\r\n ثمة اعتقاد واسع النطاق بان عصر القطبية الاحادية قد بدأ في 11 سبتمبر 1989 عندما انهار جدار برلين. وكان المنطق واضحا وهو انه بنهاية الحرب الباردة والزوال التالي لاحد القطبين تبقى فقط قوة عظمى عالمية واحدة. \r\n وقد عزز هذا الفهم حقيقة ان القوة الاميركية لم تكن قوة غير مسبوقة ليس فقط عسكريا كما تمت مشاهدتها في الكويت وكوسوفو وافغانستان وغيرهم من الاماكن بل ايضا اقتصاديا وسياسيا وثقافيا. فالسيادة الاميركية كانت حقيقة. وكانت الولاياتالمتحدة الاولى بشكل بارز بين القوة الاخرى غير المناظرة لها. \r\n وكانت هذه الصورة مفهومة لكن من خلال التركيز بشكل كبير على انتهاء احد عصور الجغرافيا السياسية اهمل المراقبون او تغاضوا عن وصول عصر اخر هو عصر العولمة. فمع هذا التحول فان شيئا ما من التحول النموذجي يحدث. حيث ان المنافسة والصراع بين القوى الكبرى والتي كانت تشكل التفاعلات التاريخية الاساسية في القرون الماضية حل محلها بشكل مفاجئ عالم التهديد الرئيسي فيه للولايات المتحدة ليس قوة عالمية كبرى منافسة بل هو الفوضى العالمية المتمثلة في الارهاب وانتشار الاسلحة النووية والحمائية التجارية والتغير المناخي والامراض الفتاكة. \r\n والامثلة على ذلك ماثلة منها هجمات 11 سبتمبر 2001 وتفجيرات لندن والتهديد المحتمل بوقوع هجمات اخرى في الولاياتالمتحدة فكل هذه اشارات على عدم حصانة اميركا امام الارهاب احد الجوانب المظلمة للعولمة. \r\n ان الولاياتالمتحدة لايمكن ان تدير التهديد الارهابي وحدها فهو يتطلب مشاركة الاخرين من خلال المشاركة بالمعلومات الاستخباراتية وتنسيق تنفيذ القانون والتعاون على صعيد الامن الداخلي والتأكد من ان الدول لن تفشل او انها ستنهض عندما تتعثر والتعاون على اصلاح المجتمعات العربية. \r\n التحدي النووي لكوريا الشمالية هو نفس الشئ. فالولاياتالمتحدة لاتستطيع وحدها حمل كوريا الشمالية على التخلي عن برنامجها النووي فهي تفتقد السبل لتغيير النظام في كوريا الشمالية عن طريق غزوها او احتلالها على غرار ما تعمل في العراق لان الولاياتالمتحدة ليس لديها الوسائل العسكرية لانجاز مثل هذه السياسة. وحتى لو انها تمتلك هذه الوسائل سيكون عليها ان تتصارع مع رفض كوريا الجنوبية واليابان والصين لهذا العمل. \r\n وهنا تكون اهمية الاعلان ان الصين سوف تستضيف المحادثات. حيث لدى الصين مبرر قوي لكبح جماح كوريا الشمالية خشية ان تتوصل كوريا الجنوبية واليابان الى نتيجة مفادها انه يتعين عليهما اعداد وتطوير اسلحة نووية لحالهما. كما ان للصين ايضا سبلا للتأثير على كوريا الشمالية لان الشطر الاكبر مما يدخل او يخرج من هذا البلد يتحرك عبر الصين. \r\n في الاسابيع والاشهر المقبلة سوف تحتاج ادارة بوش الى التخلي عن املها بانه يجب زوال النظام الحاكم في كوريا الشمالية. وبدلا من ذلك فان الادارة ستكون بحاجة الى ان تعرض عليه ضمانات امنية ومكافات دبلوماسية وفوائد اقتصادية واقناع الصين واليابان وكوريا الجنوبية وروسيا انه هذه الحوافز يتعين ان تقوم على اساس تخلي كوريا الشمالية عن اسلحتها النووية. \r\n وسوف يكون نفس النوع من الدبلوماسية متعددة الاطراف مطلوبا حال ما اذا كان هناك اتجاه لحمل ايران على التخلي عن برنامجها النووي او ما اذا كان العالم يأمل في توسيع التجارة والتخلص من الحمائية او التعاطي مع ظواهر مثل اتش اي في والايدز والتغير المناخي العالمي. حيث تتطلب التحديات العالمية حلولا جماعية. \r\n ان النتيجة المبدئية لانتهاء عصر القطبية الاحادية هي ان التعددية ليست خيار سياسة خارجية جاد ومستمر للولايات المتحدة. والسؤال الحقيقي هو اي شكل من التعددية سوف ينشأ؟ متى سنذهب الى الاممالمتحدة؟ متى سوف نتحول الى منظمات اقليمية او جماعات اتصال اقل شمولا (مثل تلك التي تتعامل مع كوريا الشمالية)؟ \r\n ربما لاتكون هناك اجابة عامة او مجمع عليها على هذا السؤال. فالدبلوماسية يجب ان تكون بشكل حتمي حسب الطلب. ومع ذلك فانها سوف تساعد حال كون مشاورات واشنطن مع بقية العالم جادة وليس محاولات بسيطة للدفع صوب سياسة مقررة بالفعل. فيجب اتخاذ قرار الخروج عن التعددية الرسمية عندما تستدعي الضرورة لذلك فقط. وعندما تخرج الولاياتالمتحدة عن دوائر المجتمع الدولي يجب ان تنظر الى الانخراط في المنظمات الاقليمية ذات الصلة او الاممالمتحدة في المقام الاول. \r\n لاتزال القيادة الاميركية اساسية ليس ببساطة بسبب القدرة الضخمة للولايات المتحدة على التأثير على التطورات العالمية فقط بل ايضا لان العالم لن ينظم نفسه بشكل فعال دون مشاركة اميركية. بيد ان القيادة تتطلب مرافقين او تابعين وهو الشئ الذي يمكن ان يصبح معرضا للخطر عبر السياسة الخارجية التي تتصارع من اجل حمل الاخرين على الموافقة على مبادئ وقواعد العلاقات الدولية وكيف يمكن تنفيذ هذه القواعد حال خرق قواعد هذه العلاقات. \r\n \r\n ريتشارد هاس \r\n رئيس مجلس العلاقات الخارجية ومؤلف كتاب (الفرصة: لحظة اميركا لتغيير مسار التاريخ)