\r\n ومثلما هو الحال مع الجهود الجارية في بغداد ، تجاوزت المفاوضات في دايتون الحاجز الزمني ؛ وفي النهاية ، نجح المؤتمرون في الوصول إلى تسوية أنهت القتال في البوسنة لكنهم فشلوا في الخروج بترتيب قابل للتطبيق لإدارة ذلك البلد. وكنتيجة لذلك ، لا تزال البوسنة ، بعد عشر سنوات الآن ، خاضعة لوصاية المجتمع الدولي ، ويشرف على استتباب الأمن فيها قوة حفظ سلام دولية ، ويحكمها حاكم إداري دولي واسع الصلاحيات. \r\n اليوم في بغداد ، كما في دايتون قبل 10 سنوات ، وضع المراقبون ثلاثة معايير رئيسية للنجاح تجملها الأسئلة التالية: أولا ، هل يستطيع المفاوضون الوفاء بالموعد النهائي المفروض؟ ثانيا ، هل بوسعهم التوصل إلى نتيجة تلتزم بها المجموعات العراقية الثلاث ، الشيعة والسنة والأكراد؟ ثالثا ، هل ستوفر النتيجة ترتيبا قابلا للتطبيق حول الحكومة المستقبلية لعراق موحد؟ \r\n السؤال الثاني ، من بين هذه الاعتبارات الثلاثة ، هو الأهم حتى الآن ، ذلك أن أي نتيجة لا تتضمن الأطراف الثلاثة الرئيسية ستكون أسوأ من عدم التوصل لنتيجة على الإطلاق. بالتالي ، من الملائم أن يأتي الموعد النهائي والمحتوى الحقيقي لأي دستور تاليا لهذا الشرط الأساسي. \r\n لا ريب أن تلك كانت الحسبة التي حسبها الدبلوماسيون الأميركيون قبل سنوات في دايتون ؛ فالنتائج تدل على حصافتهم إذ البوسنة لا تزال تنعم بالسلام اليوم. والواقع أن التنازلات التي قدمها كل من المجموعات العرقية الثلاث في دايتون ، في شكل استقلال ذاتي محلي وترتيبات اقتسام السلطة ، قد أفضت إلى وضع غير قابل للتطبيق لحكومة لا تزال بحاجة لإشراف دولي. مع ذلك ، حتى لو لم يستطع المرء أن يتنبأ بنهاية لهذا الوضع ، إلا أن الاستثمار الدولي في القوة العسكرية والمساعدات الاقتصادية المطلوبة للحفاظ على السلام في البوسنة يسير سيرا مطردا كل عام. \r\n بالطبع ثمة اختلافات كبيرة بين العمليات الدستورية الجارية الآن في بغداد والتي جرت من قبل في دايتون ، وربما كان الاختلاف الأهم في انه قبل عشر سنوات كان المجتمع الدولي مستعدا لضمان التسوية الناتجة في البوسنة بنشر قوة حفظ سلام كبيرة جدا. وبالنظر لصغر حجم وكثافة سكان البوسنة ، كانت قوة حفظ السلام التي انتشرت هناك لضمان تطبيق اتفاقات دايتون ثلاثة أضعاف التحالف الحالي الذي تقوده الولاياتالمتحدة في العراق ، وجاء قرابة 80% من تلك القوة من دول غير الولاياتالمتحدة. لكن لسوء الحظ ، ليس ثم التزام دولي من هذا القبيل متوقع للعراق ؛ بل على العكس ، بينما كان الاتفاق شرطا مسبقا لانخراط دولي أكبر في البوسنة، فإن الاتفاق في بغداد على دستور جديد تراه الولاياتالمتحدة شرطا مسبقا لخفض عدد القوات. وهذا يعني عكس ما حصل في البوسنة ، وأنه يتعين على العراق في الواقع أن يعمل تحت أي ترتيبات دستورية تنشأ عن عملية التفاوض الجارية. ومن شأن ظهور نتيجة على النسق البوسني ، بانقسام العراق إلى ثلاث مناطق مستقلة على نحو واسع تعادي بعضها البعض وتفتقد للثقة فيما بينها بدون آليات لفرض التسوية فيما بينها ، أن يؤدي في النهاية إلى صراع أهلي أوسع نطاقا مما يجري حاليا. \r\n ثمة خطر حقيقي ماثل الآن بأن تفشل العملية الدستورية العراقية في تحقيق أهدافها الرئيسية ، فيما عدا الموعد النهائي المحدد. فإذا ما صوت النواب الشيعة والأكراد لصالح تبني المسودة الحالية بالرغم من اعتراضات السنة ، فسوف تزداد الحرب الأهلية حدة ، وإذا أدى الدستور المقرر إلى تأسيس دولتين مستقلتين ، إحداهما كردية والأخرى شيعية ، وكل منهما تسيطر على عائدات النفط في منطقتيهما ، فإن أي من الكيانين لن يكون لديه حافز كبير للإبقاء على وحدة العراق طويلا. \r\n لقد كان اتفاق دايتون إنجازا كبيرا للدبلوماسية الأميركية ، ولممثلها الرئيسي ، ريتشارد هولبروك. أما السفير الأميركي في بغداد اليوم ، زلماي خليل زاد ، فيواجه مهمة أكثر صعوبة ، ورهانات أكثر دون أن يملك الكثير من بطاقات اللعب. ويتعين عليه أن يتحمل ضغط الوقت ، الذي بدونه لا يمكن تحقيق شيء ، وعليه أن يضمن تطمين السنة ، وأن توفر النتيجة دولة عراقية قابلة للتطبيق تستطيع محاربة حركة مسلحة قاسية وتحافظ على وحدة العراق ما أن ترحل القوات الأميركية والدولية الأخرى. \r\n \r\n \r\n جيمس دوبنز \r\n مبعوث إدارة كلينتون الخاص سابقا إلى الصومال وهايتي والبوسنة وكوسوفو وأول مبعوث لإدارة بوش إلى أفغانستان ومدير مركز الأمن الدولي والسياسة الدفاعية بمؤسسة راند \r\n خدمة انترناشيونال هيرالد تريبيون - نيويورك تايمز - خاص ب(الوطن)