ربما عصف بوحدة الاتحاد, وهدد تماسكه السياسي, وأحبط آمال وتوقعات الأوروبيين بأن يلعب الاتحاد, دوراً مستقلاً وفاعلاً في العلاقات والمسرح الدوليين. وكما نعلم فإن المتوقع أن يصل التوسع النهائي للاتحاد الأوروبي إلى 35 دولة, بعضها دول إسلامية. وفي ظل توسع كهذا, فإن هناك من يتوقع ألا تكون للاتحاد إلا سياسات خارجية انكماشية موحدة, في إطار ردة الفعل إزاء المهددات الأمنية والسياسية التي يواجهها. \r\n \r\n ولهذا السبب فإن الحديث والتصريحات الأميركية الإيجابية المتفائلة بوحدة أكبر للقارة الأوروبية –على النحو الذي أشير إليه في تصريحات واشنطن مؤخراً- وعلى النحو الذي تم إيصاله إلى الجنرال \"جاب دو هوب\" السكرتير العام لحلف شمال الأطلسي, خلال زيارته الأخيرة إلى الولاياتالمتحدة الأميركية, ربما كان بمثابة تأييد مبكر وأكثر سلامة في ذلك الوقت, قياساً إلى ما طرأ من تحولات في المشهد الأوروبي كله, إثر التصويت الفرنسي والهولندي السلبي على مسودة الدستور الجديد. وها هي أصداء تلك التصريحات الأميركية وهي تسمع على لسان الجنرال \"دو هوب\" نفسه, أثناء إجابته على أسئلة الصحفيين خلال مقابلة أجريت معه في برلين خلال الأسبوع الجاري:\"من الواضح أن الولاياتالمتحدة ترغب في أن ترى في أوروبا, شريكاً أكثر منعة وقوة. ومن الواضح أيضاً أنها لا ترغب في أن تلمس في شريكها الأوروبي, خوراً وضعفاً, أو أن تراه عاجزاً عن لعب دور فاعل ونشط في العلاقات الدولية القائمة اليوم\". \r\n \r\n وإن صح هذا الزعم والاعتقاد, فإنه لن يكون كذلك إلا في حالة واحدة فحسب, هي حين تضع أوروبا مواردها وقدراتها وقواتها العسكرية جميعها, تحت إمرة وقيادة الولاياتالمتحدة الأميركية, مثلما هو عليه الحال في الدور الذي تلعبه قوات حلف \"الناتو\" اليوم في أفغانستان, وفي برنامج تدريب الضباط العراقيين, الذي يشرف عليه الحلف هناك. وها قد حان الوقت الذي أصبح فيه لزاماً علينا, الاعتراف بأن حلف شمال الأطلسي القديم, الذي كان يتم فيه التعامل بين كافة الأطراف على أساس التكافؤ والندية, وتتخذ فيه كافة القرارات السياسية بالإجماع, قد ولى إلى غير رجعة –لعدة أسباب عملية- منذ اللحظة التي أعلن فيها دونالد رامسفيلد, وزير الدفاع الأميركي, أن القاعدة الجديدة التي تتبعها واشنطن من الآن فصاعداً, هي أن التحالفات إنما تعقد وتقام, من أجل تنفيذ المهام المحددة فحسب. \r\n \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع \"تريبيون ميديا سيرفيس\"