وفي هذا الصدد فقد دهشت كثيرا لذلك التغير الهائل الذي أحدثته زيارة الوزير الأول الهندي مانموهان سينج إلى الولاياتالمتحدة في الآونة الأخيرة، خصوصا عندما تم التوصل إلى اتفاق مع الرئيس بوش يقضي بالسماح للهند بالحصول على مساعدات دولية من أجل تطوير برنامجها النووي السلمي، وذلك دونما الحاجة إلى التخلي عن برنامجها للأسلحة النووية. وتأكيدا لهذا التعاون الذي بدأ يتوثق يوماً بعد يوم مع الهند صرح الرئيس بوش على هامش تلك الزيارة قائلا: نظرا لقيمنا المشتركة، فإن العلاقة بين بلدينا هي أقوى اليوم من أي وقت مضى. \r\n \r\n ويذكر أن هذا الدفء في العلاقات الأميركية الهندية يعزى في جزء منه إلى القلق الذي بدأ ينتاب واشنطن حيال البرنامج النووي الباكستاني. وهو البرنامج الذي يشرف عليه العالم عبد القدير خان حيث قام بتطويره من مراحله البدائية إلى أن أصبح برنامجاً يعتد به. وبالرغم من تورط هذا العالم في أعمال غير مشروعة كمساعدة كوريا الشمالية ودول أخرى في تطوير برامجها النووية، إلا أن الرئيس برويز مشرف لم يقم بأي شيء لمعاقبة العالم النووي واكتفى بوضعه تحت الإقامة الجبرية. \r\n \r\n بيد أن هذا التغيير في المواقف بين الهند وباكستان يرجع كذلك إلى انتهاء الحرب الباردة وبروز متطلبات جديدة تقتضيها الحرب على الإرهاب. فقبل نصف قرن من الآن وجه وزير الخارجية الأميركي حينذاك جون فوستر دالاس إدانة واضحة إلى الهند على أنها \"لا أخلاقية\" بسبب سياسة عدم الانحياز التي كانت تنتهجها إزاء القوى العظمى في العالم. أما عندما دخلت الهند في الحرب مع باكستان فقد أصدر وزير الخارجية الأميركي حينها هنري كيسنجر مذكرة سرية جاء فيها أن إدارة نيكسون بدأت \"تميل تجاه باكستان\". وقد استمرت إسلام أباد في المحافظة على تلك العلاقة المتميزة إلى غاية السنوات الأخيرة عندما سمحت للقوات الأميركية باستخدام أراضيها كمنطلق لشن حربها على أفغانستان، وهو ما قدرته واشنطن كثيراً. \r\n \r\n غير أن هذه العلاقة المتميزة التي كانت تربط أميركا مع باكستان بدأت في الانحسار تدريجياً بسبب ظاهرة الإرهاب المستجدة وما خلفته من أوضاع مختلفة. فقد أصبح واضحا أن النظرة الأميركية والبريطانية تجاه باكستان محكومة بمدى مقدرة برويز مشرف على التصدي للإرهاب. فبالرغم من المساعدات السخية التي يتلقاها منهما لاجتثاث العناصر الإرهابية التي تتخذ من الأراضي الباكستانية ملاذاً آمناً لها وميداناً لإجراء تدريباتها العسكرية، إلا أنه لم يستطع إلى حد الآن القضاء نهائياً على فلول طالبان التي مازالت تشن الهجمات على القوات الأميركية انطلاقاً من المناطق الباكستانية المحاذية لأفغانستان. كما أنه من الملفت حقاً أن يكون ثلاثة من بين الانتحاريين الأربعة الذين فجروا قطارات لندن في السابع من يوليو ينحدرون من أصول باكستانية وقاموا بزيارتها في أوقات سابقة. وبالرغم من تبرئة ساحة المشتبه فيهم الباكستانيين الذين كانت السلطات المصرية قد اتهمتهم في وقت سابق بالضلوع في التفجيرات الإرهابية بشرم الشيخ، إلا أنها مازالت تبحث عنهم لاستكمال التحقيقات واستنطاقهم. \r\n \r\n وربما كانت النقطة الوحيدة التي لم توافق عليها واشنطن وأبدت تحفظها الواضح إزاءها هي الطلب الذي تقدمت به الهند لكي تحظى بالاعتراف كدولة نووية تحت معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية بهدف الانضمام رسمياً إلى نادي الدول النووية دون التعرض للمحاسبة تماماً كما هو عليه الحال بالنسبة للولايات المتحدة. لكن عدا ذلك الاعتراض الوحيد فإنه يبدو أن الإدارة الأميركية باتت مستعدة لإظهار نوع من المحسوبية تجاه الهند بنفس القدر الذي كانت تبديه في السابق نحو باكستان. \r\n \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\" \r\n