وطبقاً لهذا الاستطلاع يعتقد 33% من البريطانيين أن بلير يتحمل "كثيراً" من مسؤولية تفجيرات 7/7 في حين يرى 31% من المشاركين في الاستطلاع أنه يتحمل "قليلاً" من مسؤولية تلك التفجيرات. واتفق 28% فقط من المشاركين في الاستطلاع مع الحكومة في أن غزو العراق وتفجيرات لندن لا صلة بينهما. ويرى 75% من المشاركين في الاستطلاع أن وقوع هجمات أخرى في بريطانيا أمر حتمي. \r\n \r\n وتماماً كما تجاهل بلير المعارضة الشعبية الكاسحة للحرب في عامي 2002 و2003 يرفض الآن أي رأي يشير لوجود صلة بين غزو العراق وهجمات 7 يوليو. وقد قال بلير أخيراً: \r\n \r\n "لقد وقعت هجمات 11 سبتمبر/أيلول قبل غزو العراق وأفغانستان وقبل أي واحد من هذه القضايا وكانت أسوأ الأعمال الإرهابية قاطبة". \r\n \r\n ولكن هذا الادعاء عارضته حتى مراكز الفكر المحافظة والملفات الحكومية. فقد ذكر تشاثام هاوس- الذي كان يعرف في السابق باسم "المعهد الملكي للشؤون الدولية" في الاسبوع الماضي ما يلي: "تواجه المملكة المتحدة خطر التعرض لهجمات إرهابية لأنها الحليف الأقوى للولايات المتحدة ولأنها انضمت للهجومين العسكريين بقيادة الولاياتالمتحدة على أفغانستان والعراق وقد أعطى الهجوم على العراق دفعة لدعاية شبكة القاعدة وحملاتها التجنيدية وجمع الأموال لمصلحتها وسبب انشقاقاً كبيراً في التحالف ووفر أهدافاً ومنطقة تدريب مثالية للإرهابيين المرتبطين بالقاعدة". \r\n \r\n وجاء في تقييم أعدته لجنة استخبارات مشتركة في فبراير 2003 ما يلي: \r\n \r\n "رأت لجنة الاستخبارات المشتركة أن القاعدة وجماعات مرتبطة بها لاتزال تمثل الخطر الإرهابي الأكبر على المصالح الغربية وأن ذلك الخطر سيتفاقم جراء العمل العسكري ضد العراق". \r\n \r\n والنتيجة التي خلصت إليها اللجنة المشتركة واضحة. واللندنيون الذين عارضوا بأغلبية كاسحة جرائم بلير في العراق هم ذاتهم الذين دفعوا ثمناً باهظاً لتصرفات بلير. \r\n \r\n مخاوف ومظالم \r\n \r\n \r\n عندما تصور رسام الكاريكاتير بصحيفة "الجارديان" اللندنية ستيف بل رداً محتملاً على تفجيرات لندن أعد رسماً كاريكاتورياً يصور قاذفات القنابل الأمريكية "بي52" وهي تهاجم أحياء سكنية في شمال انجلترا حيث كان يعيش المواطنون البريطانيون الذين نفذوا هجمات 7/7. وخلال مناقشة للمفكر المنشق الأمريكي نعوم تشومسكي للرد الأمريكي على هجمات 11 سبتمبر/أيلول تفكر في الخيارات البريطانية المحتملة في ذروة حملات الجيش الجمهوري الإرهابية خلال سبعينات وثمانينات القرن العشرين وقال: "كان بين الخيارات المتاحة إرسال طائرات سلاح الجو الملكي لقصف مصادر تمويل ثوار الجيش الجمهوري الايرلندي في أماكن مثل بوسطن أو ارسال قوات كوماندوز للقبض على المشتبه في ضلوعهم في عمليات التمويل المذكورة وقتلهم أو اختطافهم وترحيلهم سراً إلى لندن لمواجهة المحاكم". \r\n \r\n وأشار تشومسكي إلى أن من بين الخيارات الأخرى "إجراء دراسة واقعية للمخاوف والمظالم ومحاولة معالجتها وتصحيحها وتطبيق القانون في الوقت ذاته لمعاقبة المجرمين". \r\n \r\n وغني عن القول إن من العقبات الكأداء أمام إجراء تقييم أمين لتلك المظالم التغطية الإعلامية من قبل وسائل الإعلام الرئيسية. \r\n \r\n وفي وقت كتابة هذه المقالة، وصل عدد ضحايا تفجيرات لندن إلى 56 قتيلاً. وفي ساعة مبكرة من مساء 28 مارس/آذار 2003 أوردت وسائل الإعلام تقارير عن مقتل 55 مدنياً عراقياً (وكان عدد الضحايا الفعلي لاحقاً 62 مدنياً) بصاروخ أمريكي في حي الشعلة ببغداد. \r\n \r\n وبعد ساعات من ذلك خصص ديفيد سلز من برنامج "نيوزنايت" الإخباري في هيئة "بي.بي.سي" 45 ثانية للمذبحة الوحشية بعد 16 دقيقة من بداية البرنامج، أي أنه خصص أقل من ثانية لكل قتيل. \r\n \r\n وحتى ال45 ثانية ذاتها قدمت المذبحة كمشكلة علاقات عامة انجلو- أمريكية وباعتبارها متوقعة. فقد علق سلز برقة أثناء عرض شريط لنسوة عراقيات يولولن حزناً على ضحايا المجزرة "إنها حرب على أية حال. ولكن هدف التحالف هو إزاحة صدام حسين عن الحكم من خلال كسب القلوب والعقول". \r\n \r\n ولكم أن تتخيلوا سلز وهو يعلق على تفجيرات لندن بقوله "إنها حملة إرهابية على أية حال. ولكن المفجرين يرمون إلى كسب القلوب والعقول". \r\n \r\n البناء والهدم \r\n \r\n \r\n سنجد حلولاً حقيقية لمشكلاتنا عندما نبدأ بإعطاء قيمة واحدة لحياة الأفغان والفلسطينيين والعراقيين والبريطانيين. ولكن، وحتى بعد تفجيرات لندن، لاتزال وسائل الإعلام تنكر الحقائق بصورة خطيرة. \r\n \r\n وفي أكتوبر/تشرين الأول نشرت مجلة "لانسيت" وهي أكبر مجلة علمية في العالم تقريراً دقيقاً قالت فيه إن عدد المدنيين العراقيين الذين لقوا مصرعهم منذ الغزو الانجلو-أمريكي عام 2003 وصل إلى حوالي 100،000 شخص وبادرت الحكومة البريطانية وكثير من وسائل الإعلام على الفور إلى إنكار وتكذيب التقرير أو تجاهلته بكل بساطة. وزعم الصحافيون الذين تحدثت إليهم أن الرقم الذي أوردته "لانسيت" مبالغ فيه بدرجة كبيرة. \r\n \r\n ولكن كبير واضعي التقرير جيلبرت بيرنهام من كلية جون هوبكنز وهي واحدة من أبرز مؤسسات البحث في العالم قال لي: "لقد راجع بياناتنا عدد كبير من المدققين في مجلة لانسيت وفي كليتنا، ولذلك تتوفر لدينا القوة العلمية لنعلن ما أعلناه في تقريرنا بتأكيد كبير. وانني أشك في أن تكون أي ورقة نشرتها لانسيت خلال السنوات القليلة الماضية قد حظيت بما حظي به هذا التقرير من تدقيق ومراجعة!". \r\n \r\n وفي الأسبوع الماضي علقت افتتاحية صحيفة "اندبندنت" اللندنية على دراسة لانسيت بقولها: \r\n \r\n "في الوقت الذي لم يتم أبداً تكذيب تقرير لانسيت بشكل كلي إلا أن هناك شكوكاً كثيرة حول هذ الأرقام الأمر الذي يسمح للسلطات في الولاياتالمتحدة وبريطانيا برفضها باعتبارها دعاية". \r\n \r\n ولكن الشكوك التي تحدثت عنها الصحيفة تألفت كلياً تقريباً من دعاية حكومية وانكارات فورية من الإعلام المؤيد للحرب. \r\n \r\n وانني اعتقد أنه لا توجد إجابات في قاذفات "بي52" أو الدبابات أو العبوات الناسفة المزروعة في الطرقات أو في التفجيرات الانتحارية. ويستند التقدم الحقيقي نحو سعادة فردية واجتماعية دائمة فقط إلى العمل الشاق والدؤوب من قبل مقاومة الجشع والكراهية دون لجوء للعنف. \r\n \r\n وينبغي لهذا العمل أن يكون راسخاً في قبول حقيقي بأن البشر كلهم يتمتعون بالحق في السعادة والتحرر من المعاناة وأنهم جميعاً يستحقون التعاطف منا. وينطوي هذا العمل أيضاً على فهم أن المعالجات السريعة و"الحلول" العنيفة لن تحقق سوى انتصارات ذات اثمان باهظة سندفع عنها في خاتمة المطاف ثمناً رهيباً. ونحن بحاجة إلى أن نستمر في بناء الحب على نحو متواصل حتى وان كان الجميع من حولنا يعملون على هدمه. \r\n \r\n \r\n \r\n * كاتب ومحرر مشارك بموقع "ميديالنس" \r\n