فالاستقطاب الواسع, بين صفوف الفلسطينيين, للإسلام الراديكالي كقوة سياسية, قد وجد دلالته في قوة حركة »حماس« المتطرفة في الانتخابات البلدية التي جرت مؤخراً. وتبدو »حماس« وكأنها تتحدى الهيمنة التقليدية لحركة »فتح« العلمانية, التي ينتمي اليها عباس, في انتخابات المجلس التشريعي المقبلة. ولهذا نرى الضغط الدولي, بما فيه ضغط الولاياتالمتحدة, جارياً لتعزيز مركز عباس والقوى المعتدلة الاصلاحية. \r\n \r\n ان ما يبدو غير واضح تأثير الدور الذي سيلعبه لقاء بوش- عباس على الفلسطينيين. اذ قال مسؤولون مقربون من عباس ان الاخير اراد اقناع بوش بالضغط على اسرائيل للالتزام »بخارطة الطريق« من اجل السلام, وتخفيف القيود على ظروف معيشة الفلسطينيين في الاراضي المحتلة. \r\n \r\n ومع هذا, ما يزال بعيداً عن التأكد, ان كان الرئيس بوش سيختار الاسابيع الحساسة السابقة لانسحاب اسرائيل من غزة, للضغط على حكومة اريئيل شارون. \r\n \r\n وفي الوقت ذاته, بدأت تلوح في الافق بعض علامات خيبة الامل على التوقعات الفلسطينية من الولاياتالمتحدة. ومن اسباب ذلك, التباطؤ الامريكي في تقديم المساعدات الاقتصادية الجوهرية التي وعد بها الرئيس بوش المتحمس لعهد ما بعد عرفات في خطابه عن »حال الاتحاد«. وفي هذا الخصوص, قال فواز جرجس, الاختصاصي في شؤون الشرق الاوسط بكلية سارة لورانس في برونكسفيل/نيويورك, »تتصاعد المشاعر عند الفلسطينيين بأن ادارة الرئيس بوش لم تجسد خطابها البلاغي الراقي حول فوائد الديمقراطية والاصلاحات التقدمية, وبان خيبة الامل بدأت تعطي تأثيراً سياسياً. فمحمود عباس يحاول جاهداً ترتيب وضع البيت الفلسطيني, كي يبين للفلسطينيين ان هناك نوراً في نهاية النفق. ولكنه لا يحظى بالكثير من العون والمساعدة في ذلك«. \r\n \r\n ويذكر في هذا الصدد, ان الرئيس بوش وعد, في خطابه عن »حال الاتحاد«, بتقديم 350 مليون دولار لمساعدة عباس في جهوده الاصلاحية. لكنه لغاية الان لم يفعل شيئاً غير انه طلب من الكونغرس مبلغ 200 مليون دولار للمساعدة, وهي تنتظر المرور في قنوات الكونغرس. \r\n \r\n ويؤكد منتقدو هذه المخصصات, على ان الكونغرس يبحث حتى الان, تخصيص مبلغ 140 مليون دولار من هذه الرزمة, لمساعدة سلطة عباس الفلسطينية, بينما سيذهب الباقي لتمويل اجراءات مسؤولة, والى اسرائيل لاغراض بناء نقاط تفتيش, والى مستشفيات القطاع الخاص. \r\n \r\n يقول بيرنارد رايش, الخبير في شؤون الصراع الاسرائيلي - الفلسطيني. بجامعة جورج واشنطن »ان في جعبة عباس مطالبة الرئيس بوش الايفاء بوعده لدعم الديمقراطية الفلسطينية, ويتجسد هذا المطلب بتقديم الكثير من المساعدات لتحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية. لكن الكونغرس لم يظهر اي اهتمام محدد بتقديم مبالغ كبيرة من المساعدات غير المقيدة«. \r\n \r\n كما يريد عباس من الرئيس بوش, ايضاً, الالتزام بالعملية التي تقود الى اقامة دولة فلسطينية بعد انسحاب اسرائيل من غزة. والى هذا يمضي رايش ويقول ان عباس »اراد ان يسمع بصوت عالٍ وصريح, بأن الولاياتالمتحدة ملتزمة بالانتقال بهذه العملية من »أ« الى »ب«, مضيفاً بأنه على الرغم من كل ذلك, فإن النقطة المركزية التي ركز عليها الرئيس بوش هي مسيرة الديمقراطية في الشرق الاوسط. \r\n \r\n لكن التوقيت الراهن لا يمثل اللحظة المثالية له للضغط على الكونغرس او اسرائيل. فقال: »لست متأكداً من قيمة رأس المال السياسي الذي سينفقه, بينما يقض مضاجعه بعض الهموم المحلية قصيرة الاجل, والتي لا تجعل من العراك مع الكونغرس حول الاموال امراً مشجعاً في الوقت الحاضر«. \r\n \r\n لهذا, فإن الفشل في جني ثمار الفرص المواتية الملموسة سيكون اكثر تخييباً لامال عباس, لانه يحمل تحت ابطه تقريرا ايجابياً من المسؤول الامريكي المعيّن لمراقبة التقدم الفلسطيني في ازالة البنى التحتية للارهاب, وفي اصلاح اجهزة الامن. ففي الاسبوع الماضي اثنى الجنرال ويليام وورد, الذي عينه الرئيس بوش مبعوثاً امنياً في شهر شباط المنصرم, على جهود السلطة الفلسطينية في مجال الاصلاحات الامنية, وقال بأنه تحقق تقدم في تطهير وترويض قوات امنية غالباً ما كانت معادية. فبعد لقاء مع وزير الداخلية الفلسطيني, جرى الاسبوع الماضي, قال وورد »ان السلطة الفلسطينية اتخذت اجراءات اساسية لاعادة بناء قواتها الامنية, واقامة نظام واحد لوجود السلطة. »لكنه بين ايضاً انه ما يزال امامها الكثير من العمل. اما المسؤولون الامريكيون فقالوا كذلك بأن الجهود الاصلاحية التي بذلت قد آتت أكلها فعلاً في اطار وضع امني اكثر هدوءاً في المناطق الفلسطينية وفي اسرائيل. \r\n \r\n ومع هذا, هناك دلائل متنامية على احتمال انهيار هذا الهدوء. فقد ضربت غزة عدة اعمال عنف في الفترة الاخيرة. والمحت »حماس« وحليفتها الاصغر »الجهاد الاسلامي«, الى ان العنف قد يتصاعد ان لم يتم تنفيذ بعض الشروط المحددة. \r\n \r\n ويزعم انصار هاتين الحليفتين بأن عباس يخرق شروط الهدنة باعتقال المجاهدين فيهما, كما انهم يرفضون تشكيك »فتح« في نتائج الانتخابات البلدية التي كانت لصالح »حماس«. وفوق ذلك كله, فإنهم يطالبون عباس الالتزام بالسابع عشر من تموز موعدا لاجراء الانتخابات التشريعية. \r\n \r\n \r\n ويلاحظ رايش بأنه بينما يواجه عباس ضغوطاً محلية »كزعيم منتخب« فإن بوش سيواجه اكثر من كونغرس متشكك. وهو يراقبه يستقبل رئيساً فلسطينياً لاول مرة. \r\n \r\n ويمضي رايش ليقول بأنه سواء أكان وجود شارون في واشنطن. لعقد لقاءات خاصة. امراً حدث بالمصادفة ام لا, فإن »ظل شارون سيظل مخيماً على بوش«. \r\n \r\n ومن الواضح ان شارون, غير الراغب في الظهور بمظهر المستأسد خلال زيارة الزعيم الفلسطيني. سيقدم بعض الحوافز من جانبه. فقد قال في وقت سابق من الاسبوع الماضي في نيويورك. انه ليسعد اسرائيل ان تنسحب من الحدود بين غزة ومصر بعد تنفيذ خطة الانسحاب المقررة, اذا ما وضعت مصر يدها على تهريب الاسلحة. \r\n \r\n وبناء على جميع هذه العوامل المحركة الراهنة فقد عاد عباس الى بلاده بأكثر قليلاً من المصافحة بالايدي في البيت الابيض. ومع هذا, ويقول بعض المحللين بأنه حتى هذا الامر سيستغله احسن استغلال. \r\n \r\n كريستيان ساينس مونيتور \r\n