\r\n \r\n \r\n وبالاحتكام إلى نتائج استطلاعات الرأي نجد أنها تضع \"جارسيا\" في مقدمة السباق بينما يحتل \"هومالا\" المرتبة الثانية، وهي النتائج التي تخالف ما أظهرته الجولة الأولى من الانتخابات التي حصل فيها \"هومالا\" على 31% من الأصوات مقابل 24% حاز عليها خصمه \"ألان جارسيا\". ويبدو أن جميع مؤسسات استطلاع الرأي في بيرو اتفقت على أن الفائز في الانتخابات لن يكون سوى \"ألان جارسيا\"، حيث أظهرته مؤسسة \"أبويو\" خلال الأسبوعين السابقين في المقدمة بنسبة تتراوح بين 56% و44%، بينما حددت جامعة ليما تلك النسبة بين 62 و38 %. غير أن استطلاعات الرأي تشير أيضاً إلى أن واحداً من كل خمسة ناخبين لم يحسم موقفه بعد. \r\n ومع ذلك علينا التعامل مع نتائج استطلاع الرأي البيروفية بكثير من الحذر بسبب صعوبة الوصول إلى تقديرات دقيقة بشأن رأي البيروفيين الذين لا يحددون موقفهم إلا في الأيام القليلة التي تسبق عملية الاقتراع. كما أن استطلاعات الرأي نادراً ما تشمل الناخبين الذين يعيشون في المناطق البعيدة والمقدرة نسبتهم ب20%. وتشكل هذه الإكراهات التي تنطوي عليها عملية استطلاع رأي البيروفيين فرصة أخرى للمرشح أولانتا هومالا للحصول على أصوات الناخبين الفقراء في المناطق النائية الذين لم تستطلع آراء سكانها. ويعتبر انتساب ألان جارسيا إلى حزب \"التحالف الأميركي الثوري الشعبي\"، وهو الحزب الوحيد الذي يتوفر على مؤسسات عريقة وراسخة في بيرو نقطة إيجابية تلعب في صالحه. كما يحاول جارسيا استغلال منصبه السابق كرئيس للبيرو لإظهار نفسه على أنه رجل الدولة الحصيف الذي تعلم من أخطاء الماضي، وهي أخطاء كثيرة ويصعب نسيانها، حيث اعتبرت الحكومة التي تزعمها في الفترة بين 1985 و1990 الأسوأ في تاريخ البيرو بسبب تفشي الفوضى الاقتصادية وصعود جماعة \"الدرب المضيء\" المتمردة. وعندما غادر منصبه كان الاقتصاد في الحضيض ووصلت نسبة التضخم إلى 7000%، بينما انتشر الفساد على نحو كبير. \r\n وقد شهد المسار السياسي لجارسيا تحولاً جوهرياً انتقل خلاله من صفوف \"اليسار\" الراديكالي إلى التيار المعتدل. وهو يحاول اليوم في حملته الانتخابية أن يوازن بين حاجيات الجماهير الغفيرة التي تعاني من الفقر وبين متطلبات المستثمرين وأصحاب الأعمال، متعهداً بسد الهوة المتسعة في مجال توزيع الثورة، وفي الوقت نفسه الحفاظ على التوازنات الاقتصادية الكبرى. لكن ألان جارسيا الذي رحب بفكرة التوقيع على اتفاقية للتجارة الحرة بين بلاده والولاياتالمتحدة أثار غضب الرئيس الفنزويلي هوجو شافيز الذي أعلن أنه سيسحب سفير بلاده من البيرو في حال فوز جارسيا في الانتخابات الرئاسية. وقد عرف جارسيا كيف يستفيد من نزاعه مع شافيز ليدعم موقفه ويعزز من شعبيته، حيث صور نفسه على أنه مثال السياسي المتزن في مقابل تطرف شافيز وباقي السياسيين الذين يدورون في فلكه بأميركا الجنوبية. \r\n من جهته أثار أولانتا هومالا مرشح حزب \"الاتحاد من أجل البيرو\" خوف العديد من المراقبين في أميركا الجنوبية بسبب خطابه السياسي القريب من رئيس بوليفيا إيفو موراليس والرئيس الفنزويلي هوجو شافيز، إذ روَّج لنفسه كممثل للجماهير المسحوقة في بلاده. وركز في برنامجه الانتخابي على مواضيع باتت معروفة في فنزويلا وبوليفيا مثل توزيع الثروة وإصلاح الحكومة وإعادة كتابة الدستور، فضلاً عن تعهده بتأميم القطاعات الاستراتيجية من الاقتصاد البيروفي، لاسيما المناجم والغاز الطبيعي. يذكر أن \"أولانتا\" الضابط السابق في الجيش كان قد دخل معترك السياسة في 2002 عندما قاد انقلاباً فاشلاً ضد الرئيس الأسبق ألبرتو فوخيموري. ولا يخفي \"أولانتا\" إعجابه بالديكتاتور العسكري الجنرال خوان فيلاسكو الذي حكم البيرو بقبضة من حديد في الفترة بين 1968 و1975، وهو ما أثار مخاوف الصحفيين والأكاديميين كما رجال الأعمال. وعلى غرار باقي السياسيين الشعبويين والمناهضين للإمبريالية في أميركا الجنوبية وجه \"أولانتا\" انتقادات حادة إلى الولاياتالمتحدة، فضلاً عن معارضته الشديدة للجهود الأميركية الرامية إلى القضاء على زراعة الكوكايين. والأهم من ذلك رفضه التوقيع على اتفاقية التجارة الحرة مع واشنطن بعدما أيدها الرئيس المنتهية ولايته أليخاندرو توليدو. \r\n ولم يمنع تمحور الحملة الانتخابية على الأشخاص بدل البرامج السياسية، من إجماع المرشحين على ضرورة التصدي لقضية أساسية تتمثل في معضلة الفقر المستشري في البلاد. فرغم النمو الاقتصادي المطرد الذي شهدته البيرو خلال السنوات الأخيرة، مازال 54% من إجمالي السكان يرزحون تحت خط الفقر حسب تقرير برنامج الأممالمتحدة للتنمية لعام 2006. كما أن الارتفاع الذي عرفته مؤخراً الصادرات البيروفية، خصوصاً في مجال الذهب والمعادن والمواد الغذائية، فضلاً عن تحسن الاستثمارات الأجنبية، ومداخيل الضرائب لم يسهم بما يكفي في الرفع من المستوى المعيشي للفرد البيروفي. ولمكافحة الفقر والتخفيف من وطأته تعهد المرشحان بخلق المزيد من الوظائف والتقليص من الفوارق الاجتماعية كلاً على طريقته. فبينما ركز \"أولانتا\" على تأميم الصناعات الأساسية وإعادة توزيع الأراضي، ركز جارسيا على الانضباط المالي، وجذب الاستثمارات الأجنبية، فضلاً عن تبني سياسات اجتماعية معتدلة. وتعمل الولاياتالمتحدة من ناحيتها على توثيق علاقاتها مع البيرو من خلال التوقيع على اتفاقية للتجارة الحرة بين البلدين كجزء أساسي من اتفاقية التجارة الحرة التي تجمع بين الولاياتالمتحدة وبلدان الأنديز. ومع أن المرشح \"أولانتا هومالا\" يرفض بشدة الانضمام إلى الاتفاقية ويفضل التحالف مع القادة القوميين في أميركا اللاتينية، إلا أن سياساته على أرض الواقع قد لا تكون بنفس حدة خطابه بعد أن يصل إلى الحكم. \r\n