والى ذلك تم بموسكو في 9 مايو، وعلى اساس هذه الاتفاقات، لقاء «الرباعي» الذي يمارس وظائف الوساطة في عملية التسوية الفلسطينية الاسرائيلية. وشارك في اللقاء سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي، وكوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأميركية، وخافيير سولانا المفوض الاعلى للاتحاد الاوربي لشؤون السياسة الخارجية، وكوفي أنان السكرتير العام لهيئة الاممالمتحدة. ولعلي أذكر هذه الاسماء خصيصا لكي يستوثق القارئ بأكبر قدر من مدى أهمية البيان الذي اصدرته هذه الشخصيات السياسية الهامة جدا. وسأورد مقطعا من هذا البيان. بعد التأكيد على الأهمية الحيوية «لجهود الطرفين في مجال تأمين انسحاب اسرائيل من غزة والقسم الشمالي من الضفة الغربية بنجاح» اعتبر «الرباعي» ذلك «بصفته اجراء يتوخى بعث حياة جديدة في «خريطة الطريق». وبحث اطراف «الرباعي» موضوع انسحاب اسرائيل التام والنهائي من قطاع غزة» بالاقتران مع تنفيذ «خريطة الطريق» بصفته «خطوة هامة في طريق تحقيق فكرة وجود دولتين ديمقراطيتين اسرائيل وفلسطين». وأكد «الرباعي» على ان الهدف من مفاوضات التسوية، يجب ان يكون احلال السلام الوطيد، وانهاء الاحتلال الذي بدأ في عام 1967. ودعا «الرباعي» الطرفين الى القيام بالخطوات لتنفيذ جميع التزاماتهما بموجب «خريطة الطريق». \r\n وتقديري ومن وجهة نظري بأن هذا الأمر يتسم بأهمية خاصة وبصورة أكثر خصوصية ما جاء فيه: «بضرورة ان تكون الدولة الفلسطينية الجديدة قادرة على البقاء، وان تكون مترابطة ولاتنفصم في اراضي الضفة الغربية، ويذكر «الرباعي» جميع الاطراف المعنية بأن دولة تتألف من اجزاء غير مترابطة من الاراضي لن تكون ذات مقومات كاملة كدولة، كما يؤكد على وجوب عدم قيام اي طرف بأفعال وحيدة الجانب من شأنها ان تحدد مسبقا معالجة مسألة الوضع النهائي». \r\n في الوقت نفسه دعا «الرباعي» الى «ضرورة مواصلة جهود المجتمع الدولي بدون توقف، في مجال دعم السلطة الوطنية الفلسطينية لتحقيق هذه المهام، وبضمانها استعادة قدرات أجهزة الأمن الفلسطينية». وفي هذا الصدد رحبت الاطراف الاربعة في مهمة الوساطة في بيانهم «بالتدابير الملموسة التي اتخذها الرئيس محمود عباس أخيرا والرامية الى اصلاح الاجهزة الأمنية الفلسطينية». \r\n وتتسم جميع هذه الامور التي تم التأكيد عليها في البيان اليوم بأهمية اولية، خاصة في ضوء تعالي أصوات في الفترة الأخيرة حاولت الزعم بأن «خريطة الطريق» التي حددت مراحل التحرك نحو اقامة الدولة الفلسطينية، واعتمدت على صيغة «السلام مقابل الارض» قد اصبحت شيئا قديما ولى عهده. كما انهم يزعمون ان الاحداث تتطور ليس وفق «خريطة الطريق»، وينبغي ان تؤخذ الواقعيات الجديدة بنظر الاعتبار، وهم يقصدون ب«الواقعيات الجديدة» تنفيذ خطة شارون بشأن سحب القوات الاسرائيلية، واجلاء المستوطنات اليهودية من قطاع غزة، وكذلك سحب القوات من بعض المدن الكبيرة في الضفة الغربية، علما بأن القيادة الفلسطينية والرأي العالمي قد ايدا بحق تماما مثل هذا الاجلاء. بيد ان جميع من ايد الانسحاب يعتقد بأن التدابير التي يتخذها شارون هي جزء لا يتجزأ من «خريطة الطريق». \r\n لكن، وفي المقابل، لا يأخذ بهذا الرأي جميع من في اسرائيل. وكما هو معروف فان جزءا من المجتمع الاسرائيلي يعارض عموما اجلاء المستوطنات اليهودية من الاراضي المحتلة. ويمرر شارون خطته عبر مقاومة هذا الجزء لها. لكن هل يعني ذلك السعي الى تنفيذ «خريطة الطريق» حتى النهاية؟ \r\n لست واثقا البتة تجاه هذا الشأن، وانا لا استثني احتمال ان يعتبر من يؤيد خطة شارون في داخل اسرائيل كونها بمثابة بديل ل«خريطة الطريق»، وانهم يريدون ايقاف عملية السلام مع الفلسطينيين في ختام خطة شارون. ومما يدل على ذلك ان عملية توسيع المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية لا تتوقف يوما واحدا خلافا لأحكام «خريطة الطريق». \r\n ومعروف ان اسرائيل تبدي استياءها من بعض خطوات الفلسطينيين فيما يتعلق بالاراضي. ورد الفعل هذا مفهوم تماما. وانا لا اتحدث طبعا عن الغلو في ردود الافعال، وعن ان كل فعلة كهذه تعتبر امرا لا يجوز السماح به، وتقود الى ايقاف المفاوضات. لكن اسرائيل تعارض في الوقت نفسه ان تتعزز قوى الأمن الفلسطينية القادرة على السيطرة على الوضع، في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية، فيما عارض القادة الاسرائيليون بصراحة تقديم وارسال السلاح الى قوى الأمن الفلسطينية لدى اجتماعهم في القدس مع الرئيس بوتين، الذي لم يوافقهم على ذلك. والآن بات واضحا ان من الممكن القول بأن المجتمع الدولي بأسره لا يوافقهم على هذا ايضا. ولعله ومن هنا اعتقد بأن من الصعب التقليل من أهمية البيان الصادر بموسكو في 9 مايو الحالي. \r\n * رئيس وزراء روسيا السابق