\r\n وكانت التوقعات بأن هذه الدولة ستقود جيرانها إلى اتباع نهج موالٍ للغرب وبالأخص لأميركا، قد وصلت إلى الذروة، عندما تمت الإطاحة برئيسها السابق فيما عرف ب\"ثورة التيوليب\" التي مثلت حلقة من سلسلة الثورات الملونة التي أدت إلى الإطاحة بالرؤساء الموالين لروسيا، في كل من جورجيا وأوكرانيا، وجاءت إلى السلطة بإدارات موالية للغرب. \r\n \r\n في شهر يوليو الماضي، قامت قرغيزستان بطرد اثنين من المبعوثين الأميركيين في أول حالة من حالات طرد الدبلوماسيين في أي دولة من دول آسيا الوسطى، وهو ما ردت عليه الولاياتالمتحدة من جانبها بطرد اثنين من المبعوثين القرغيزيين إليها. \r\n \r\n وفي الأسبوع الأخير قامت السلطات القرغيزية بطرد خمسة من اللاجئين الأوزبك الذين طلبت سلطات بلادهم تسليمهم لها لمحاكمتهم على خلفية صلتهم بالاضطرابات التي وقعت في مدينة \"أنديجون\" الأوزبكية، وقيل إن المئات لقوا مصرعهم فيها على أيدي قوات الحكومة. وقد وصف المفوض الأعلى لمكتب شؤون اللاجئين التابع للأمم المتحدة هذا القرار بأنه يمثل انتهاكاً \"صارخاً\" من قبل قرغيرستان لالتزاماتها الدولية. \r\n \r\n وكانت قوات أمن قرغيزية- أوزبكية مشتركة قد قتلت في السادس من أغسطس الحالي \"رفيق قوري كمالوف\" وهو رجل دين معروف بانتقاده الحكومة وذلك أثناء قيادته لسيارته في أحد شوارع مدينة \"أوش\" الواقعة بالقرب من الحدود مع أوزبكستان. وقد اتهمت السلطات القرغيزية \"كمالوف\" واثنين كانا معه بأنهم أعضاء في حزب سري يتخذ من بريطانيا مقراً له ويدعى \"حزب التحرير\" وهو حزب محظور في معظم دول آسيا الوسطى. \r\n \r\n ولتبرير حادث قتل رجل الدين والمرافقين له قالت السلطات إنها عثرت في السيارة التي كانوا يستقلونها على ذخائر، وعلى خريطة مكتوب عليها بخط عريض كلمة \"جهاد\". \r\n \r\n ولكن الخبراء في شؤون المنطقة يقولون إن هذا الحادث يبدو كما لو كان جزءاً من حملة مخططة للتحول بعيداً عن الغرب تنتهجها الحكومة القرغيزية في الوقت الراهن. \r\n \r\n تقليدياً، كانت دول آسيا الوسطى الصغيرة تحاول دائماً إقامة نوع من التوازن في علاقاتها مع الدول الكبرى، ولم تكن تميل إلى تقوية العلاقات مع دولة واحدة على حساب دولة أو دول أخرى. ولكن ما يحدث الآن -كما يقول هؤلاء الخبراء- هو أن قرغيزستان قد أصبحت تميل إلى تقوية علاقاتها مع روسيا وأوزبكستان على حساب علاقتها مع الولاياتالمتحدة الأميركية. \r\n \r\n يقول أحد هؤلاء الخبراء ويدعى \"مايكل هول\" ويعمل مديراً ل\"مشروع وسط آسيا لمجموعة الأزمات الدولية\" وهي مجموعة مستقلة مختصة بتحليل السياسات: \"إن قرغيزستان لا تتصرف بطريقة عشوائية كما قد كما يتراءى للبعض\". ويضيف: \"إن الأمر ببساطة هو أن قرغيزستان قد ساءتها الشروط والمطالب التي تحاول أميركا إلزامها بها.. ورأت أنه قد يكون من الأوفق لها ولمصالحها أن توثق علاقتها مع روسيا وأوزبكستان، وهما دولتان مجاورتان يمكن أن تجعلا الأمور صعبة بالنسبة لها على المدى الطويل\". \r\n \r\n وفي هذه المنطقة الحدودية التي توجد بها مدينة \"كارا سيو\" والتي تسكنها غالبية من أصول أوزبكية، تبدو الأنشطة المناوئة للحكومة راسخة الجذور كما تزداد فيها قوة الإسلام التقليدي المنخرط في السياسة على نحو مستمر. أما في باقي أجزاء البلاد فإن الإعجاب بحكومة الرئيس \"قرمان بك باكاييف\" يتزايد في نفس الوقت الذي يتقلص فيه الوجود الأميركي تدريجياً. \r\n \r\n ومثلها في ذلك مثل باقي دول وسط آسيا، يشكل السُّنة الأغلبية العظمى من السكان ولكن حكومتها لا تشجع على التعصب الديني، كما تشتهر بتاريخ من الحملات على المنظمات التي تقوم بالخلط بين الإسلام والسياسة. \r\n \r\n \r\n إيلان جرينبيرج \r\n \r\n مراسل \"نيويورك تايمز\" في قرغيزستان \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"نيويورك تايمز\" \r\n \r\n