مسألة السيطرة على أجهزة الأمن الفلسطينية أصبحت مرة أخرى القضية المركزية في الصراع بين الفلسطينيين واذا لم تعالج هذه القضية بحكمة وروية فإنه قد تشع شرارة اشتباكات دامية بين الفصائل الفلسطينية المختلفة ولن تكون هناك جهة يمكن الرجوع اليها لوضع الامور في نصابها من جديد. \r\n \r\n يقول شلومو افنيري استاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية وهو مدير عام سابق لوزارة الخارجية الاسرائيلية: لا توجد سابقة حول حدوث نقل سلس وسلمي للسلطة في الاراضي الفلسطينية أو في الدول العربية ككل. التوتر لا يزال قائما منذ الانتخابات ولكن هناك اشتباكات محدودة ومتفرقة بين الفصائل الفلسطينية المختلفة خاصة في قطاع غزة الذي يعد احد معاقل حماس. ذكرت حماس انها ارادت تشكيل حكومة ائتلافية مع فتح وغيرها ولكن فتح لم تظهر اي استعداد للمشاركة خاصة قيادة الصف الأول فيها وهي في نفس الوقت لم تظهر الحيالين تجاه حماس. \r\n \r\n الفصائل الفلسطينية الأخرى نقلت الشيء نفسه بما في ذلك حركة الجهاد الاسلامي مما يزيد الاوضاع تعقيدا. \r\n \r\n استمرت بعض الفصائل الفلسطينية في مهاجمة اسرائيل بل واظهر بعضها اشارات عن استعدادها للتصعيد ساعية بذلك لوأد اي تفاهم او تقارب يمكن ان يحصل بين حماس واسرائيل وهو شيء ان حصل سيؤدي الى تهميش هذه الفصائل مجتمعة.لرد الاسرائيلي على فوز حماس جاء على شكل شن حملة اغتيالات شعواء ضد المتشددين فقد قتل ما بين الاول من فبراير واوائل مارس ما يزيد على 20 مناضلا فلسطينيا معظمهم من الجهاد الاسلامي وكان بعضهم ايضا ينتمي الى كتائب شهداء الاقصى وتمت عمليات القتل هذه من خلال شن غارات جوية او عمليات كوماندوز وكان هذا مصدر احراج كبيرا لحماس.من جانبها استمرت حماس في الالتزام بالتهدئة التي وافقت عليها في فبراير 2005 بناء على مبادرة تقدم بها عباس الذي كان يسعى لشراء الوقت من اجل اجراء مفاوضات مع اسرائيل ويبقى عباس رئيسا للسلطة الفلسطينية ولكن سلطته الشخصية تراجعت كثيرا بعد فوز حماس وعليه فلا عجب اذا رأيناه يحاول ان يناور من اجل التوصل الى حلول وسط مع حكومة حماس وهو يدرك جيدا انه في موقف ضعيف للغاية. وتبقى الاجهزة الامنية هي رصيده الرئيسي وهذه الاجهزة تعارض اي تحالف مع حماس مما يحد من قدرة الرئيس على المناورة، حماس من جانبها تريد السيطرة على الاجهزة الامنية والاستخبارية للسلطة او على الاقل كسر هيمنة فتح عليها من خلال وضع جميع هذه الاجهزة تحت سلطة وزارة الداخلية وتطهير هذه الاجهزة من العناصر الفاسدة التي تتغلغل بها ويقال ان هناك 62 ألف فلسطيني يعملون في الاجهزة الامنية وهناك 10 آلاف شخص آخر كاحتياط يتقاضون ايضا رواتب من السلطة. وقد انفقت السلطة الفلسطينية حوالي 70% من ميزانيتها السنوية المحدودة اصلا على هذه الاجهزة التي اقامها عرفات وشجع حدوث تناحر فيما بينها كوسيلة لمنع حدوث انقلاب ضده. وتزايدت الازمات الفلسطينية مع التهديدات التي صدرت عن الولاياتالمتحدة والدول المانحة الاخرى بمنع تقديم اي مساعدات لاي حكومة تشكلها حماس مما زاد من توتر العلاقة بين هذه الاجهزة المختلفة، في 28 يناير اي بعد مرور ثلاثة ايام على النصر الانتخابي لحماس استخدم عباس سلطته الدستورية كقائد اعلى للاجهزة الامنية للحيلولة دون وصول حماس إلى تلك الأجهزة فأمر قادة تلك الأجهزة بتقديم التقارير اليه شخصيا وليس لرئيس الوزراء أو وزير الداخلية، ومثل هذه المناصب الرفيعة استولت عليها حماس وبالتالي سعى عباس لحرمان حماس من الوفاء بتعهدها بتنظيف السلطة الفلسطينية من الفساد والمفسدين وبذلك يكون عباس قد الغى عمليا مرسوما كان قد اصدره بعد موت عرفات بتوحيد الأجهزة الأمنية تحت قيادة وزير الداخلية وهو تحرك ينظر اليه على انه قصد منه طمأنة الولاياتالمتحدة وإسرائيل والعمل في نفس الوقت على حماية الأجهزة الأمنية التي ينخرها الفساد ومنع تفككها وذهاب ريحها.في الوقت الذي يتمتع به عباس بسلطة مباشرة على قوات الأمن الوطني فإن سلطته على «جيش» السلطة وأجهزته الاستخبارية وعلى مجلس الأمن القومي مشكوك فيها فخلال الانتفاضة فإن كل هذه الأجهزة انضمت للمقاتلين أو تحولت لحد ما إلى عصابات مسلحة عاثت فسادا في الأراضي الفلسطينية. \r\n \r\n ومع ذلك لا يزال هناك اعداد لا بأس بها من نشطاء فتح وضباط الشرطة يدينون بالولاء لعباس. وظهر ذلك جليا في 28 يناير عندما سيطرت بعض العناصر على مبنى البرلمان في رام الله احتجاجا على الهزيمة الانتخابية لفتح. \r\n \r\n وقد حذر قادة هذه الاجهزة الامنية عباس من انهم قد يرفضون تنفيذ اي اوامر تصدر اليهم من قبل حكومة حماس. وغني عن القول ان معظم قيادات وعناصر هذه الاجهزة من المنتسبين لحركة فتح واي محاولة من حماس للسيطرة عليها قد تتسبب باراقة الدماء. \r\n \r\n وبالرغم من كسب حماس للعنصر الانتخابي فان قدراتها ليست بذلك القدر الذي يرهب اعداءها وفي نفس الوقت فان خسارة فتح للانتخابات لا يعني انها انتهت بل لا تزال قوة يحسب لها حساب. \r\n \r\n ابرز قادة فتح هما محمد دحلان وجبريل الرجوب وهما قائدان سابقان لجهازي الأمن الوقائي في قطاع غزة والضفة الغربية اما مروان البرغوثي فانه يمضي حكما بالسجن في اسرائيل تبلغ فترته خمسة مؤبدات بعد ادانته بقتل اسرائيليين. \r\n \r\n كقادة لما يسمى بالحرس الجديد تحرك هؤلاء بعد موت عرفات للتنسيق والتعاون فيما بينهم لغرض انفسهم ومن يوالونهم للسيطرة على فتح في المستقبل القريب واذا نجح هؤلاء في مساعيهم فان امكانية التصادم مع حماس ستزداد بصورة دراماتيكية ولا يخفى على احد ان كلا من دحلان والرجوب يسلط عينيه على منصب الرئاسة ويعرف عن دحلان انه خصم عنيد لحماس منذ وقت طويل وسبق ان تحرك لقمع الحركة في تحرك دموي عام 1996 ومن الواضح ان العداوة والبغضاء لا يزالان يحكمان العلاقة ما بين دحلان والاسلاميين.وكشف النقاب من قبل حماس عن قيام دحلان والموالين له بجمع الاسلحة من القواعد الامنية للسلطة في قطاع غزة ومنع وصولها الى يد حماس كما انهم وزعوا آلاف الكلاشنكوفات على نشطاء فتح وتنظر حماس لدحلان على انه شخصية قوية في فتح وله علاقات قوية مع اميركا واسرائيل وتسعى بالتالي لإلحاق الهزيمة به.وكان الزهار الذي عين وزيرا للخارجية في حكومة هنية قد ذكر ان حركته مصممة على السيطرة على الاجهزة الامنية ودمج مقاتلي حماس البالغ عددهم خمسة آلاف في تلك الاجهزة. اسرائيل واميركا لا تثقان كثيرا في حماس وبالتالي فإن مثل هذه الاقوال تثير مخاوفهما فلقد سبق لاسرائيل ان تساهلت مع موضوع اقامة الاجهزة الامنية بموجب اتفاقات اوسلو ولكنها لن تتسامح ابدا بوجود جيش فلسطيني تسيطر عليه حماس. \r\n \r\n الكادر العسكري لحماس يتسم بالانضباط اكثر من اي فئة فلسطينية اخرى ولكن اذا حصلت مواجهة فإن اعداد المقاتلين في التنظيمات الاخرى سيفوق كثيرا الاعداد التي لدى حماس. \r\n