ومع ذلك فان مجيء الامير تركي الى واشنطن سيهيىء فرصة حاسمة لادارة الرئيس بوش لجعل حربها على الارهاب اكثر فاعلية‚ ونفعا‚ ان الهجمات الارهابية الاخيرة على لندن وشرم الشيخ التي ازهقت اكثر من مائة روح تعتبر دليلا قاطعا على ان القاعدة ما زالت قادرة على هندسة وقيادة عملياتها عبر كل القارات وبقدرة كبيرة على الافلات من العقاب‚ كما ان القليل جدا من المسؤولين يفهمون شبكات القاعدة كما يفهمها ويعرفها الامير تركي‚ ولقد عرفت هذه الحقائق عندما كثف العمل بوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية «سي‚ آي‚ ايه» ورأيت كيف طور الرجل قدرات الاستخبارات السعودية‚ اضافة الى ذلك فان الأمير تركي وبصفته شقيقا لوزير الخارجية السعودي وحليفا مقربا من الاصلاحي المعتدل ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز‚ سيكون افضل قناة لتنشيط شراكة واشنطن الاستراتيجية الممتدة مع المملكة العربية السعودية‚ أن تأمين الطاقة الذي اصبح احد اخطر التحديات الاستراتيجية للقرن الحادي والعشرين يفرض حتمية الوصول الى مصادر الطاقة حتى نضم الا يقود التنافس المستقبلي للوصول اليها الى ركود اقتصادي أو الى نزاع دولي رئيسي وبالنسبة لأميركا فانها لن تستطيع تحقيق هذا الهدف من دون المملكة العربية السعودية التي تسيطر على اكبر الاحتياطيات النفطية في العالم وفي ظل تصاعد المشاعر المعادية للملكة العربية السعودية في اميركا بعد احداث 11 سبتمبر فانه اصبح من الذوق اظهار ان الولاياتالمتحدة ستكون جادة وحازمة مع المملكة العربية السعودية في موضوعي محاربة الارهاب والطاقة‚ لكن الحقيقة المعروفة ان نفوذ الولاياتالمتحدة على المملكة السعودية ظل يضعف لاكثر من عقد من الزمان بعد ان تحولت شراكتنا الاستراتيجية الى مزيج من المباركة والتمجيد للقيادة السعودية‚ كما ان وجود الجيش الاميركي على الاراضي السعودية بعد حرب الخليج اصبح مصدرا لإنعدام الامن بدلا من توفير الامن للنظام السعودي في مواجهة الأغلبية السنية المتطرفة والاقلية الشيعية التي تتركز في المحافظة الشرقية الفنية بحقول النفط‚ \r\n \r\n وقد بدأ النفوذ الاميركي على المملكة العربية السعودية في الانحدار السريع بعد احداث 11 سبتمبر وكان للولايات المتحدة اسبابها الخاصة لنقل قواتها العسكرية من المملكة في 2003‚ وكان ذلك في مصلحة المملكة العربية السعودية التي لم تكن ترغب في علاقة امنية قوية مع واشنطن في ذلك الوقت‚ ومن وجهة النظر السعودية فان اسقاط رجل الطائفة السنية القوى في العراق صدام حسين وما تمخض عنه من احتلال فوضوي قد اوجد مسرحا مناسبا لتدريب الاجيال الجديدة من الجهاديين السنة المناوئين للنظام السعودي اضافة الى الاخلال بالتوازن السني الشيعي في منطقة الخليج‚ وبالفعل فقد تمكن الاسلاميون الشيعة من الهيمنة على عراق ما بعد صدام وخرجت ايران تحت قيادتها المحافظة المتحدة كدولة اكثر قوة وتأثيرا‚ ورغم ذلك ظلت الاتصالات بين الرئيس بوش وولي العهد السعودي الامير عبدالله تتميز بالدفء والاحترام المتبادل بدلالة لقاء ابريل الماضي في مزرعة الرئيس بوش في كراوفورد‚ تكساس‚ ولكنها بقيت في حدود الكياسة الظاهرية التي ينقصها الحوار الجاد‚ من جانب آخر بدأت محاولات المملكة السعودية للمحافظة على موقفها الاستراتيجي واضحة بإدخالها للصين كعميل جديد لنفطها وكمورد للسلع الاستهلاكية للسوق السعودي اضافة الى فتحتها لسوقها العسكري للصيني كمورد للمعدات العسكرية والامنية بما فيها الصواريخ واحتمالات التكنولوجيا النووية‚ لذلك اعتقد ان عودة الامير تركي قد تكون اللحظة الانسب لتحرك الادارة الاميركية لعكس التوجيهات السعودية الاخيرة التي قد تصبح مصدرا لمشاكل كثيرة في المستقبل‚ كما ان على الولاياتالمتحدة ان تكون مستعدة لمناقشات جادة حول تغيير سياساتها تجاه امن المنطقة‚ استقرار العراق وعودة السلام الى ربوعه‚ قضية السلام العربي الاسرائيلي والفهم الحقيقي لمصالح المملكة العربية السعودية ومبادراتها والاعتراف بها‚ واكثر من ذلك فان على الولاياتالمتحدة تشجيع الاصلاحات السياسية والاقتصادية في المملكة‚ وان تكشف عن نواياها بوضوح تام بأنها لا ترغب في زعزعة النظام السعودي‚ وانما تسعى لتقوية العناصر الاصلاحية داخل نظام السلطة الحالي‚ تلك العناصر التي يمثلها الامير تركي‚ ان الشركة التي تمتد لأكثر من 60 سنة بين الولاياتالمتحدة والمملكة العربية السعودية ليس «خطأ» كما وصفها الرئيس بوش في احد أحاديثه في عام2003‚ لانها كانت وستظل عنصرا لا يمكن الاستغناء عنه في الاستراتيجية الاميركية لضمان الاستقرار في منطقة الشرق الاوسط والنظام الدولي‚ وعلى الادارة الاميركية الاستفادة من وجود الامير تركي في واشنطن لتعطي تلك الشراكة الاستراتيجية حق قدرها والاهتمام الذي تستحقه‚ \r\n