وفي القمة السنوية لمنتدى التعاون الاقتصادي لاسيا والمحيط الهادي (ابك) التي ستعقد في غضون ايام في كوريا الجنوبية لن تثور صيحات في وجه فضائل التجارة الحرة.مع ذلك فان وراء هذه الواجهة المهذبة سيكون هناك تحد كبير في اسيا لادعاء الولاياتالمتحدة بالزعامة العالمية.ففي كل اتجاه سوف يكون هناك تذكير بحدود القوة الاميركية. ولايوجد دليل كبير على ان لدى ادارة بوش اي سياسة في اسيا اوضح من تلك السياسة التي بدت في اميركا اللاتينية.وسوف تظهر الاشارة الاكثر دلالة على انحسار مكانة واشنطن في الشهر المقبل في اجتماع قمة شرق اسيا المقرر انعقادها في ماليزيا.حيث تجتمع فيها الدول العشر الاعضاء في رابطة دول جنوب شرق اسيا(اسيان) واليابان والصين وكوريا الجنوبية والهند واستراليا ونيوزيلاند.والجدير بالاشارة هنا هو عدم دعوة الولاياتالمتحدة لتكون من بين هذه الدول.وتنظر الصين لذلك باعتباره الخطوة الاولى صوب ايجاد تجمع شرق اسيوي بوصفه نظاما اقتصاديا اقليميا يمكن ان يقارب بين هذه الدول بشكل كبير كما يقارب بينها وبين الصين ايضا.وفي يوليو الماضي ظهرت منطقة التجارة الحرة لمجموعة الاسيان والصين لحيز الوجود.وفي بكين هناك احلام بعملة اسيوية تقوم على اليوان الصيني لمنافسة الدولار واليورو. وتمثل هذه المجموعة من الدول اكبر سوق موحدة محتملة في العالم.ففي الوقت الذي لاتزال شرق اسيا تنظر فيه الى الولاياتالمتحدة بوصفها سوق اساسي لها فان التجارة فيما بين دول هذه المنطقة تنمو بشكل سريع.والصين تتفوق الان على الولاياتالمتحدة كشريك تجاري رقم واحد مع كوريا الجنوبية على سبيل المثال. سوف يتحدى اليابانيون التكتل الذي يهيمن عليه الصينيون لكنهم يخشون ايضا من ان يتم نبذهم من قبل اي تجمع ناشئ. وهم يستمتعون باحلامهم بزعامة التكتل الاقتصادي لشرق اسيا في الماضي.وبالعودة الى الثمانينات فان الزعماء اليابانيين كانوا يتحدثون عن اقامة منطقة ين.وبعد الازمة المالية الاسيوية في 1997 اقترحت اليابان انشاء صندوق نقد اسيوي بوصفه نظاما ماليا اقليميا بديلا.وعرض رئيس الوزراء الياباني جونشيرو كيوزومي رؤيته الخاصة بتجمع شرق اسيوي قبل اكثر من 4 سنوات.وأعطى عجز الولاياتالمتحدة عن الاستجابة للازمة المالية الاسيوية في 1997 دفعة للتوجه من اجل قيام تجمع اسيوي كما يذكر ادوارد لينكولن من مجلس العلاقات الخارجية.ويذكر ان الولاياتالمتحدة حاولت فرض تغييرات اقتصادية معينة على البلدان الاسيوية في الوقت الذي عرقلت فيه بدائل مثل صندوق النقد الاسيوي.وتحتج الولاياتالمتحدة بان مثل هذه التحركات لايجاد تجمعات اقليمية منفصلة تقوض النظام التجاري العالمي.غير ان اسيا تسير في ذلك على هدي الخطى الاميركية ليس الا .والشاهد على ذلك هو اتفاقية منطقة التجارة الحرة لاميركا الشمالية مع كندا والمكسيك.كما ان ادارة بوش تروج بشكل غير واقعي للنظام التجاري العالمي.حيث انها اهملت منظمة التجارة العالمية لصالح التوقيع على اتفاقيات تجارة حرة مع بلدان بعينها كما ان هناك الاتفاق الاخير مع مجموعة دول اميركا الوسطى.والآن يعتقد البعض في واشنطن ان الولاياتالمتحدة تواجه تجمعا بقيادة الصين من خلال منطقتها الخاصة في شرق اسيا التي تتشكل من اليابان وكوريا الجنوبية واستراليا.هذا وان كان اي من هؤلاء لايريد الخروج من السوق الصيني.والكل الان يلعب نفس لعبة صياغة اتفاقيات تجارية ثنائية وابرام صفقات تحمي الصناعات الحساسة ويضع العراقيل امام التجارة الحرة في الواقع على منتجات زراعية مثل الارز او السكر او القطن.وسوف تقوض النتيجة النهائية للاتفاقيات الاقتصادية والتجارية الثنائية والاقليمية الائتلاف من اجل تجارة حرة.احد البدائل لتجمع شرق اسيا هو ابك الذي بدأ في 1989 والذي يضم 21 دولة من على جانبي المحيط الهادي.غي ان ابك لم يحقق تقدما كبيرا في ال15 سنة الاخيرة في سبيل ان يغدو مجموعة او منظمة فعلية.حيث لاتوجد وسيلة لتنفيذ التعهدات بخفض التعريفات الجمركية بين اعضائه.وانشطة التجمع مكرسة في الاساس لعقد اجتماعات قمة سنوية.يحظى الاجتماع الذي سيعقد في الاسبوع المقبل ببرنامج رائع حيث ينصب التركيز فيه على محاربة انفلونزا الطيور وتشكيل صوت واحد في مفاوضات منظمة التجارة العالمية على ميثاق تجاري عالمي جديد يتم استئنافه الشهر المقبل في هونغ كونغ.ولقد عجزت الولاياتالمتحدة عبر عدد من الادارات عن تقديم رؤية اكثر وضوحا واكثر توافقا بشأن الاندماج الاقتصادي في اسيا.ولسوء الحظ فان الصينيين وغيرهم هم الان اكثر استعدادا لملأ هذا الفراغ. \r\n دانيل سنيدر \r\n كاتب مختص بالشئون الخارجية في سان خوسيه ميركوري نيوز وباحث في مركز ابحاث اسيا والمحيط الهادي في ستانفورد. \r\n خدمة\"كيه ار تي\"خاص ب(الوطن).