\r\n \r\n قد جعلت حالات عديدة من الابتزاز والعنف حدثت في أبريل الماضي العديد من الإسبان، ولاسيما زعماء المعارضة في البرلمان، يشككون في صدق نوايا الحركة. غير أن الحكومة الاشتراكية، التي تبدو راضية من كون حركة \"إيتا\" قد سلكت لنفسها مساراً جديداً، تضع نصب عينيها الخطوة المقبلة المتمثلة في حشد الدعم تمهيداً لإطلاق محادثات سلام مع \"إيتا\" عبر جناحها السياسي المحظور \"باتاسونا\"، حيث قال وزير الاتصال فيرناندو موراليدا الخميس الماضي، بعد أن أعلنت الحكومة أن تحقيقها الثالث حول أنشطة \"إيتا\" أثبت أن الحركة ملتزمة بالهدنة: \"إننا نرى مؤشرات على موقف جديد\". \r\n ويأتي تصريح موراليدا عقب جولة المحادثات الأخيرة التي قام بها رئيس الوزراء خوسيه لويس رودريغز ثاباتيرو مع زعماء عدد من الأحزاب الإسبانية، والتي يستعد من خلالها رئيس الوزراء ليطلب من البرلمان –ربما في يونيو– السماح لحكومته بالتفاوض مباشرة مع \"باتاسونا\". \r\n غير أن العقبة الرئيسية التي تعترض إجراء هذه المفاوضات حالياً تكمن في الخلاف حول الوضع القانوني ل\"باتاسونا\"، ذلك أن قانون الأحزاب الإسباني الصادر في 2003، والذي يحظر الأحزاب السياسية التي تدعم الإرهاب، يعتبر الحزب الباسكي حركة غير قانونية. والحال أن الهدنة التي أعلنت عنها \"إيتا\" تفتح الباب أمام إعادة إحياء مشروعية \"باتاسونا\". ويقول خوان أبيليس، الخبير في قضايا الإرهاب بالجامعة الوطنية للتربية: \"إن إيتا لن تتخلى عن أسلحتها بدون مقابل، إذ من المرتقب أن تطالب بتنازلات\". \r\n غير أنه بعد سنوات من المأزق بين \"باتاسونا\" والحكومة –ولاسيما في عهد حكومة رئيس الوزراء السابق خوسيه ماريا أثنار– بخصوص السيطرة على منطقة الباسك، سيكون من الصعب إعادة الحزب الوطني إلى حظيرة الأحزاب الشرعية. وفي هذا الإطار، يقول إيجناسيو سانشيز تشوينكا، الخبير في الشؤون السياسية: \"إنه من مظاهر السخرية في عملية السلام هذه أن يصبح حزب كان محل إدانة لسنوات حزبا مقبولا. \r\n ويعتقد القوميون الباسك ومؤيدوهم أنه ينبغي على الحكومة الإسبانية أيضا أن تغير موقفها تجاه \"باتاسونا\"، وفي أقرب الآجال. ويقول إيون أوبراين، مدير الشؤون الأوروبية في الحزب الإيرلندي القومي \"شين فين\": \"في سبيل حل النزاع، من غير المعقول أن يكون حزب سياسي رئيسي محظورا\". ولعل أكبر خطر يهدد عملية السلام، يقول أوبراين، هو أن يأتي قرار التعامل من جديد مع الحزب متأخراً إذ يقول \"يجب اعتماد أشكال جديدة من الالتزام السياسي\". \r\n والواقع أن عشر سنوات من التجربة في عملية السلام الإيرلندية تمنح المتحدث باسم \"الشين فين\" الأمل في أن يؤدي تغيير الحكومة في إسبانيا قبل عامين إلى تعزيز جهود السلام الحالية. وفي هذا السياق، يقول أوبراين \"لقد دعا الحزب الجمهوري الإيرلندي إلى وقف لإطلاق النار في 1994، ولكنه انهار بسبب جون ميجر. غير أن توني بلير قرر في 1996 و1997 القطع مع استراتيجية ميجر القائمة على الاضطهاد والتجريم، فكانت نتيجة ذلك اتفاقات الجمعة العظيمة. والواقع أن في ذلك درسا لثاباتيرو\". ويضيف \"أوبراين\": \"إن الهدنة التي اقترحتها \"إيتا\" في 1998 لم تلق استجابة من رئيس الوزراء أثنار، ولذلك انهارت العملية، ولم يحدث منذ ذلك الوقت شيء إلى أن جاءت حكومة ثاباتيرو الاشتراكية\". \r\n إلا أن الاسبان يظلون حذرين إزاء آفاق سلام دائم، كما أنهم منقسمون على أنفسهم بخصوص ما إذا كانت أعمال العنف الصغيرة نسبياً التي وقعت الشهر الماضي، والمعروفة بالعبارة الباسكية \"كالي بوروكا\"، تشكل خرقاً لوقف إطلاق النار، حيث توصل عدد من تجار ورجال أعمال منطقة \"نافارا\" في أبريل الماضي برسائل ابتزاز نُسبت إلى \"إيتا\"، ما ولَّد جدلاً ساخناً في إسبانيا حول ما إن كانت الرسائل قد حررت قبل عرض الهدنة أم بعده. وإضافة إلى الهجوم الذي تعرض له متجر خوسيه أنتونيو مانديف بمدينة بارانيان، قامت مجموعة من الأشخاص المقنعين في مدينة جيكسو الباسكية برمي زجاجات حارقة على مكاتب إحدى شركات التأمين. \r\n وقال مانديف، الذي لحقت بمتجره أضرار بالغة، في حوار هاتفي \"بطبيعة الحال أن الهدنة خرقت\"، مضيفا \"علينا أن نسمي الأشياء بأسمائها\". غير أن آخرين لهم رأي مختلف حيث يقول سانشيز تشوينكا، الذي يتفق مع تقييم الحكومة \"لم تكن هناك وفيات ولا قنابل\"، قبل أن يضيف \"أعمال كالي بوروكا تمثل منطقة رمادية. ثم إنه من غير الواضح من هو المسؤول، ولا يبدو أن إيتا هي المسؤول المباشر\". \r\n والواقع أن إشارة باتاسونا علناً إلى الحادثين –اللذين وصفت كلاً منهما ب\"الخطير جدا\" معبرة عن أملها في \"عدم تكرار مثل هذه الأعمال مرة أخرى\"– شجعت أولئك الذين يؤمنون بصدق نوايا \"إيتا\" الحسنة. \r\n \r\n جيف بينغري وليسا آباند \r\n \r\n مراسلا الصحيفة \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\" \r\n