وبرأيي أن الأدلة التي يستخدمها ممثلو الادعاء غير جديرة بالثقة. ومعروف ان بصمات الأصابع كانت تمثل قمة الاعتمادية لدى ممثلي الادعاء الى ان ظهر اسلوب مطابقة الحمض النووي الأكثر تطوراً. \r\n وقد دخلت بصمات الأصابع إلى ترسانة وسائل الشرطة والادعاء في أواخر القرن التاسع عشر باعتبارها "فتحاً علمياً" مقارنة بالوسائل التقليدية الأخرى التي كانت سائدة في ذلك الوقت، والمستخدمة في تحديد المجرمين المفترضين، مثل فراسة الدماغ أو دراسة شكل الجمجمة .\r\n وفي عام 2006 وجه مفتش عام "اف بي آي" الحالي جلين فاين ما يمكن وصفها بضربة قاتلة لأدلة بصمات الأصابع حسب استخدام "اف بي آي" لها، واستخدام وكالات تنفيذ القانون عموماً لتلك الأدلة. \r\n وتتعلق القضية - التي اعاد النظر فيها المفتش العام بناء على طلب عضو مجلس النواب الأمريكي جون كونيرز وعضو مجلس الشيوخ راسل فينجولد - باعتقال "اف بي اي" خطأ لبراندون مايفيلد، وهو محام من بيفرتون في ولاية اوريجون .\r\n ففي 11 مارس/آذار 2004 انفجرت قنابل عدة في شبكة قطارات مدريد ولقي 191 شخصاً مصرعهم وأصيب 1460 شخصا آخرون بجراح. وبعد وقت قصير من تلك التفجيرات اكتشفت الشرطة الاسبانية كيساً بلاستيكياً أزرق يحتوي على متفجرات داخل سيارة متوقفة قرب محطة قطارات "أكالا دي هيريز" في مدريد وهي المحطة التي تحركت منها جميع القطارات التي وقعت فيها التفجيرات في ذلك اليوم .\r\n وتمكنت الشرطة الاسبانية من رفع عدد من البصمات من الكيس. وفي 17 مارس أرسلت الشرطة صوراً رقمية لبصمات الأصابع هذه الى مختبر "اف بي آي" الجنائي في فيرجينيا. وأدخل المختبر الصور عبر نظامه الثمين المسمى اختصاراً "ايافيس" وهو نظام مطابقة بصمات الأصابع الموحد الاوتوماتيكي، ويحتوي على نحو 20 مليون بصمة أصبع .\r\n وأعطى حاسوب "ايافيس" عشرين "بصمة اصبع مرشحة"، ولكنه حذر من أن مطابقة هذه البصمات المرشحة العشرين تكاد تكون مستحيلة. وشرع خبراء "اف بي آي" في فحص البصمات بعدساتهم المكبرة ومقارنتها مع الصور المرسلة من اسبانيا، وبلمح البصر، طرح الخبراء شكوك الحاسوب جانباً وقرر كبير خبراء فحص البصمات تيري جرين انه اكتشف "مطابقة بنسبة 100 في المائة بين احدى البصمات الاسبانية والبصمة الرابعة في قائمة العشرين بصمة التي حذر حاسوب ايافيس من استحالة مطابقتها. وقال جرين ان البصمة الرابعة جاءت من الاصبع السبابة اليسرى لبراندون مايفيلد. وكانت بصمات أصابع مايفيلد موجودة في ملف "اف بي آي" الرئيسي، ليس لأنه سبق له أن اعتقل او اتهم بأي جريمة، بل لأنه ملازم سابق في الجيش الامريكي .\r\n وفي اليوم التالي، اي في 14 ابريل عرف المدعي العام الامريكي في بورتلاند بحقيقة أن السلطات الاسبانية تدحض بقوة مطابقة "اف بي آي" لبصمة سبابة مايفيلد اليسرى. ولكن المدعي العام وأفراد فريقه كانوا آنذاك يتعطشون للدم. ومن خلال المراقبة السرية علموا أن مايفيلد متزوج من امرأة مصرية، وأنه اعتنق الاسلام مؤخرا وأنه يتردد بانتظام على مسجد بلال في بورتلاند وأن أحد عملائه في قضية حضانة طفل وهو مسلم امريكي يدعى جيفري باتل، وان باتل - وهو امريكي اسود - اتهم للتو بمحاولة السفر الى افغانستان للقتال لمصلحة طالبان .\r\n ولم يكن مايفيلد يعرف ان "اف بي آي" كان يتجسس على هواتفه ويفتش مكتبه سراً. وكانت المرة الأولى التي علم فيها انه مواطن تحت الشبهة في مساء 6 مايو/ايار. وفي ذلك اليوم حضر 8 من عملاء "اف بي آي" الى مكتب المحاماة الخاص به، واعتقلوه ووضعوا يديه المصفدتين خلف ظهره غير عابئين باحتجاجاته .\r\n وتم تعيين مدافعين عموميين فيدراليين لمايفيلد وهما ستيفن واكس وكريستوفر شاتز. ومثل المدافعان العموميان امام القاضي جونز وطالبا بإبقائه رهن الاعتقال المنزلي بصفته شاهدا جوهريا ولعدم وجود أدلة واضحة ضده. وأرغم القاضي جونز في نهاية المطاف المدعي العام الامريكي على أن يكشف عن الدليل الذي يوجد بحوزته ضد مايفيلد، وأجاب المدعي العام بأن لديه بصمة اصبع لكنه حجب عن المحكمة حقيقة أن بصمة الاصبع هذه مشكوك فيها إلى حد كبير وأن الشرطة الاسبانية أكدت عدم صحتها .\r\n وأبلغ المدعي العمومي المحكمة أصولاً بأن الشرطة الاسبانية قالت إن بصمة الاصبع مطابقة لبصمة الاصبع الوسطى اليمنى للمواطن الجزائري أوهنان داؤود المقيم في إسبانيا وإن داؤود رهن الاعتقال للاشتباه في ضلوعه في التفجيرات. وأمر القاضي جونز بالإفراج عن مايفيلد .\r\n وبعد أربعة أيام، وتحديداً في 24 مايو/أيار، تم إلغاء أمر اعتقاله .\r\n \r\n * رئيس تحرير موقع "كاونتربانش". \r\n