\r\n وأخيرا تحقق له ما كان يصبو إليه. فمع صدور الحكم عليه عن إحدى محاكم موسكو أصبح الرئيس السابق لاكبر الشركات النفطية في السابق أول رجل سياسة كبير خارج إطار السلطة في روسيا المعاصرة. ولأن قرار المحكمة حرره من كل الاتصالات مع المؤسسة الحاكمة، أتيحت له الفرصة ليصبح قطب معارضة حقيقية خارج إطار السلطة.\r\n لقد كان خودوركوفسكي رمزاً للنظام البورجوازي المقيت بالنسبة الى الكثيرين في روسيا، وممثلاً لحكم «الاوليغارشية»، أما الآن فاصبح ينظر اليه وفقاً ل «توجيهات» الكاتب الروسي دوستويفسكي على أنه الشخص الذي ارتكب خطيئة ونال جزاءه. \r\n لهذا فهو تحرر من الصفات التي كانت تمنعه من ان يصبح شخصية سياسية قيادية، خصوصاً ان الرجل الذي كان اغنى اغنياء روسيا دفع ثمن خطيئته غالياً، إذ يكفي انه خسر سبعة بلايين من الدولارات الأميركية عندما كان في سجنه على ذمة التحقيق. \r\n لقد تعبت روسيا واصابها الملل من الشخصيات المسرحية التي تفرخها «التكنولوجيات» السياسية. وباتت روسيا متعطشة لظهور شخصيات غير مصطنعة. وربما كان خروج خودوركوفسكي من سجنه لينفر منه الناس الذين يريدون ان يروا شخصية حقيقية غير مصطنعة. \r\n أما بالنسبة الى مؤسسة الحكم (الكرملين) فإنها أثبتت أنها لا تنظر إلى «قضية يوكوس» كقضية سياسية. ومن الطبيعي انه ليس من مصلحة الكرملين ان يجعل من الكيماوي خودوركوفسكي معتقلاً سياسياً. فما يريده الكرملين هو ألا ينتصب كبار المساهمين السابقين في «يوكوس» عقبة امام إعادة توزيع الثروة النفطية للمجموعة العملاقة. ولو كان هدف الكرملين هو القضاء على خودوركوفسكي كشخصية سياسية لما احتاج إلى محاكمته. ولكن الكرملين لم يجد مفراً من إدخال خودوركوفسكي وشركائه إلى السجن من أجل تجريدهم من الثروة النفطية. \r\n لقد كسب الكرملين الدعوى القضائية ضد خودوركوفسكي في المجال المالي ولكنه لم يكسب الدعوى في المجال السياسي، بل إن خودوركوفسكي هو الذي كسب الدعوى السياسية، إذ أدخله الكرملين الموقع الصحيح الوحيد الذي لم يكن في تصور أحد حيتان المال ان يجد نفسه فيه. \r\n وطبيعة الحال لا يزال في إمكان الكرملين ان يصحح الوضع بالعفو عن خودوركوفسكي، إذا رفع الأخير طلباً إلى رئيس الدولة يلتمس فيه العفو عنه. \r\n ولكن خودوركوفسكي، اذا كان يريد ان يصبح شخصية سياسية تقود المعارضة بالفعل، فعليه ان لا يلتمس من رئيس الدولة العفو عنه، وإنما ان يقضي في هدوء مدة حكمه، خصوصاً أنه لن يقضي التسعة أعوام كاملة في السجن في أية حال. فالأغلب ان يفرج عنه بعد ثلاثة أعوام أو ما يزيد قليلاً. \r\n وعلى أي حال، وأياً كان قرار رئيس «يوكوس» السابق، فالمحكمة التي أصدرت الحكم على خودوركوفسكي برأته، لحسن حظه، من الرذائل التي تلازم النظام الرأسمالي الاوليغارشي الذي عرفته روسيا منذ بداية حقبة التسعينات من القرن الماضي. فيما لم يتمكن غيره من أركان هذا النظام ورموزه من تبرئة أنفسهم حتى الآن. \r\n * (رئيس المعهد الروسي للاستراتيجية الوطنية) 1/6/2005