\r\n ويرى بعض المراقبين أن لقاء يجري بين الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، والرئيس جورج بوش سيكون رداً طبيعياً على الرسالة التي وجهها أحمدي نجاد إلى بوش مؤخراً. غير أن البعض الآخر يشكك في مدى قدرة انعقاد قمة، في حال انعقادها أصلاً، على مد الجسور بين البلدين في ظل البون الشاسع الذي يفصل بين موقفيهما حول القضايا الخلافية. فمن جهته لا يرغب الرئيس بوش في إجراء حوار مباشر مع رئيس دولة اعتبرها الولاياتالمتحدة إلى جانب عراق صدام حسين وكوريا الشمالية جزءاً من \"محور الشر\". إضافة إلى أنه في نظر الرئيس الأميركي يعتبر فتح حوار مباشر مع أحمدي نجاد اعترافاً منه بشرعية الرئيس الإيراني. \r\n \r\n ومن جهة أخرى ضمَّن الرئيس الإيراني رسالته الطويلة التي وجهها إلى الرئيس بوش لائحة مفصلة من المظالم المرفوعة ضد أميركا التي مازالت طهران تنعتها ب\"الشيطان الأكبر\"، فضلاً عن تضمنها للائحة طويلة من المطالب الإيرانية. \"شين دينجلي\"، مدير معهد الدراسات الأميركية بجامعة \"فودان\" بشنغهاي الصينية، صرح بأن البلدين مازالا ينظران إلى بعضهما بعضاً كعدوين ويقاربان الموضوع النووي من وجهتين مختلفتين تماماً: \"فبينما ترى إيران أنه من الضروري حيازة تقنيات نووية لضمان أمن الدولة واستقراها، ترفض الولاياتالمتحدة رفضاً باتاً الدخول في حوار معها معتمدة على المبدأ نفسه الذي ترفض من خلاله التحاور مع كوريا الشمالية\". أما \"شاهين جوبادي\"، المتحدث باسم \"مجلس المقاومة الإيرانية\" المعارض المتواجد بباريس، فقد أكد أنه لا يمكن تصور قمة تجمع بين الرئيسين بوش وأحمدي نجاد \"لأن طهران ترفض قبول قواعد السلوك الدولي السائدة في القرن الحادي والعشرين\"، مضيفاً أن \"هذا النظام قائم على مفهوم الاستبداد الديني الذي يعود إلى العصور الوسطى، لذا فهو غير منسجم مع مبدأ الحوار\". \r\n \r\n وإذا كانت رسالة أحمدي نجاد بصفحاتها الثماني عشرة الطافحة بالشكوى تلخص الموقف الإيراني، \"فإن آفاق الحوار منعدمة بلاشك\" هذا ما يقوله \"ستيف هودلي\"، أستاذ الدراسات السياسية في جامعة أوكلاند بنيوزيلندا. ويستطرد \"هودلي\" قائلا: \"البلدان مختلفان على أكثر من صعيد، الأيديولوجي والسياسي والاستراتيجي، وهما يسيران في طريق ستؤدي بهما إلى الاصطدام بسبب الطموحات الإيرانية لقيادة المنطقة وأهمية السلاح النووي كجزء أساسي من المعادلة\". يذكر أن العلاقات الدبلوماسية قطعت بين إيرانوالولاياتالمتحدة منذ 1979 قبل بروز الأزمة النووية على خلفية اقتحام طلبة إيرانيين للسفارة الأميركية في طهران واحتجازهم لموظفيها لمدة 444 يوماً احتجاجاً على رفض واشنطن تسليم الشاه محمد رضا بهلوي الذي أطاحت به الثورة. \"ديبورا إيلمز\" من معهد الدراسات الاستراتيجية والدفاع في سنغافورة تقول إنه لحد الآن لم تفتح قنوات للاتصال بين الأميركيين وإيران، بسبب رفض واشنطن لذلك، مؤكدة أن \"إدارة بوش مازالت متمسكة بسياسة مبدئية ترفض التفاوض بموجبها مع المبتزين\". \r\n \r\n بيد أن الهوة السحيقة بين إيرانوالولاياتالمتحدة ليست بدون سوابق تاريخية. فلعقود مديدة دأبت بريطانيا التي عانت من تفجيرات الجيش الجمهوري الأيرلندي على رفض الدخول في حوار مباشر مع \"شين فين\" الجناح العسكري للجيش الجمهوري الذي يمثل غالبية سكان أيرلندا الشمالية من الكاثوليك. لكن هناك جهات أخرى استطاعت فتح حوار مع خصومها مثلما حدث في إسبانيا، حيث لم يمنع رفض مدريد التباحث مع منظمة \"إيتا\" الباسكية دون إلقاء سلاحها من إجراء الحكومة الإسبانية لجولتين من المفاوضات مع المنظمة في الثمانينيات والتسعينيات. هذا ولم يحلْ الموقف الرسمي للإدارة الأميركية الرافض للجلوس إلى طاولة التفاوض مع الطرف الإيراني من تصاعد بعض الأصوات داخل أميركا تطالب بإجراء الحوار. وفي هذا السياق حثت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة مادلين أولبرايت على التفاوض مباشرة مع إيران قائلة \"إن آخر شيء نحتاجه في هذا الوقت هو غزو بلد آخر\". ويتفق مع أولبرايت العديد من قادة دول العالم الذين يخشون من لجوء الولاياتالمتحدة للتحرك العسكري من أجل وقف ما تصر على أنه برنامج إيران السري للأسلحة النووية، وهو ما حدا بهم إلى تجديد دعواتهم لواشنطن بإجراء حوار رفيع المستوى مع طهران. \r\n \r\n وفي هذا الإطار صرح الرئيس الإندونيسي إثر لقائه يوم الأربعاء الماضي مع أحمدي نجاد الذي زار جاكرتا بأن إيران مستعدة لبحث حل دبلوماسي، واقترح أن يتوسط للتوصل إلى تسوية حول الملف النووي الإيراني. ومن جهتها وجهت ماليزيا الدولة المسلمة المعتدلة التي تترأس \"منظمة المؤتمر الإسلامي\"، دعوة إلى واشنطن من أجل التوصل إلى حل ودي مع طهران من خلال الجلوس إلى طاولة المفاوضات، حيث نقل عن رئيس الحكومة الماليزي عبدالله أحمد بدوي قوله للرئيس الأميركي في محادثة هاتفية \"إن حلاً دبلوماسياً يبقى أفضل من أي أسلوب آخر\". أما الصين التي أبدت تحفظها إلى جانب روسيا حيال المساعي الأميركية الرامية إلى إقرار مشروع قرار في مجلس الأمن تحت الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة بغرض فرض عقوبات على إيران، وربما اللجوء إلى القوة العسكرية ضدها، فقد عبرت عن موقفها على لسان المتحدث باسم وزارة خارجيتها قائلة: \"إن أفضل طريقة للخروج من المأزق هي عبر الدبلوماسية والمفاوضات\". غير أن \"رسول بكش ريس\"، أستاذ العلوم السياسية في جامعة \"لاهور\" الباكستانية شدد على ضرورة توافر ثقة بين الطرفين قبل دخولهما في مفاوضات مباشرة، مضيفاً: \"إن رؤيتهما الاستراتيجية المتضاربة، فضلاً عن دور كل منهما المتباين في منطقة الشرق الأوسط، يجعل مجرد التفكير في جلوسهما معها إلى طاولة المفاوضات أمراً بالغ الصعوبة\". \r\n \r\n ويليام كول \r\n \r\n مراسل \"أسوشيتيد بريس\" في فيينا \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\" \r\n \r\n \r\n