ويتحدث عن الرئيس الراحل ياسر عرفات, وكأنه جده. ويؤكد قائلا: »لقد قام الاسرائيليون بدس السم للرئيس«. ولكن تفكيره لا ينصب في هذه الايام, على ارض لم يعرفها البتة, حيث اضطر ابواه الى الهرب في العام ,1948 امام زحف الجيش الاسرائيلي. »يقول اولئك من المعارضة ان علينا واجب تسليم اسلحتنا. على ان يقوم الجيش الوطني بضمان امننا«. (كلام فاضي). فلن نطمئن لذلك. لن نسلم بنادقنا. فهي تلزمنا من اجل الدفاع عن عائلاتنا ضد من قام في الماضي بذبح الكثيرين من الفلسطينيين وبإمكانهم فعل ذلك اليوم كذلك«. \r\n \r\n يقول ذلك بينما يقوم باشعال سيجارة اخرى. ولم يكن عمر راضي في عام 1982 قد تجاوز السبعة اعوام, وقت ان اقدمت الميليشيات الكتائبية على الدخول الى مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين, متعمدين قتل ما لا يقل عن ثلاثة الاف من السكان المدنيين, مستخدمين البلطات والسكاكين, والاسلحة النارية. وذلك دونما اي ازعاج من قبل القوات الاسرائيلية, التي كانت قد قامت باجتياح لبنان وصولا الى العاصمة بيروت. \r\n \r\n ويتحدث بشأن ذلك ليقول: »لقد مضى وقت طويل. ولكني ما زلت اتذكر علامات الرعب والفزع التي ارتسمت على محيا والدي, حيث كانت امي تردد القول بأنهم سيأتون الى هنا كذلك, الى عين الحلوه, بحيث يقتلوننا جميعا. ان الازمة اللبنانية التي تصاعدت اثر تنفيذ عملية اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري, كانت قد مست مسا خفيفا, المخيمات حيث يعيش جزء كبير من الاربعمئة الف لاجئ. واكتفى الفلسطينيون بمتابعة تطور الاحداث, اخذين بعين الاعتبار انه لم يتم, وربما للمرة الاولى, الاشارة اليهم من قبل الاحزاب والتنظيمات اليمينية, كمسؤولين عما حدث, لكونهم مصدرا لكافة الاوجاع والاثام. هذا في الوقت الذي كان فيه العمال السوريون اهدافا للاعمال الانتقامية والثأرية في كل من بيروت, وصيدا, وبأماكن اخرى. وذلك في الايام اللاحقة على عملية التفجير التي حدثت يوم 14 شباط. \r\n \r\n اما المدرس السابق, ابن قرية البروه, من اعمال الجليل, التي لم يعد لها وجود اليوم, فيعقب على ذلك قائلا: »لقد تنفست الصعداء: فلن يجعلونا ندفع الثمن هذه المرة. هذا ما حدثت به نفسي بشأنه بعد اغتيال الحريري. ومع ذلك, فقد اخذت ريح متجمدة تهب منذ بضعة ايام, حاملة معها احاسيس خوف وفزع قديمة, لتزرعها داخل طرقات وبيوت مخيمات اللاجئين. فبعد التفجيرات العديدة التي شهدتها الاحياء المسيحية من بيروت, حيث توجد المشاعر الاقوى بالنسبة لمعاداة السوريين, كان البعض قد بدأ باسترجاع جملة من النظريات القديمة الخطيرة, مفادها ان الفلسطينيين هم من بين اصدقاء دمشق, لذا فهم يمارسون لعبة السوريين«. \r\n \r\n في ظل وجود جيش وطني, لست ادري ما هو السبب الذي يدعو الى ان تعيش مخيمات اللاجئين الفلسطينيين كواحات لا تخضع لاي قانون. فمن واجب الفلسطينيين العمل على تسليم اسلحتهم. ولا وجود لاي حل غير هذا. انها المقولة التي كررها في اكثر من مرة النائب دوري شمعون, الذي يعتبر من بين الاكثر استكلابا في الترويج لضرورة بسط السيطرة على المناطق التي تؤوي الفلسطينيين. \r\n \r\n وعلى ما يبدو, فان هذه النقطة بالذات قد لاقت قبولا لدى مختلف القوى السياسية التي تشكل المعارضة اللبنانية, حتى وان كانت هذه ما زالت تعبر عن ذلك بصوت خافت. وهي الذريعة السياسية الوحيدة في مواجهة استحالة التطبيق الكلي للقرار رقم ,1559 الصادر عن مجلس الامن, الذي يقضي (بالاضافة الى انسحاب القوات الاجنبية اي السوريين من لبنان) بنزع سلاح الميليشيات. وفي حقيقة الامر, فان كلا من فرنسا والولايات المتحدةالامريكية, صانعتا القرار, كانتا تشيران الى حزب الله. ولكن المعارضة اللبنانية على معرفة تامة بان هذا التنظيم القوي بزعامة حسن نصرالله, لن يعمد ابدا الى تسليم اسلحته, وبأن استهداف الفلسطينيين, انما يمثل البديل الطبيعي, ويحذر علي السمودي قائلا: »لقد اخذت في الانبعاث اجواء لا تروق لي. خاصة وانها تذكرني بما حدث قبل سنوات كثيرة, حيث تمت تصفية الكثيرين من اخواننا«. \r\n \r\n هذا, وكانت محطة البي.بي.سي. قد اوردت خبرا قبل عدة ايام مفاده ان احد رجال الميليشيا كان قد عرض امام مجموعة من الاوروبيين كمية من الاسلحة تعود اليه مؤكدا على انه »لن يعمد الى استخدامها ضد اللبنانيين, وذلك تجنبا لعودتنا الى الحرب الاهلية« ولكنه سرعان ما اضاف الى ذلك قائلا: »ولكن فيما لو اصبح الفلسطينيون مصدر تهديد, فسوف تكون تلك حالة مختلفة تماما«. اما في المقاهي العصرية في حي الاشرفية, وبمركز بيروت الذي قام الحريري باعادة اعماره, يستمر الحديث عن الفلسطينيين, في واقع الامر, على انهم اعداء محتملون في قلب لبنان. كما يطرح ايلي حداد وجهة نظره فيقول: »اذا ما حاول السوريون وضع حد لثورتنا, فسيكون الفلسطينيون هم الذين سيكلفون بتنفيذ هذه الفعلة القذرة«. \r\n \r\n ولا يؤخذ بالحسبان, ان كان اللاجئون الفلسطينيون يتمتعون بقليل من الانجذاب ناحية السوريين, الذين كانوا قد عمدوا في اكثر من مرة, خلال الحرب الاهلية, لفتح نيران اسلحتهم ضدهم, بالاضافة الى تواطئهم بشأن مذبحة مخيم تل الزعتر التي حدثت عام ,1976 وقامت الميليشيات الكتائبية بتنفيذها. اما مجموعة اخرى من الشباب اللبنانيين, فيعبرون عن خشيتهم من قيام الفلسطينيين بالحلول محل عمال المياومة السوريين, الذين غادروا الاراضي اللبنانية في الاسابيع الاخيرة. وذلك على الرغم من القوانين التي تحرم على اللاجئين ممارسة العشرات من الاشغال. \r\n \r\n اما الشيعة من جانبهم, فهم يدعمون القضية الفلسطينية. ولكن الفلسطينيين في مخيمات عين الحلوه, برج البراجنه, الميه وميه, وفي الرشيدية, لم ينسوا الحصار الذي ضرب من حولهم قبل 20 عاما من قبل ميليشيات حركة بزعامة رئيس مجلس النواب الحالي نبيه برّي. وهي الواقعة التي سجلت في تاريخ لبنان الدموي على انها »حرب المخيمات«. ويتحدث راضي زعتوت, وهو يحكم الامساك بسلاحه, فيقول: »نحن لا نثق بأي كان. ففي الوقت الذي ينجح فيه ابو مازن بالحصول على حق العودة للاجئين, سوف يأتي اللبنانيون الى هنا طالبين منا دفع الحساب. وسنكون عندئذ بحاجة لاسلحتنا من اجل حماية انفسنا«.0 \r\n \r\n \r\n \r\n عن: »المانيفيستو الايطالية«. \r\n \r\n