الكولونيل لورانس ويلكرسون، مدير المكتب السابق لوزير الخارجية السابق كولن باول، قال في خطاب حديث له إن تشيني شكل في مرحلة مبكرة مع رامسفيلد «عصبة سرية» مارست ضغوطاً فظة على جهاز صنع سياسة الأمن القومي على أعلى المستويات ولاتزال تفعل ذلك إلى الآن. \r\n \r\n وبحسب العديد من الروايات، فإن تشيني ورامسفيلد ورئيسهما جورج بوش وصلوا إلى الحكم قبل خمسة أعوام وهم مصممون على إيجاد ذرائع لاستعراض العضلات الأميركية، غزو العراق، الإطاحة بصدام حسين، زرع ديمقراطية موالية للغرب على وئام مع إسرائيل في قلب منابع النفط بالشرق الأوسط واستعراض فعالية قوات مسلحة أميركية أخف وأرشق حركة من قبل. \r\n \r\n كانت النيران لا تزال مندلعة في مركز التجارة العالمي والبنتاغون بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، عندما بدأ بوش وتشيني بالسؤال عما إذا كان هناك أدنى صلة بين منفذي الهجمات وصدام حسين. \r\n \r\n وأبلغتهما وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) انه لا توجد علاقة من هذا النوع، لكن هذا لم يغير شيئاً. \r\n \r\n وترك تشيني ورامسفيلد ومساعدوهما من المحافظين الجدد المجال للمنفي العراقي أحمد الجلبي ليوجه تفكيرهما حول ماذا سيحدث عندما تغزو الولاياتالمتحدة العراق.وجاء الجلبي بالمنشقين العراقيين الذين شهدوا على امتلاك صدام حسين أسلحة تدمير شامل وبرنامج نووي. \r\n \r\n ومع ان أجهزة الكشف عن الكذب فضحت زيف شهادات المنشقين، فإن أكاذيبهم وجدت طريقها إلى دفق المعلومات الاستخبارية، متجاوزة في أحيان كثيرة ضباط الاستخبارات المحترفين الذين كانوا يعتبرون الجلبي ورفاقه زمرة من الدجالين. \r\n \r\n ولقد أخبر الجلبي وأعوانه تشيني وآخرين في الإدارة ان صدام سيسقط بسرعة وان الشعب العراقي سيرحب بالجنود الأميركيين باعتبارهم المحررين المنقذين وأنه يمكن عندها بسهولة تسليم قيادة البلد إلى الجلبي ورفاقه في المؤتمر الوطني العراقي الموجودين في المنفى وانه سيكون بوسع الأميركيين الانسحاب بحلول صيف 2003. \r\n \r\n واقتنع تشيني ورامسفيلد بكلام الجلبي لدرجة أنهم صدقوا ان تكلفة الغزو ستكون زهيدة. وكان الجنرالات يريدون نشر 300 ألف جندي بعد الغزو، لكن رامسفيلد كان مقتنعاً بأن الأمر لا يحتاج لأكثر من 50 ألف قياساً بحرب أفغانستان وكان يعتقد انه لن تكون هناك حاجة لقوة احتلال أو لأية عملية لإعادة اعمار البلد. \r\n \r\n وهكذا ألح رامسفيلد على قائد القيادة المركزية للقوات المسلحة الأميركية الجنرال تومي فرانكس، لتقليص حجم القوة العسكرية إلى حوالي 200 ألف جندي، وشطب فرقتين من قوة المتابعة. \r\n \r\n وخفض الحجم الإجمالي للقوة الأميركية إلى 138 ألف جندي للقيام بمهام الاحتلال وحفظ السلام في بلد متصدع تعداد سكانه 25 مليون نسمة منقسمين إلى جماعات أثنية ودينية مختلفة. \r\n \r\n وعندما تحقق لهما مرادهما، أصر تشيني ورامسفيلد على فكرة خوض الحرب بتكلفة زهيدة وأصدرت الأوامر للفرق الأميركية المدرعة، وهي الأكثر فتكا في العالم، بترك معظم مدرعاتها في الوطن، لان تشغيلها سيكلف الكثير من المال. \r\n \r\n وتم إنزال أطقم الدبابات من مركباتهم وأصبحوا جنود مشاة يجوبون الشوارع العراقية المهلكة بعربات «هامفي» التي هي أثقل بقليل من سيارات «الجيب» القديمة. وكذلك الأمر بالنسبة لأطقم المدفعية. \r\n \r\n وقدم الآباء والأمهات لأبنائهم وبناتهم المجندين في الجيش ومشاه البحرية مبلغ الألف دولار اللازم لشراء الدرع الفردي الواقي وغيره من التجهيزات القتالية التي لم تستطع القوات المسلحة توفيرها للجنود. \r\n \r\n وداخل مجالس القيادة، كان وزير الخارجية كولن باول، الصوت الوحيد الذي جادل ضد الغزو، ضد ذهاب الولاياتالمتحدة الى الحرب دون تحالف عريض وضد التقصير في وضع خطة مدروسة للاحتلال وإعادة الإعمار والمكلفين. وفي أحيان قليلة فقط كان باول يحظى بتأييد كوندوليزا رايس. \r\n \r\n لكن تشيني ورامسفيلد تجاهلا كل ما قاله باول ومضيا قدماً في خطتهما دون النظر إلى الوراء.ان حرب العراق هي حربهما. وهما من قاما بالتعبئة وإصدار التعليمات وإجبار القيادات العسكرية على الإذعان لإرادتهما. \r\n \r\n وهما من هيأ الظروف للكارثة وأصرّا بعنادهما على السير في الطريق نفسه، حتى بعد أن اتضحت الحاجة لقوة احتلال اكبر لضمان أمن الحدود المفتوحة على مصراعيها والسيطرة على حوالي مليون طن من الأسلحة والذخائر الموزعة في أنحاء البلد دون حراسة. \r\n \r\n لقد هيأ رامسفيلد وتشيني مع رئيسهما بوش الظروف التي تطحن الجيش الأميركي بالمناوبات الطويلة المتوالية في حرب لا تبدو لها نهاية حرب سقط فيها إلى الآن 2100 جندي أميركي وأصيب فيها 15 ألف آخرون بجروح رهيبة، معظمها من جراء العبوات الناسفة التي تستهدف مركباتهم الضعيفة. \r\n \r\n الرئيس بوش يعتقد ان الله والتاريخ سيحكمان على أعماله.وبالنسبة لتشيني ورامسفيلد فليس أمامهما سوى تعليق الآمال على التهرب من المسؤولية الآن وفي الحياة الآخرة. \r\n \r\n خاص ل «البيان» \r\n \r\n \r\n لوس أنجلوس تايمز