\r\n من جانبه قال لاري كوكس، مدير فرع منظمة العفو الدولية (أمنستي إنترناشيونال) في الولاياتالمتحدة: \"إن منظمة العفو الدولية ترحب بالتقرير الذي أصدره مجلس أوروبا اليوم، والذي يوضح أن الولاياتالمتحدة قد غزلت 'شبكة عنكبوتية‘ لعمليات التسليم خارج سيادة القانون، والتي تتضمن 'الإخفاء‘، والاحتجاز التعسفي، وعمليات النقل غير القانونية، والتعذيب أو سوء المعاملة\". \r\n \r\n ولكن في نفس الوقت أدان المتحدث باسم الخارجية الأمريكية شون ماكورماك هذا التقرير، والذي قام بإعداده السيناتور السويسري ديك مارتي، حيث اعتمد التقرير بشكل كبير على سجلات الطيران لطائرات يُشتبه في كونها تابعة لسي آي إيه إلى داخل أوروبا وخارجها، إضافة إلى شهادات بعض الأفراد الذين خضعوا لعمليات التسليم. \r\n \r\n حيث قال ماكورماك أمام الصحفيين: \"إننا بلا شك نشعر بخيبة أمل بسبب أسلوب التقرير ومحتواه\". \r\n \r\n وأضاف: \"إن الأمر سيبدو إعادة للجهود السابقة التي قامت بها هذه المجموعة. إنني لا أرى فيه أية حقائق ملموسة. ويبدو أن هناك الكثير من الادعاءات، ولكن لا توجد حقائق فعلية وراء التقرير\". \r\n \r\n وقد أصر ماكورماك، والذي لم ينكر صراحة النتائج التي توصل لها التقرير، على أن \"عمليات التسليم الاستثنائي\" –وهي قيام سي آي إيه بالقبض على إرهابيين مشتبهين خارج الإطار القضائي وتسليمهم ليتم اعتقالهم في دول ثالثة– هي \"ممارسة قانونية معترف بها دوليا\"، وأن \"التعاون الاستخباراتي بين الولاياتالمتحدة ودول أخرى حول العالم ينقذ أرواحا في الحرب على الإرهاب\". \r\n \r\n ويعتقد أكثر المحللين أن أحد الأهداف الرئيسية من عمليات التسليم هو تسليم مشتبهين إلى دول متساهلة مع أساليب التحقيق المسيئة –والتي تشمل التعذيب– أكثر مما هو الحال في الولاياتالمتحدة أو في الدول التي يتم القبض عليهم فيها. ومع ذلك فإن المسئولين الأمريكيين يؤكدون أن سي آي إيه لا تقوم على الإطلاق بنقل مشتبهين إلى وكالات مخابرات أجنبية في عدم وجود تأكيدات بأنهم لن يتعرضوا للتعذيب. \r\n \r\n ويُعد مجلس أوروبا، والمكون من 46 عضوا، أقدم المنظمات السياسية في القارة. وكان الذي دفع المجلس لإجراء التحقيق هو قيام صحيفة الواشنطن بوست في نوفمبر الماضي بنشر مقال ادعت فيه أن سي آي إيه لم تستخدم فقط المجال الجوي الأوروبي والطائرات الأوروبية للقيام بنقل المعتقلين، ولكنها تدير أيضا سجونا سرية –أو \"مواقع سوداء\"– في دولتين في شرق أوروبا رفضت الصحيفة تحديدهما. \r\n \r\n وبعد نشر المقال مباشرة، وهو المقال الذي فاز بجائزة بولتزر وأثار تحقيقا جنائيا أجرته وزارة العدل الأمريكية، قامت منظمة هيومان رايتس ووتش بتحديد الدولتين وهما بولندا ورومانيا. لكن حكومتي الدولتين أنكرتا بشدة وجود مثل هذه السجون على أراضيهما. \r\n \r\n وقد قامت أمنستي إنترناشيونال فيما بعد بنشر تقرير \"تحت الرادار: رحلات سرية إلى التعذيب والاختفاء\"، والذي قدم تفصيلات جديدة بشأن عمليات التسليم التي قامت بها سي آي إيه، ومن بينها معلومات بشأن حوالي ألف رحلة طيران مرتبطة بالسي آي إيه من خلال \"شركات تمثل مجرد واجهة\". \r\n \r\n ويقول التقرير إن معظم هذه الرحلات قد تمت عبر المجال الجوي الأوروبي –وفي بعض الحالات هبطت في مطارات أوروبية– في طريقها إلى دول ثالثة، مثل مصر والأردن، لها روابط قوية مع وكالات المخابرات الأمريكية، أو إلى القاعدة البحرية الأمريكية في خليج جوانتانامو بكوبا، حيث تحتجز الولاياتالمتحدة مئات من الإرهابيين المشتبهين منذ عام 2002. \r\n \r\n وفي تقريره اتهم مارتي 14 دولة أوروبية بالاشتراك في عمليات التسليم، بما فيها تلك التي كانت \"مسئولة، بدرجات مختلفة... عن انتهاكات لحقوق أشخاص معينين\" –وهي البوسنة وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا ومقدونيا وتركيا والسويد– وتلك \"المسئولة عن التواطؤ... بشكل إيجابي أو سلبي\"، وهي قبرص واليونان وأيرلندا وبولندا والبرتغال ورومانيا وأسبانيا. \r\n \r\n ويقول التقرير إن جميع هذه الدول تمثل جزءا من \"شبكة عنكبوتية\" من المواقع حول العالم تُستخدم من أجل تسهيل عمليات التسليم، وهي عمليات، على عكس ما يصر عليه ماكورماك من أنها ممارسة قانونية، \"مغايرة تماما\" للقانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. \r\n \r\n وقد كرر مارتي أيضا الاتهامات التي وجهتها هيومان رايتس ووتش بأن بولندا ورومانيا، إضافة إلى ثمانية دول أخرى غير أوروبية، من بينها مصر والأردن والمغرب وأفغانستان وباكستان وأوزبكستان، من الواضح أنها قد وفرت للسي آي إيه منشآت من أجل الاحتجاز المؤقت على الأقل للأفراد الذين خضعوا لعمليات التسليم. \r\n \r\n وقد وصف مارتي مطارات في مدينة تيميشوارا برومانيا و زيماني في بولندا بأنها نقاط \"للتوقف لنقل المعتقلين\". كما أشار أيضا إلى أنه كان يتم التقاط المشتبه بهم من البوسنة وإيطاليا ومقدونيا والسويد، وذلك بعلم حكومات هذه الدول. \r\n \r\n ويبدو أن هذه النتيجة تثبت إصرار واشنطن على أن الحكومات المعنية تم إبلاغها بشأن الأنشطة الأمريكية الخاصة بعمليات التسليم التي تمت على أراضيها. \r\n \r\n حيث قال التقرير: \"لقد اتضح الأمر الآن –رغم أننا لازلنا بعيدين عن إثبات الحقيقة الكاملة– وهو أن السلطات في عدد من الدول الأوروبية قد شاركت بشكل فعال مع السي آي إيه في هذه الأنشطة غير القانونية، كما تجاهلت حكومات أخرى الأمر مع علمها، أو أنها لم تكن تريد أن تعلم\". \r\n \r\n وقد أشار مارتي أيضا إلى أنه قد توصل، من خلال إجرائه للتحقيق، إلى أن معظم الحكومات الأوروبية \"لم تَبدُ حريصة على إثبات الحقائق التي تم ادعاؤها\". \r\n \r\n وقد أكد مارتي بنفسه على أن النتائج التي توصل إليها لا يمكن إثباتها بيقين مطلق في هذه المرحلة لأنها مبنية في أغلبها على أدلة ظرفية، بما في ذلك سجلات الطيران الرسمية التي قدمتها وكالة المرور الجوي التابعة للاتحاد الأوروبي، يوروكنترول، إضافة إلى الشهادات المؤيدة لذلك، والتي أدلى بها أفراد خضعوا حاليا أو سابقا لعمليات التسليم أو أدلى بها محاموهم. \r\n \r\n وحيث إنه لم يستطع إجبار مسئولين حكوميين مطلعين على تقديم شهادتهم فقد التمس مارتي من هيئات وطنية مسئولة، مثل البرلمانات، أن تقوم بهذا؛ حيث قال: \"إن الحكومات عليها واجب إجراء تحقيقات جادة وشفافة\" بشأن هذه الادعاءات. \r\n \r\n وأضاف: \"إن هذه الدول كان يمكنها أن تثبت الحقيقة منذ وقت طويل، ولكنها لم تفعل. إنهم يعلمون أن عليهم واجب القيام بهذا\". \r\n \r\n وقد أكدت أمنستي هذه النقطة أيضا؛ حيث طالبت الدول الأوروبية ب\"إجراء تحقيقات مستقلة وشاملة\" في عمليات التسليم، وأن \"تضمن المحاسبة من جانبها ومن جانب هيئات الوكالات الأجنبية\". \r\n \r\n كما أعاد جون سيفتون، الذي تتبع سياسة وعمليات التسليم الأمريكية في منظمة هيومان رايتس ووتش، أعاد التأكيد على هذا المطلب، مشيرا بشكل خاص إلى تلك الدول التي كان تورطها في عمليات التسليم أكثر وضوحا، ومن بينها مقدونيا وإيطاليا وألمانيا. \r\n \r\n وقد اختلف سيفتون مع تأكيدات ماكورماك –والتي كررها رئيس الوزراء البريطاني توني بلير في البرلمان الأوروبي الأربعاء– من أن مارتي قد فشل في الكشف عن معلومات جديدة. \r\n \r\n حيث قال سيفتون في حوار مع آي بي إس: \"لقد نجح في الحصول على سجلات الطيران الرسمية التي تُظهر تحرك العديد من الطائرات التي ظهر أن السي آي إيه قد قامت باستخدامها من أجل نقل المشتبه بهم، وهذه السجلات تؤيد ادعاءات عدد من المعتقلين الذين خضعوا لعمليات التسليم\". \r\n \r\n وأضاف: \"إننا لا نحاول إثبات قضية تتجاوز الشك المعقول في محكمة جنائية. إننا نحاول أن نُظهر أن هناك أدلة ملموسة تدعم الادعاءات، وقد قدم تقرير السيد مارتي أدلة جديدة\". وقد أشار سيفتون بشكل خاص إلى سجلات الطيران الخاصة ب\"رحلات طيران مريبة للغاية\" من أفغانستان إلى كل من بولندا ورومانيا، وهو ما يدعم الادعاءات السابقة الخاصة بوجود \"مواقع سوداء\" على أراضيهما. \r\n \r\n وأضاف: \"ورغم المطالبات التي تقدم بها السيد مارتي وتقدمنا نحن بها إلا أن أيا من الدولتين لم تقم بتفسير أو تفنيد أي من الأدلة التي تم تقديمها\". (آي بي إس / 2006)