\r\n وقد وافق وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي على صفقة تاريخية في اللحظات الأخيرة مع تركيا يوم الاثنين الماضي، بعد ما يقرب من ثلاثين ساعة من المحادثات، والتي انتهت بسحب النمسا طلبا قالت فيه إنه ينبغي أن يُعرض عليها خيار يقل عن العضوية الكاملة. ويجب أن يتم التصديق على العضوية الكاملة لتركيا من قِبل جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ال25، وهو ما يعطي لدول مثل فرنسا حق اعتراض شعبي فعال. \r\n \r\n ومن بين الاختبارات الكبيرة التي تواجه تركيا الآن إقناع جيرانها الأوروبيين ومواطنيهم أن عضويتها في النادي الأوروبي سوف تكون مفيدة لهذه الكتلة. \r\n وتوجد في الوقت الحالي معارضة شعبية عميقة داخل النمسا والعديد من الدول الأوروبية الأخرى؛ حيث يشير المنتقدون إلى الإسلام، وحجم تركيا (تعداد السكان يبلغ 70 مليون نسمة) ومعدل الفقر (يبلغ نصيب الفرد من إجمالي الدخل القومي 7.400 دولار من حيث القوة الشرائية مقارنة ب28.700 دولار في ألمانيا) باعتبارها أسبابا جديرة بإبقائها بعيدة عن الاتحاد الأوروبي. \r\n كما تظل الهجرة من تركيا أيضا موضوعا شائكا في العديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. \r\n وتظهر استطلاعات الرأي التي جرت مؤخرا أن أغلبية الناخبين الفرنسيين والألمان والنمساويين يعارضون قبول تركيا، وأن أغلبية الدانمركيين يرغبون في رؤية أوكرانيا المرشحة للعضوية في الاتحاد الأوروبي بدلا من دولة إسلامية. \r\n وربما يؤدي هذا الانتقاد إلى إعاقة المفاوضات المستقبلية لأن اثنين على الأقل من معارضي تركيا، وهما فرنسا والنمسا، قد وعدوا ناخبيهم بإجراء استفتاءات حول انضمام تركيا. \r\n كما أن رد فعل الرئيس الفرنسي السابق فاليري جسكار دستانج على اتفاق يوم الاثنين لم يبشر بخير فيما يتعلق بالتأييد الفرنسي. \r\n وقال في تصريح له: \"لقد علمت الأخبار بحزن ودهشة؛ لقد قال الشعب الفرنسي منذ أربعة شهور: 'نحن ضد دخول تركيا‘، وها هو الأمر يحدث بعد أربعة شهور\". \r\n وقد كان هذا \"الحزن\" واضحا أيضا في بعض وسائل الإعلام الأوروبية الأخرى. \r\n فقد قالت صحيفة ألجيمين زيتونج الألمانية، والتي تصدر في فرانكفورت، إن الأمر سيمثل فشلا ذريعا إذا رفض الناخبون الأوروبيون العضوية الكاملة لتركيا بعد سنين من المفاوضات، وأضافت الصحيفة: \"يجب عليكم أن تعجبوا من تعنت وعجز هؤلاء الذين ينظرون إلى عضوية تركيا الكاملة باعتبارها الطريق الوحيد للسعادة\". \r\n لكن العديد من زعماء الاتحاد الأوروبي حاولوا يوم الثلاثاء التقليل من أهمية هذه التحديات، قائلين إن الصفقة سوف تكون مفيدة للاتحاد الأوروبي ومواطنيه. \r\n فمن جانبه قال جاك سترو وزير الخارجية البريطاني، والذي رأس ما أسماه \"30 ساعة جميلة ومرهقة من النقاش\"، عن هذا اليوم إنه \"يوم تاريخي حقا\" لأوروبا. كما قال بعد وقت قصير من افتتاح المفاوضات: \"كلنا رابحون: أوروبا، والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وتركيا، والمجتمع الدولي\". \r\n كما قال إنه \"لا زال هناك طريق طويل\"، لكنه أضاف: \"لا شك عندي أنه إذا كان ضم تركيا إلى الاتحاد الأوروبي هو الجائزة فإنها تستحق الكفاح من أجلها\". \r\n كما حث جوزيه مانويل باروسو، رئيس المفوضية الأوروبية، وهي السلطة التنفيذية في الاتحاد الأوروبي، الأوروبيين على أن يفتحوا عقولهم للفكرة. \r\n كما قال مانويل باروسو في تصريح له يوم الثلاثاء: \"إن الطريق نحو انضمام تركيا سيكون بالطبع طويلا وشاقا؛ فالانضمام بالنسبة لكل دولة ليس مضمونا ولا هو تلقائي، ويجب أن يتم معاملة تركيا مثل كل المرشحين الآخرين، ويجب عليها بشكل صارم احترام متطلبات الديمقراطية وحقوق الإنسان وحكم القانون، إذا أرادت الانضمام للنادي الأوروبي\". \r\n وأضاف: \"ويجب على أوروبا أن تعرف أكثر عن تركيا، كما يجب على تركيا أن تكسب قلوب المواطنين الأوروبيين وعقولهم؛ فهم الذين سيقررون في نهاية المطاف عضوية تركيا\". \r\n وتتفق كاتينكا باريش، وهي من كبار الخبراء الاقتصاديين في مركز الإصلاح الأوروبي في لندن، مع الرأي القائل بأن مسئولية كسب قلوب الأوروبيين وعقولهم تقع على عاتق تركيا. \r\n وأضافت في حوارها مع آي بي إس: \"إن عليها أن تقوم بإصلاح اقتصادها، وتثبيت الديمقراطية، واحترام حقوق الإنسان. فإذا تحركت في هذا الاتجاه وأظهرت أنها قادرة على القيام به، فإن تركيا سوف تثبت للاتحاد الأوروبي أنها مستعدة لأن تكون عضوا في النادي الأوروبي\". \r\n وقد تقدمت تركيا عام 1963 بطلب عضوية الاتحاد الأوروبي، لكن الاتحاد أكد طويلا أن بدء مفاوضات العضوية لا يضمن أن تركيا سوف تنضم بالفعل للاتحاد. \r\n ومن المرجح أن تستمر المحادثات لمدة عقد على الأقل، وخلال هذه الفترة سيكون على تركيا الشروع في ماراثون من الجهود من أجل تكييف نظامها السياسي والاقتصادي والاجتماعي مع المتطلبات الأوروبية، وكذلك تنفيذ القانون الأوروبي البالغ عدد صفحاته 80 ألف صفحة. \r\n وهناك أيضا آلية الإيقاف الطارئة من أجل تعليق المفاوضات في حالة وجود \"خرق خطير ومستمر لمبادئ الحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية\". \r\n لكن بعض المحللين لا زالوا متفائلين رغم هذه التحديات. \r\n ففي حوار مع آي بي إس قال دانيال جروس، مدير إحدى مؤسسات التفكير في بروكسل وهي مركز الدراسات السياسية الأوروبية: \"لا زال الأمر غير مؤكد، لكنني أقدر احتمالية انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي في النهاية بنسبة أكبر من 50 بالمائة\". \r\n وأضاف: \"يمكن الفوز في الاستفتاءات إذا استطاعت تركيا في 2015 أن تشير إلى عقد من النمو الملموس، ومجتمع ديمقراطي كامل\". \r\n كما قالت باريش إن الرأي العام سوف يكون قد تغير بحلول وقت الاستفتاء. \r\n وأضافت: \"إن السبب الرئيسي في خوف الناس من انضمام تركيا في الوقت الحالي هو الضيق الاقتصادي في بعض دول المنطقة الأوروبية الكبيرة التي تعاني من نسبة بطالة تتراوح بين 10-15 بالمائة\". \r\n وتأمل باريش أنه في فترة تتراوح بين 10 و15 سنة سيكون الاتحاد الأوروبي قد تعامل مع هذه القضايا، ليمهد الطريق بذلك لانضمام تركيا. \r\n وأضافت: \"إذا كنا قد واجهنا هذه المشكلات بحلول هذا الوقت فإن الأمر سيكون أسهل بكثير لانضمام تركيا، وسيبدو الأمر أقل رعبا. وإذا لم نقم بهذا فسيكون لدينا عندئذ اتحاد أوروبي لا ينمو، وهو اتحاد يعاني من نسبة بطالة تبلغ 15 بالمائة، وعدم استقرار اجتماعي، وعملية صنع قرار لا تسمح بالتقدم. وإذا كانت هذه هي الحالة عندئذ فلا أعتقد أن تركيا ستكون راغبة في الانضمام\".