\r\n وفي إشارة واضحة إلى الجدية التي تنظر بها واشنطن إلى موضوع اختبار الصاروخ الكوري، اتصلت وزيرة الخارجية كوندليزا رايس هاتفياً بنظيرها الصيني يوم الثلاثاء الماضي وطلبت من بيكين استخدام نفوذها لوقف عملية تجريب الصاروخ. وأكد مسؤولون في إدارة الرئيس بوش، طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم نظراً لحساسية الموضوع، أن الرئيس بوش اتصل شخصياً بالرئيس الصيني هو جينتاو، قبل أسبوعين، طالباً منه التدخل لدى كوريا الشمالية لثنيها على مواصلة مساعيها العسكرية. وفي هذا السياق صرح المتحدث باسم الخارجية الأميركية شين ماكورماك، يوم الجمعة الماضي، قائلا \"لقد أوضحنا، بمعية حلفائنا، لكوريا الشمالية أن إطلاقها لصاروخ جديد سيكون بمثابة عمل استفزازي لن يخدم مصالحتها وسيكرس عزلتها في العالم\". \r\n \r\n وتعتبر تجربة إطلاق صاروخ عابر للقارات الأولى من نوعها التي تقدم عليها بيونج يونج منذ 1998 عندما أطلقت صاروخ \"تايبودونج\" واجتاز الأراضي اليابانية، مبرهنة على مقدرة عالية في تطوير السلاح أدهشت الأميركيين حينها ودفعت الكونجرس إلى التعجيل بالموافقة على نشر أنظمة دفاعية مضادة للصواريخ. وبحلول عام 1999 توقفت التجارب بعدما وافقت كوريا الشمالية على تعليق إطلاقها للصواريخ. ويقول المسؤولون الأميركيون إنهم يراقبون منذ مدة الإرهاصات الأولى لتحرك عسكري تقوم به كوريا الشمالية، كما يتابعون استعدادات يرونها في الأفق لإطلاق صواريخ من قبيل التجريب. وقد اعتقد بعض المسؤولين الأميركيين للوهلة الأولى أن كوريا الشمالية إنما تسعى من خلال تحركها إلى لفت انتباه واشنطن التي انشغلت بالملف النووي الإيراني بهدف حث الولاياتالمتحدة على إجراء مفاوضات مباشرة معها. \r\n \r\n وفي السياق نفسه قال أحد المسؤولين الأميركيين موضحاً: \"لقد كنا على علم مسبق بانخراط كوريا الشمالية في استعدادات لتجريب الصاروخ، لكننا غير متأكدين إن كانت تنوي فعلاً إطلاقه، أو فقط تهدف إلى لفت انتباه أميركا\". ومع ذلك لم يخفِ المسؤولون في واشنطن قلقهم إزاء الاستعدادات الحثيثة لكوريا الشمالية في الآونة الأخيرة. ويرجع القلق الأميركي في جزء منه إلى عدم توافر معلومات دقيقة حول صاروخ \"تايبدونج2\" بسبب عدم تجريبه سابقاً في المعارك. لذا دأبت الاستخبارات الأميركية على الدوام إلى الرفع من قدرة الصاروخ، لا سيما \"تايبدونج2\" الذي تشير التقديرات إلى إمكانية وصوله الأراضي الأميركية بحمولة تفجيرية معتبرة. ويرى المراقبون والخبراء في مجال التسلح أن أي إطلاق للصواريخ من شأنه إحداث ردود فعل سياسية على ضفتي المحيط الهادي. فالولاياتالمتحدة قد تزيد من إنفاقها على نظام الأسلحة المضادة للصواريخ، كما أنه من غير المستبعد أن تلجأ اليابان أيضاً إلى تطوير أسلحتها، بل وحتى الدفع في اتجاه مطالب بعض المتشددين بتطوير أسلحة نووية، وفي كلتا الحالتين ستجد الصين التي تدعم كوريا الشمالية، نفسها في موقف حرج. \r\n \r\n ويذكر أنه بعد يوم واحد فقط من إعلان الولاياتالمتحدة موافقتها الدخول في مفاوضات مباشرة مع إيران حول ملفها النووي، استدعت كوريا الشمالية كريستوفر هيل، مساعد وزيرة الخارجية الأميركية وكبير المفاوضين مع كوريا الشمالية، وأخبرته السلطات في بيونج يونج برغبتها في إجراء مفاوضات مماثلة مع واشنطن. غير أن ذلك الطلب رفض فوراً من قبل البيت الأبيض الذي أصر على عودة كوريا الشمالية إلى المفاوضات السداسية رغم التعثر الذي يعتري مسيرتها. ويلفت المراقبون الانتباه إلى أن مساعي كوريا الشمالية لتطوير صواريخها بعيدة المدى، قد لا تكون مرتبطة بالضرورة بالملف الإيراني ورغبتها في انتزاع موافقة أميركية لإجراء مفاوضات مباشرة معها، لأن الاستعدادات بدأت قبل شهر من إعلان الرئيس بوش التفاوض مع إيران حول ملفها النووي. ورغم موافقة كوريا الشمالية على التخلي عن برنامجها النووي في شهر سبتمبر الماضي مقابل حصولها على تسهيلات في مجال الطاقة وضمانات أمنية، فإن الخلافات سرعان ما نشبت بين بيونج يانج والمفاوضين حول ما الذي يسبق؛ الحوافز أم نزع السلاح. \r\n \r\n وقد بلغت الخلافات ذروتها عندما قاطعت كوريا الشمالية، بعد شهور عدة، المفاوضات إثر قيام الولاياتالمتحدة بتعقب بعض المؤسسات المالية، بما فيها بنك \"ماكو\" الذي يتعامل مع بيونيج يانج، فضلا عن معاقبتها لشركات من كوريا الشمالية بسبب الاشتباه في تزويرها للعملة الأميركية وتورطها في عمليات غسل الأموال. وإذا ما أصرت كوريا الشمالية على المضي قدماً في إطلاق الصواريخ التجريبية فإن المحادثات السداسية التي تعاني أصلا من التعثر قد تتعرض لانتكاسة كبيرة. ويعتقد المراقبون أن واشنطن وضعت نفسها في موقف حرج عندما رفضت عرض كوريا الشمالية بالدخول في مفاوضات مباشرة معها أسوة بإيران ولم يعد أمامها سوى اللجوء إلى الصين لكي تضغط هذه الأخيرة على بيونج يانج وتقنعها بالتخلي عن تجريب الصواريخ بعيدة المدى. \r\n \r\n هيلين كوبر وكايكل جوردون \r\n \r\n عضوان في هيئة تحرير \"نيويورك تايمز\" \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"نيويورك تايمز\" \r\n \r\n \r\n