\r\n \r\n \r\n ومما تجدر الإشارة إليه أن العديد من البلدان، ومن بينها الولاياتالمتحدة، فرضت عقوبات على بورما للتعبير عن رفضها للعسكريين المستبدين بالحكم، الذين يواصلون احتجاز المدافعة عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والحائزة على جائزة نوبل \"أونغ سان سوكي\". \r\n \r\n غير أن المقاربة المختلفة التي تعتمدها الهند حالياً تلقي الضوء من جديد على الجدل الدائر بين من يعتبرون أن التعامل مع بورما من شأنه أن يدفعها إلى التغيير، والمنتقدين الذين ينددون بكل أشكال التعاون مع المجموعة العسكرية الحاكمة. ويقول ديفيد ستينبورغ، أستاذ الدراسات الآسيوية بجامعة \"جورج تاون\" الأميركية، \"إن مقاربة الهند تنم عن حرصها على المصلحة الذاتية، ولكنها مقاربة قد تساهم في تغيير الأمور في بورما، وإن كان الأمر قد يستغرق وقتاً طويلاً. أما العقوبات والانعزالية، فتعني أن العسكريين سينطوون على أنفسهم ويصبحون معادين للأجانب\". \r\n \r\n وقد وقعت الهند اتفاقاً طويل الأمد ينص على جلب الإمدادات من حقل الغاز الطبيعي يعرف باسم \"شوي\" ببورما، وذلك خلال الزيارة التي قام بها الرئيس الهندي \"عبد الكلام\" إلى البلاد الشهر الماضي. ومما يذكر أن الشركات الهندية المملوكة من قبل الدولة تمتلك أسهماً في هذا الحقل العملاق، وإن كانت شركة \"دايو\" الكورية الجنوبية، هي أكبر مساهم فيه. وإضافة إلى ذلك، من المرتقب أن يتم إنشاء أنبوب غاز، تتراوح تكلفته ما بين مليار دولار ومليار ونصف المليار دولار، لإيصال الغاز إلى الهند فيما ينتظر إنشاء أنبوب آخر يصل الحقل بالصين. \r\n \r\n ويتوقع نشطاء حقوق الإنسان أن تجني المؤسسة العسكرية الحاكمة في بورما ما لا يقل عن 3 مليارات دولار سنوياً بفضل مبيعات الغاز، مما سيقوي قبضتها على الحكم. كما ينتقدون الحكومة الهندية، التي تعلن رسمياً عن رغبتها في حلول الديمقراطية ببورما، لعدم اتخاذها مواقف صارمة تجاه المؤسسة العسكرية الحاكمة. ويقول مارك فارمنار، ممثل \"حملة بورما\" وهي منظمة مدافعة عن حقوق الإنسان مقرها لندن، \"ما يبعث على الاستغراب في سياسة الهند تجاه بورما هو خلوها التام من أي جانب أخلاقي\"، مضيفا \"لقد كانت الهند في أوائل عقد التسعينيات الصوت الوحيد الذي يدعو إلى تحرك المجتمع الدولي، أما اليوم، فقد أضحت الصوت الوحيد الذي لا ينتقد. والواقع أن هدف الهند هو التصدي للنفوذ الصيني والحصول على الغاز\". ويضيف \"فارمنار\" أن العائدات التي سيدرها حقل \"شوي\" على المؤسسة العسكرية الحاكمة ستكون لها \"تأثيرات سلبية لأن النظام سيصبح أقل اعتمادا على الشعب\". \r\n \r\n ومن جانبه، يرى \"سوراب باتاشارجي\"، الناشط في \"لجنة حملة أنبوب غاز شوي\" (الهند)، أن التعامل مع بورما والاستثمار فيها على مدى العقد الماضي فشل في إحداث إصلاحات ديمقراطية بالبلاد، مضيفا \"لم يحدث ثمة أي تغيير، والواقع أن تزايد الاستثمارات قوى قبضة العسكر، فحيثما يوجد أنبوب غاز جديد مثلاً، توجد مخيمات عسكرية جديدة وانتهاكات في حق السكان المحليين\". \r\n \r\n غير أن آخرين يرون نتائج إيجابية بعيدة المدى في دبلوماسية الطاقة مع بورما، والتي يعتبرها بعض المحللين جزءا من سياسة شاملة عنوانها \"النظر إلى الشرق\" وتقوم على ربط علاقات متينة مع شرق آسيا، بما في ذلك تعزيز التنسيق مع بورما لتحسين أمن الحدود، والنهوض بالتجارة والبنى التحتية. وإلى ذلك، يرى ستينبورغ أنه يمكن رصد نسبة من الأموال المستثمرة في بورما للمساعدات الإنسانية، وهو ما من شأنه مساعدة السكان المحليين – وإنْ أشار إلى أن سجل العسكر الحاكمين فيما يخص حجم الإنفاق في مجالي الصحة والتعليم \"سيىء للغاية\". \r\n \r\n ومن جهة أخرى، يرى الخبراء أن أرخص الطرق وأقصرها بالنسبة للأنبوب المزمع أن يصل بورما بالهند – والمتوقع أن يتراوح طوله ما بين 530 و590 ميلاً- يمر عبر بنغلاديش المجاورة والفقيرة، والتي تتفاوض بشأن رسوم العبور المقدرة بملايين الدولارات والتنازلات التجارية. ومما يذكر في هذا السياق أن لبنغلاديش ذات الأغلبية المسلمة علاقاتٌ متوترة مع الهند بسبب قلق هذه الأخيرة من الهجرة غير الشرعية وأنشطة مجموعات مسلحة تنشط على الحدود. غير أن المحللين يتوقعون تحسن العلاقات في حال مرور أنبوب الغاز عبر أراضي بنغلاديش. ويقول الخبراء إن طريقا بديلا لا يمر عبر بنغلاديش قد يصب في مصلحة ولايات الهند المتمردة والمتخلفة والخارجة عن حكم القانون التي تقع شمال شرق البلاد والتي تشترك في حدودها مع بورما وبنغلاديش. \r\n \r\n هذا وتتطلع الهند إلى إنشاء أنبوبي غاز من المرتقب أن يصل أحدهما إلى أراضيها من إيران عبر باكستان، فيما يترقب أن يأتي الثاني من تركمنستان عبر أفغانستان. ويعتبر المشروعان– على غرار مشروع الربط الغازي مع بورما- موضوعين مثيرين للجدل، غير أن بعض الخبراء يرون أنهما يمثلان فرصة لاستقرار إقليمي أكبر- عبر تشجيع الاستثمارات وتحالف المصالح الاقتصادية في هذا الجزء من العالم. \r\n \r\n سونيل جاتياني \r\n \r\n \r\n مراسل \"كريستيان ساينس مونيتور\" في بومباي- الهند \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\"