر الابراهيمي, الذي بذل الكثير من اجل مساعدة كل من العراق وافغانستان ولبنان في لملمة اركان دولها المهشمة, يقول »كان هناك من جادل بان الحرب يجب ان تستمر حتى تتم معالجة اسباب النزاع الجذرية, لكن احدا لم يفسر لنا كيف يمكن تحقيق ذلك عن طريق تدمير لبنان«. ومضى الابراهيمي الى القول »ان الاحداث الاخيرة لم تساعد ما يسمى بالحرب على الارهاب, لكنها بدلا من ذلك عادت بالفائدة على اعداء السلام والحرية والديمقراطية. فالمنطقة تغلي بالغضب واليأس والامتعاض وهي مشاعر لا يمكن ان تقود الشباب الفلسطيني والعربي الى ما يدعى بالشرق الاوسط الجديد« (نشرت »العرب اليوم« النص الكامل لمقالة الابراهيمي في عدد يوم الاثنين الماضي). \r\n \r\n اما ايران, فقد مرت بفترة قصيرة من القلق نتيجة ما قام به ربيبها حزب الله, لكنها في النهاية خرجت اكثر قوة من ذي قبل. اما الصيغة التي تطرحها سورية للشرق الاوسط الجديد فهي صيغة يكون فيها النفوذ الامريكي في المنطقة في ادنى مستوياته. \r\n \r\n وفي العراق, ارض جميع الحسابات الامريكية الخاطئة, فقد اندفع الشيعة بالالوف الى الشوارع تأييدا لاخوانهم الشيعة في لبنان مما حمل الرئي ̄س جورج بوش الى الاعراب عن الحيرة والدهشة من »نكران العراقيين للجميل«. \r\n \r\n ان حروب الحسابات الخاطئة التي شهدها هذا الصيف سوف تلقي بظلالها القاتمة على عقود طوال من الضرر الذي ستعاني منه المصالح القومية الامريكية. \r\n