وفي الحقيقة فإنه لا سبيل لردع مثل هذه الأفعال الإجرامية، سوى انتشار موجة الغضب هذه، على النطاق العربي والإسلامي والعالمي. وجراء تلك التفجيرات، يكون الأردن قد انضم إلى العراق والمملكة العربية السعودية ومصر ولبنان وغيرها من الدول التي ذاقت ويلات التفجيرات والإرهاب. هذا وتمثل التفجيرات اليومية التي يشهدها العراق، دليلاً حياً وملموساً على حقيقة أن المسلمين هم الضحية الأولى لهذه العمليات الإرهابية والهوس الديني الذي يقف من خلفها ويغذيها. أما الهجمات المشابهة التي وقعت في كل من الهند وإندونيسيا وأفغانستان وباكستان وبنجلاديش وروسيا، فهي تعكس الانتشار العالمي لظاهرة الإرهاب، ولممارسة الجماعات القائمة به للعنف العشوائي الذي لا يميز بين ضحاياه. \r\n وإن كانت ثمة أخبار إيجابية لكل هذه التطورات الإرهابية، فهي ارتداد هذا الكيد الإجرامي، إلى نحر تنظيم ''القاعدة'' وغيره من الجماعات والخلايا التابعة له، المنتشرة في مختلف أنحاء العالم. ومع ما كانت قد اتسمت به الحرب الدولية المعلنة على الإرهاب، من تركيز على هجمات الحادي عشر من سبتمبر والتفجيرات اللاحقة التي شهدتها العاصمتان الأوروبيتان لندن ومدريد، فقد كان ممكناً حينها القول: إن للهجمات والعمليات التي ينفذها تنظيم القاعدة علاقة بموقف التنظيم المعادي للغرب في الأساس. وعلى رغم ما يمكن أن يُقال الآن أيضاً إن الدول الإسلامية التي تعرضت للهجمات والأعمال الإرهابية التي نفذها التنظيم، هي تلك التي تربطها علاقة وثيقة بالغرب، وإنها الأكثر تعاوناً معه في غزوه وعملياته العسكرية العدوانية ضد كل من أفغانستان والعراق، فإن عشوائية العمليات التي نفذت، والتي راح ضحيتها المدنيون المسلمون قبل غيرهم، إنما تعكس شيئاً واحداً هو عدمية أيديولوجيا الإرهاب باسم الإسلام. \r\n وقد بدا واضحاً أن هزيمة الإرهاب تتطلب استجابات سياسية ومادية معاً. ولكن للأسف فقد أكدت التجربة الأميركية في العراق، أن التكنولوجيا الحديثة لا تكفي وحدها للسيطرة على الإرهاب ووقفه عند حده. وتبين أن الحرب على العراق لهي أشد صعوبة مما تصورت إدارة بوش. ذلك أن هزيمة الجيش العراقي شيء، ومحاربة الإرهابيين العازمين على تفجير أنفسهم وتحويلها إلى قنابل بشرية، شيء آخر مختلف جداً. ولذلك فإن ما بدا كما لو كان نصراً عسكرياً حاسماً للتكنولوجيا الأميركية، انتهى إلى عراك طاحن على الأرض، وإزهاق لا يصدق لأرواح المقاتلين والجنود الأميركيين، في المواجهات اليومية مع المتمردين. \r\n وأهم ما يجب تعلمه من هذه التجربة العراقية المريرة وغيرها من تجارب مكافحة الإرهاب دولياً، هو عجز التكنولوجيا الحربية عن إحراز نصر حاسم على الإرهاب، في ظل غياب العمل الاستخباراتي الفاعل والدقيق. ففي حين تتمكن القوة الحربية المتطورة من إحراز نصر حاسم على بعض جيوب الإرهاب، إلا أنها تعجز عن القضاء عليه ومكافحته نهائياً، دون أن يكلف ذلك تكلفة باهظة تفوق تكهنات أي من كان! وعليه فإن هذه التجربة تثير أسئلة جوهرية ومهمة عن توازن القوى وطبيعة الحرب الحديثة، كما هي تجري فعلياً على الأرض وفي ميادين المعارك، وحول ما إذا كان كل التقدم التكنولوجي الهائل الذي حدث في المجال الحربي خلال الخمس وعشرين سنة الماضية، قد أثر على تبديل موازين هذه الحرب أم لا؟ ذلك أن التجربة الأميركية في العراق، أرغمت الجيش الأميركي عملياً على إعادة النظر في تنظيم تكتيكاته واستراتيجياته، بحيث يستجيب إلى تطورات المعارك الميدانية الحديثة. ومما لا شك فيه أن أميركا ستتعلم الكثير من هذه التكتيكات مستقبلاً. \r\n جيفري كمب \r\n رئيس البرامج الاستراتيجية بمركز نيكسون - واشنطن \r\n