\r\n وعشية الاجتماع, قال وزير الخارجية الماليزي, سيد حميد, انه كان ممكنا لواشنطن ان تشارك فيه ان هي وقعت »معاهدة الصداقة والتعاون« القائمة بين جميع الاعضاء. غير ان الدعوات لهذا اللقاء وجهت قبل تسعة اشهر. عند هذه النقطة تبدو مشاركة الولاياتالمتحدة محرجة, وتفتقر الى الكرامة, على حد تعبير مصادر في وزارة الخارجية وصفت الاجتماع »بالصندوق الاسود«, الذي من الصعب الحدس باغراضه, اذ بينما يحتُمل ان تصبح هذه القمة دكانا جديدا للتباحث, وغارقا في المشاحنات والمشاجرات, فانها برغم ذلك ستسعى الى اقامة جماعة سياسية اقليمية مميزة, وبعيدة عن نفوذ الولاياتالمتحدة. فهذا الاجتماع اعلان جريء في هذا العصر, بان الآسيويين لا يرغبون في الاعتماد قياديا على واشنطن المسكونة بالحرب على الارهاب, وان دولا مثل الصين بدأت تظهر في الواجهة, كما يقول محللون. \r\n في هذا السياق, يقول سكوت سنايدر من »مؤسسة آسيا« في نيويورك, »لقد تعب الآسيويون من انتظار واشنطن للبدء في عملية آسيوية وهذا ما تدل عليه هذه القمة, ففي عام ,1990 تغيرت خارطتنا الذهنية (نحن الامريكيون) لاوروبا تغيرا شديدا (عندما سقط جدار برلين). لكن هذا الامر لم يحدث في منطقة المحيط الهادي منذ عام .1945 \r\n على ان ما هو ابعد من ذلك واكبر, كون الاجندة المفتوحة تسلط الضوء على هذه الديناميكية وقابلية التغير التي اضحت عليهما منطقة المحيط الهادي بأكملها في السنوات الاخيرة. وفي هذا الشأن, يقول محللون بانه بالطريقة التي تنفرد فيها آسيا, فان المنطقة تتحرك بسرعة وانسياب - ولكن في اتجاه غير مؤكد. فيقول ريتشارد بيتزينغر, من مركز آسيا المحيط الهادي للدراسات الامنية, ومركزه هونولولو, »ان منطقة آسيا في غاية الحركية الديناميكية, وهي منطقة شاسعة ذات اتفاقيات قليلة جدا حول كيفية المضي الى الامام, فالوضع الامريكي - الجنوب كوري غير ملائم في الوقت الحاضر, والحال اليابانية - الجنوب كورية تشكل معضلة, ولا ندري في الحقيقة الى اين الصين متوجهة«. \r\n اشتمل هذا الاجتماع على مشاركة 10 دول اعضاء في اتحاد دول جنوب شرق آسيا (آسيان), اضافة الى اليابان وكوريا الجنوبية والهند واستراليا ونيوزيلاندا. وانعقدت هذه القمة تحت الحاح ماليزيا والصين, وحتى الان تتوافر وجهات نظر متباينة تماما حول اهداف هذه المجموعة. فيقول اريك تيو, من معهد سنغافورة, »ما من رؤية مشتركة حول هذه المجموعة حتى الان, وما قمة كوالالمبور الا الخطوة الاولى«. \r\n وعلى الرغم من حذف الولاياتالمتحدة من هذه القمة, الا ان واشنطن تحظى بعدد من الحلفاء في هذه المحادثات السامرة, فاليابان, مثلا عملت على اشراك استراليا ونيوزيلاندا, رغم معارضة رئيس الحكومة الماليزية محاذير محمد, الذي كان اول من ارتأى عقد هذه القمة قبل 14 عاما. وقال في حينه, ان هاتين الدولتين اللتين تقعان في »الجنوب البعيد« ليستا اسيويتين على قدر كاف, وتشكلان في الواقع من يحتل موقع »الشريف« للولايات المتحدة في القمة. \r\n على ان استراليا ونيوزيلاندا قد تم السماح لهما بالمشاركة بعد توقيع معاهدة الصداقة, وهي اتفاقية بين 16 دولة حول حل النزاعات بطرق غير عنيفة, وعدم التدخل في القضايا الداخلية للاخرين - مع التركيز من جانب الصين, على وجه الخصوص, على النقطة الاخيرة. اما ضم دول من ذات الوزن الثقيل, مثل اليابان والهند واستراليا, فخفف من مشاعر القلق الاولية التي ساورت دول المنطقة من امكانية هيمنة الصين على النادي الجديد. \r\n وقد اثارت المشاحنات بين اليابان والصين توترات دخلت الى القمة. وقال رئيس الوزراء الصيني وين جيا باو, يوم الاثنين الماضي, في ماليزيا, ان رئيس الوزراء الياباني جونيتشيرو كويزومي لن يقر بتاريخ بلاده في العنف في آسيا, الامر الذي يجعله سببا رئيسيا في تصديع العلاقات بين البلدين, وفي الاسبوع السابق, قال مسؤولون صينيون وجنوب كوريون انه لن نعقد اجتماعات جانبية مع اليابان. \r\n اما غياب تايوان عن القمة فأدى هو الآخر الى احتكاك ايضا, وفي هذا الخصوص, تساءل رالف كوسا, من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن »هل ممكن اقامة مجموعة شرق آسيوية حقيقية, بينما تستثنى منها احدى الدول الاكثر قوة ووفرة اقتصادية«?. \r\n تنعقد هذه القمة في اعقاب اجتماع مجموعة التعاون الاقتصادي في آسيا والمحيط الهادي في العاصمة الكورية الجنوبية, سئول, التي تعتبر المنتدى الرئيسي بالنسبة للسياسة الامريكية حول آسيا. ويذكر هنا ان الرئيس بوش امضى قسما كبيرا من جولته في آسيا, الشهر الفائت, مدافعا عن الحرب على الارهاب. \r\n في هذا الخصوص يقول سوبيا يوشيهايد, من جامعة كييو في طوكيو ان لدى »الولاياتالمتحدة سياسة كونية في الحرب على الارهاب, لكن ليس لديها سياسة خاصة بمنطقة آسيا والمحيط الهادي, وهذا الوضع لا يقدم لنا ما يكفي فالآسيويون بحاجة للبدء بالعناية الاكبر بقضايانا«. \r\n ويقول سنايدر, »منذ عقود, لم يأبه الامريكيون باطراف اخرى في آسيا من حيث تشكيل الاجواء والبيئة المحيطة بطريقة قد لا تكون مقبولة من لدن الامريكيين, لكننا مدعوون الان لان نعلن اية قيم تشعر الولاياتالمتحدة انها غير قابلة للتفاوض في المجتمع الجنوب آسيوي, وليس لدينا اي منها«.