رئيس دفاع النواب يهنئ الرئيس السيسي بالعام الهجري الجديد    الإسماعيلية تطلق مبادرة أسماكنا بنصف ثمنها لتخفيض أسعار السمك 30% ومواجهة الغلاء    الرئيس ترامب ووعوده المكسورة    ميتروفيتش يغيب عن مواجهة الهلال وباتشوكا في كأس العالم للأندية    نوتنجهام يفتح محادثات مع يوفنتوس لضم وياه ومبانجولا    حتى 15 يوليو المقبل.. بدء تلقي تظلمات الشهادة الإعدادية بشمال سيناء    "رحلة إلى الحياة الأخرى".. برنامج تعليمي صيفي للأطفال بمتحف شرم الشيخ    جائزة لرجل الصناديق السوداء    موندو ديبورتيفو: كريستنسن على رادار ميلان    العرض الأفريقي الأول لعائشة لا تستطيع الطيران بمهرجان ديربان السينمائي الدولي    الرئيس الفرنسي يشدد أهمية التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة    «القومي للمرأة» يهنئ إيمان أنيس لتنصيبها نائباً للأمين العام للاتحاد الأفروآسيوي    محافظ المنوفية يفتتح مركز الثقافة الإسلامية في شبين الكوم| صور    «الداخلية» تمد فعاليات المرحلة ال27 من مبادرة «كلنا واحد» لمدة شهر    محمد مطيع يناقش خطة اتحاد الجودو مع المجلس العلمي لوزارة الرياضة    معسكر إعداد خارجي للزمالك قبل الموسم الجديد    إي اف چي هيرميس تنجح في إتمام خدماتها الاستشارية لعملية القيد التاريخية لشركة ڤاليو في البورصة المصرية    لماذا نشعر بدرجات حرارة أعلى من المعلنة؟.. هيئة الأرصاد توضح    وقف مؤقت للغوص بجزر الأخوين لتنفيذ برنامج تتبّع لأسماك القرش    ضبط نَصَّابٍ استولى على 3 ملايين جنيه من 8 مواطنين بسوهاج    حكومة الانقلاب فشلت في مواجهتها..الكلاب الضالة تهدد حياة المواطنين فى الشوارع    رسميا .. وزيرة البيئة تختتم أعمالها في مصر بتطوير قرية الغرقانة    مجلس جامعة الإسكندرية يعتمد الخريطة الزمنية للعام الدراسي الجديد    زيلينسكي يخطط للقاء ترامب خلال قمة الناتو بلاهاي    وداع الكاتب الكبير محمد عبد المنعم.. جنازة مهيبة من مسجد عمر مكرم    بالعلم الفلسطيني وصوت العروبة.. صابر الرباعي يبعث برسالة فنية من تونس    قافة طبية للكشف على 1173 مواطن من نزلاء مستشفى الصحة النفسية بالخانكة    تنفيذ 7234 عملية عيون للمرضى غير القادرين بالأقصر    «متى سنتخطى التمثيل المشرف؟».. خالد بيومي يفتح النار على إدارة الأهلي    «صحافة القاهرة» تناقش مستقبل التعليم الإعلامي في العصر الرقمي    الصين: عرض عسكري لإحياء الذكرى ال80 للانتصار فى الحرب العالمية ضد الفاشية 3 سبتمبر    الفريق أحمد خليفة رئيس أركان حرب القوات المسلحة يلتقى رئيس أركان القوات البرية بالجيش الليبي    سانتوس يقترب من تجديد عقد نيمار    «بحبكم برشا».. أول تعليق من مي عمر على تكريمها من مهرجان الإذاعة والتلفزيون بتونس    مطالبا بضرورة احترام استقلال الدول وسيادتها على كامل أراضيها.. الأزهر يعرب عن تضامنه مع قطر    زلزال بقوة 5.7 ريختر يضرب الدومينيكان وبورتوريكو ويحدث أضرارا طفيفة    حبس أب اعتدى على نجله بالضرب بآلة حادة في المنوفية    يوسف داوود.. "مهندس الضحك" الذي ألقى خطبة الجمعة وودّعنا في هدوء    خلال فعاليات قمة مصر للأفضل.. «طلعت مصطفى» تتصدر قائمة أقوى 100 شركة في مصر وتحصد جائزة المطور العقاري الأول لعام 2025    الإدارة العامة للمرور: ضبط (56) ألف مخالفة خلال 24 ساعة    تحرير (153) مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    تبدأ 26 يوليو.. محافظ الدقهلية يعتمد جدول امتحانات الدور الثاني للنقل والشهادة الإعدادية    وزيرة البيئة: مشروع تطوير قرية الغرقانة نموذج متكامل للتنمية المستدامة الشاملة    محافظ القاهرة يشهد احتفال الأوقاف بالعام الهجرى الجديد غدا نائبا عن الرئيس    6 مشاريع بحثية متميزة لطلاب الامتياز ب"صيدلة قناة السويس"    ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي بقيمة 8 ملايين جنيه    متحدث عسكري عراقي: مسيرات استهدفت عدة مواقع وقواعد نتج عنها أضرار للرادارات    نائب محافظ القاهرة يتفقد المركز التكنولوجى بمجمع الأحياء لمتابعة إجراءات التصالح على البناء المخالف    الكنيسة الأرثوذكسية تعلن موعد صلاة الجناز على شهداء كنيسة مار إلياس    قافلة طبية مجانية بحى الصفا فى العريش تشمل تخصصات متعددة وخدمات تثقيفية    التأمين الصحى بالبحر الأحمر يعقد اجتماعه الدورى لمتابعة الأداء وتطوير المنظومة    بدأت ب«فولو» على إنستجرام.. سلمى أبو ضيف تكشف طريقة تعرفها على زوجها    تداول 10 آلاف طن بضائع و532 شاحنة بموانئ البحر الأحمر    ما حكم تيمّم المرأة التي تضع «المكياج»؟.. الإفتاء تُجيب    تفسير آية | معنى قولة تعالى «وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي 0لۡكِتَٰبِ لَتُفۡسِدُنَّ فِي 0لۡأَرۡضِ مَرَّتَيۡنِ»    هل الشيعة من أهل السنة؟.. وهل غيّر الأزهر موقفه منهم؟.. الإفتاء تُوضح    شاهد وصول لاعبى الأهلى إلى استاد ميتلايف لمواجهة بورتو البرتغالى    رسائل قوية من بوجبا عن أزمة المنشطات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحقيقة والزخرف في عملية التخلص من السود
نشر في التغيير يوم 13 - 10 - 2005


\r\n
وفي الاسبوع الماضي كان الدور على ذلك الواعظ الاخلاقي العام المحافظ، وليام بينيت "مقدم البرنامج الإذاعي الشهير: الصباح في امريكا". كان ينبغي عليه أن يكون أكثر تعقلا من اطلاق فرضية في برنامجه الاذاعي، يعلن فيها اننا "اذا كنا نريد خفض الجريمة، فإن علينا أن نسقط بالإجهاض كل جنين اسود في هذه البلاد، وعندئذ سينخفض معدل الجريمة"، والعديد من الامريكيين لا يعتبرون تلك فرضية بل خطة تنتظر التنفيذ.\r\n
بطبيعة الحال ذلك ما قاله بينيت فعلا، وكان ينبغي عليه أن يكون أكثر تعقلا، لأن الامريكيين في الغالب لا يفهمون الفرضيات، أكثر مما يشعرون بالارتياح إزاء المفارقة. وخاصة ان الناس في عصر الانترنت، اصبح فهم الكلام بحرفيته عندهم هو الموضة السائدة، لذلك فإنه لا فائدة في الشروط التي أضافها بينيت الى فرضيته، حين قال: "ان ذلك سيكون مستحيلا وسخيفا، وشيئا يستحق فاعله التوبيخ على الصعيد الأخلاقي".
\r\n
وتكمن المفارقة الأعمق هنا في أن الليبراليين قد تأملوا بصورة اطول وأعمق مما فعل المحافظون كيفية التطبيق الدقيق والمحدد لخطة بينيت الافتراضية، سواء عن طريق التعقيم او منع الحمل الاجباري.
\r\n
وكان علم تحسين النسل والحيلولة دون ولادة اطفال غير جديرين على الصعيد الاجتماعي من الموضوعات الساخنة بين المطهرين الاجتماعيين في امريكا، وذلك قبل أن يجعل هتلر ورفاقه النازيون هذا الموضوع موضة قديمة، (وهم الذين كانوا يقولون انهم قد تعلموا الكثير من قوانين التعقيم الامريكية والقيود المفروضة على الهجرة في امريكا).
\r\n
ولم يكن اشد دعاة التطهير العرقي الاجتماعي هؤلاء تعصباً لم يكونوا من الدجالين الجنوبيين بل من الليبراليين الشماليين. وكان من بين رواد قوانين التعقيم، ولاية لافوليت في شمال وسط الولايات المتحدة ويسكونسن، وولاية وود رو ويلسون على الساحل الشرقي نيوجيرسي.
\r\n
وفي شتى انحاء البلاد، وبعدها قادت انديانا الركب فكانت السباقة في هذا السبيل في عام ،1909 كان من اعظم المتحمسين لقوانين التعقيم من أجل تحسين النسل وأشرس من رفع هذا النهج ودفع به قدما ساسة تقدميون وخبراء طبيون والجماعات النسائية الارستقراطية. وفي اوساط الثلاثينات من القرن الماضي اشهر بيب جريفس حاكم الاباما سيف الفيتو معترضا على تشريع للتعقيم كان المجلس التشريعي في الولاية قد مرره بحماس بالغ. واستند جريفس الذي كان مناصرا لقضايا الشعب في اعتراضه واستشهد "بالمخاطر المهددة للحقوق الشخصية للأفراد".
\r\n
كان الدافع الاكبر وراء حمى التعقيم وقوانينه الذعر المالتوسي الذي أشاعته نظرية توماس روبرت مالتوس (اقتصادي بريطاني أدت نظريته المتعلقة بالنمو السكاني الى نشوء مخاوف من ان ينجم عن التزايد في عدد السكان مجاعة تنتشر على نطاق واسع) فارتاع الاثرياء من شبح ان يتناسل الفقراء بمعدلات اسرع من معدلات الإنجاب لدى الأغنياء او الفئات الاعلى ذكاء. وكان عالم الأحياء الألمعي الذي يحظى بمكانة مرموقة جاريت هاردن قد قال في كتابه الذي نشر عام 1949 بعنوان "علم الأحياء" وكان يخوض في مسألة المضامين الانسانية كموضوع التعقيم بغرض تحسين النسل "إنه اما ان يكون ثمة تخلص غير مؤلم من العناصر الضارة قبل الولادة، او ان يكون هناك استئصال للأفراد اكبر وأوسع هدرا وأشد إيلاما بعد مولدهم.. فهل إذا أهملنا برامج تحسين النسل سيكون إنجاب الاطفال غير انتقائي؟". وبحلول عام 1968 لاقت هذه النزعة رواجاً جديداً إذ انصرف عالم الجراثيم والمناعة الألماني بول ايرلك الحائز جائزة نوبل الى حث الحكومات على تقليص برامج "الحد من الوفيات" وذلك في مؤلفه "القنبلة السكانية"، وكان ايرلك يعني بذلك خفض ميزانيات الصحة العامة. وجاء نيكسون فخفض المزايا الصحية وضخ اموالها الى برامج تحديد النسل للسيطرة على التزايد السكاني.
\r\n
ويقول آلان تشيس في كتابه "تركة مالتوس" ان 63678 ألف شخص قد جرى تعقيمهم قسراً فيما بين عامي 1907 و1964 في امريكا في الولايات الثلاثين والمستعمرة الوحيدة التي سنت مثل هذه القوانين. لكن كان هناك في الحقيقة مئات الآلاف من عمليات التعقيم الاخرى التي كانت طوعية في الظاهر غير انها قسرية جرت عنوة في واقع الحال. واقتبس تشيس من القاضي الفيدرالي جيرهارد جيل قوله في عام 1974 في خضم قضية ترافعت فيها المحاكم لمصلحة ضحايا التعقيم القسري للفقراء: "على مدى السنوات القليلة الماضية قامت الدولة والهيئات والوكالات الفيدرالية بتعقيم ما بين مائة الى مائة وخمسين الف شخص سنويا من متدني الدخل الفقراء".
\r\n
ويماثل هذا المعدل ذاك الذي وصلت اليه ألمانيا النازية.
\r\n
وقال جيل: "ثمة عدد غير محدد من الفقراء الذين أكرهوا بصورة غير لائقة على قبول عملية تعقيم تحت التهديد بسحب جميع مزايا الرفاه المدعومة فيدراليا ما لم يستسلموا للتعقيم الذي لا رجعة فيه ولا يمكن تدارك آثاره. ومن الجلي الذي لا يمكن دحضه أن المرضى الذين يتلقون عوناً طبياً عند ولادتهم سيكونون هم الجهة الأكثر استهدافاً في عملية الضغط هذه".
\r\n
وتكهن تشيس، الذي ظل يكتب الى نهاية حقبة السبعينات بأن ما لا يقل عن 200 امريكي سنويا كانوا ضحايا التعقيم الاجباري الذي لا يمكن عكس مساره.
\r\n
وفي اواسط حقبة التسعينات ازدهرت على ايدي الليبراليين الفرضية الاساسية ذاتها التي كان بينيت يعتنقها ويروج لها. قالوا يومها ان ثمة دائرة من الفقر والاعتماد على الرعاية والرفاه الاجتماعي تشكل البيئة الخصبة للجريمة. وفي عام 1994 منعت اريزونا ونبراسكا الزيادات في ضمانات الرفاه الاجتماعي وحرمت منها متلقيها ممن لديهم زيادة في المواليد ما داموا يحصلون على الاعانة الحكومية. وفي العام نفسه رصدت ولاية كونيكتيكت ميزانية لدراسة حثيثة لسن تشريع يمنح مزايا دعم اضافية للأمهات اللواتي يحظين بخدمات الانعاش الاجتماعي واللواتي يقبلن الخضوع لعملية زرع لمنع الحمل (والتي كانت تسمى نوربلانت).
\r\n
ورغم ان دعاة تحسين النسل وفق هذه المفاهيم العرقية تجنبوا استخدام الفاظ عنصرية محددة وفضلوا مفردات مثل "ضعاف العقول" و"المعاتيه البله". (وهي عبارة يحبذها داعية التعقيم المتحمس القاضي اوليفر ويندل هومز الذي يحظى بإعجاب كبير لدى الليبراليين) فإن الطرف المستهدف عموما انما كان السود، زنوج امريكا. كما ان ما لم يستطع التعقيم منعه سعى وتكفل بتحقيقه الحجر الطبي والعزل الصحي والاحتجاز المبرر طبياً.
\r\n
ولم يكن بيل بينيت يعرف شيئا عن النصف الآخر لهذا الأمر، لقد كان متخلفا عن المنحنى بنحو قرن من الزمان.
\r\n
\r\n
* كاتب صحافي ومحلل سياسي يترأس تحرير موقع "الكاونتر بانش"
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.