\r\n وفي الوقت ذاته أدخلت هذه الخطة إلى الاقتصاد السياسي الإسرائيلي مبادئ تشغيل السوق الحرة والمعروف «باتفاق واشنطن» والذي ارتبط برئيسة وزراء بريطانيا السابقة مارغريت تاتشر ورونالد ريغان في الولاياتالمتحدة. وقد دشنت خطة الطوارئ عهد الليبرالية في النشاط الاقتصادي. \r\n \r\n \r\n وتقليص دور الحكومة وموازنة الدولة، وإضعاف العمالة المنظمة وتخفيض الأجور. ومن الملاحظ أنه بعد مرور خمس سنوات على تطبيق خطة الطوارئ، عندما أخذت أمواج الهجرة من دول الاتحاد السوفييتي وأثيوبيا تتدفق إلى إسرائيل، ردت الحكومة بالحد من تطبيق مبادئ سياستها الليبرالية الجديدة لتسهيل إقامة هؤلاء المهاجرين. \r\n \r\n \r\n وبدأت الحكومة تبذل جهداً مركزاً لإيجاد فرص عمل لهؤلاء المهاجرين ولتوسيع مظلة الضمان الاجتماعي لتغطي ظروفهم الخاصة.غير أن خطة الطوارئ كانت أكثر اعتدالاً من الإجراءات التي طبقتها حكومة شارون، كما أن تطبيقها تم عبر اتفاق مع اتحاد العمال - الهستدروت لكن حكومة شارون نقضت الاتفاق ولم تستشر الهستدروت. \r\n \r\n \r\n لقد أدت الخطوات التي اتخذتها حكومة شارون للتعامل مع الحقائق الاقتصادية والاجتماعية التي خلقتها الانتفاضة الثانية، إلى إبعاد إسرائيل عن النموذج الاجتماعي والديمقراطي في مجتمعات الرفاه في أوروبا الغربية، وأصبحت أكثر قرباً من النموذج الليبرالي المتبع في دول مثل الولاياتالمتحدة وأستراليا ونيوزيلنده. \r\n \r\n \r\n وابتعدت إسرائيل عن النظام السياسي -الاجتماعي المبني على الترابط الاجتماعي العالي والذي ينعكس في المستويات الضريبية المرتفعة التي تمول الخدمات الاجتماعية، واقتربت أكثر من الأنظمة المعروفة بالترابط الاجتماعي المتدني حيث تمول المستويات الضريبية المنخفضة خدمات محدودة وجزئية فقط، بينما تتحمل الموازنة الخاصة ما تبقى. \r\n \r\n \r\n وبدلاً من العمل على تحقيق مجتمع طبقة وسطى يتصف بدرجة عالية من التضامن، أخذت إسرائيل تتجه نحو نموذج هرمي يتمحور حول المصالح المتناقضة للطبقات الاجتماعية المختلفة. كما أن بعض حكومات أوروبا الغربية بدأت تجري تغييرات في أنظمتها الاجتماعية الديمقراطية استجابة للضغط المحلي والدولي لتشجيع النمو من خلال تخفيض الأجور وتكلفة الضمان الاجتماعي. \r\n \r\n \r\n لكن الخطوات التي اتخذتها هذه الحكومات كانت تدريجية وحذرة حتى لا تضر بجوهر البرامج المختلفة، كما أن التغييرات المقترحة يتم طرحها للنقاش العام، أما في إسرائيل فإن الطريقة المتبعة هي علاج الصدمة عبر نوع من الاختبار الاجتماعي المتعدد تحت سيطرة رسمية كاملة. \r\n \r\n \r\n إذ تم تنفيذ التخفيضات في عجالة وشملت كل الموازنات الخاصة بالوزارات وهي طريقة لا تأخذ في الاعتبار أولويات مبنية على المصالح بعيدة المدى للمجتمع الإسرائيلي. وفي بعض الحالات، حاولت الحكومة تغليف تخفيضات الموازنة بغطاء التخطيط الاجتماعي. \r\n \r\n \r\n كما اختارت الحكومة إجراء تخفيضات كبيرة على مكاسب الدخل في مستهل ركود اقتصادي طرد خلاله أكثر من مئتي ألف إسرائيلي من العمل. ومع أن الحكومة الإسرائيلية عينت لجنة لدراسة تجارب الدول الأخرى، لكنها أجرت تخفيضات على مكاسب الدخل قبل رفع اللجنة تقريرها النهائي. \r\n \r\n \r\n هل كانت التخفيضات في الموازنة مدفوعة بالانتفاضة أم العقيدة؟ \r\n \r\n \r\n هل يجب إدخال أي نقاش لسياسة الموازنة الحكومية في أي نقاش عن ثمن الاحتلال؟ \r\n \r\n \r\n إن هذا السؤال يفرض نفسه بشدة في ضوء حقيقة أن الإجراءات الاقتصادية والاجتماعية التي اتخذتها حكومة شارون هي إنعكاس لعقيدة واضحة -برنامج ليبرالي جديد يدعو إلى تخفيض الإنفاق الحكومي وإعطاء المصالح التجارية شيكاً أبيض. فمنذ عام 1985، على الأقل، تبنت كل الحكومات الإسرائيلية، اليمينية منها واليسارية، سياسات ليبرالية مستحدثة. \r\n \r\n \r\n وحاولت كلها تقييد الإنفاق الحكومي وتقليص شبكة الضمان الاجتماعي. وظلت امتيازات البطالة، على سبيل المثال، تتضاءل تدريجياً لحوالي عقد من الزمن قبل الانتفاضة الثانية. وحتى خلال الانتفاضة الثانية، لم تتخذ أي حكومة إسرائيلية مثل هذه الإجراءات الحادة كما فعلت حكومات شارون. \r\n \r\n \r\n ولا يحتمل في الظروف العادية أن تقدم أي حكومة أخرى على مثل هذه الإجراءات وتقدمها إلى «الكنيست» كصفقات مستعجلة. ولا يمكن تصور أن مثل هذه الإجراءات يمكن اتخاذها لو لم تؤد الانتفاضة إلى هذه الظروف السائدة، وبخاصة الهجمات على الحافلات والمطاعم وصالات الرقص. \r\n \r\n \r\n وقد أدى تلازم «نظام الطوارئ العسكري» و«خطر الإنهيار المالي» إلى إعداد المسرح أمام هذه الحكومات لاتخاذ هذه الإجراءات التي اتخذت اسم «الدرع الاقتصادي الواقي» على غرار اسم العملية العسكرية لإعادة احتلال المناطق الفلسطينية. وهكذا، فإن الانتفاضة هي التي وفرت الظروف لحكومة شارون لاتباع سياسة تخفيضات الموازنة. \r\n \r\n \r\n وفي ضوء ذلك، يمكن القول إن حكومات شارون قد تصرفت كما لو كانت تغتنم فرصة تاريخية لتحقيق مبادئ عقائدية. فقد أعلن بنيامين نتنياهو، المعروف بمهارته في استخدام العبارات الإعلامية، عن نيته وضع حد للوضع الذي يحمل فيه شخص ضعيف البنية (قطاع رجال الأعمال) رجلاً سميناً (القطاع العام) على ظهره. \r\n \r\n \r\n كما أعلن أن العشرة بالمئة ممن يتلقون أعلى الأجور كانوا يدفعون 90% من مجموع الضرائب ساحبين معهم عدداً كبيراً من الناس الذين كانوا إما لا يعملون بالكامل أو لا يجتهدون في العمل ويعتمدون على خزينة الدولة. (والحقيقة أن العشرة بالمئة لا يدفعون سوى 50 بالمئة من مجموع الضرائب، كما أن كثيرين يعملون لكن أجورهم دون مستوى متوسط الأجور). \r\n \r\n \r\n وتجدر الإشارة هنا إلى أنه في ظل ظروف الانتفاضة، فإن تخفيضات الموازنة بالطريقة التي اتخذت فيها لم تكن الخيار الوحيد أمام الحكومة. وكان أحد هذه الخيارات، بالطبع، هو الرد عسكرياً بشكل لا يزيد من أعباء موازنة الدفاع. لكن الخيار العسكري الذي تم اتخاذه، إعادة احتلال كل الضفة الغربية، كان مكلفاً. \r\n \r\n \r\n كما كان هناك خيارات أخرى يمكن اللجوء إليها، مثل زيادة ضرائب أرباح رأس المال وزيادة الضريبة على ذوي الدخل المرتفع أو عدم تخفيضها على الأقل، وفرض قرض حرب وتخفيض رواتب كبار المسؤولين وكبار الضباط وموظفي الأجهزة المحلية وتخفيض «الزوائد» من الموازنة العسكرية. \r\n \r\n \r\n \r\n أو تخفيض التسهيلات الحكومية المعطاة للقطاعات الثرية، ومنها المستوطنات الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية. أما الخيار الذي اختارته الحكومة فهو إجراء تخفيضات أدت بشكل أساسي إلى تراجع مستوى معيشة الطبقة الوسطى والطبقات الفقيرة. \r\n \r\n \r\n الخلاصة \r\n \r\n \r\n لقد أصبح استمرار الاحتلال الإسرائيلي للمناطق الفلسطينية منذ عام 1967 عبئاً ثقيلاً. ولسنوات طويلة ظلت إسرائيل تدفع ثمناً باهظاً للغطرسة، التي دفعت صناع القرار إلى الانجرار وراء إغراءات النصر في حرب يونيو 1967. لقد شكل الشعور بالقوة إغراء لكثير من القادة في ذلك الوقت ودفعهم للتمسك بالسيطرة على المناطق الفلسطينية المحتلة وقضم المزيد منها وإنكار طموحات الشعب الفلسطيني. \r\n \r\n \r\n وفي السنوات العشرين التي سبقت الانتفاضة الأولى، لم يكن ثمن هذه الغطرسة مكلفاً، فقد كان الجيش الإسرائيلي قادراً على السيطرة على هذه المناطق من دون حاجة لحشد عدد كبير من الجنود ودون تحميل موازنة الدفاع أعباءً إضافية. كما لم تتحمل خزينة الدولة أي تكاليف للصرف على رفاهية السكان الفلسطينيين. \r\n \r\n \r\n حيث أن مستواهم المعيشي قد ارتفع بفضل الأجور العالية نسبياً التي كان يتقاضاها مئات الآلاف من العمال الفلسطينيين، الذين كانوا يذهبون إلى العمل يومياً داخل الخط الأخضر أو في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة. وقد جنى أرباب العمل في إسرائيل مكاسب كثيرة، وكذلك أرباب الصناعات الذين فتح لهم الاحتلال سوقاً استهلاكية جديدة. \r\n \r\n \r\n وقد منعت الحكومات الإسرائيلية أصحاب المشاريع الفلسطينية من تطوير منتجاتهم وخدماتهم، الأمر الذي حمى المصدرين الإسرائيليين من المنافسة. وتضخمت الخزينة الإسرائيلية من مداخيل الضرائب ومن ضريبة المبيعات والجمارك والضريبة الإضافية على البضائع ومن اقتطاعات الضمان الاجتماعي، وهي مداخيل كان يمكن أن يستفيد منها الفلسطينيون حسب القانون، لكن ذلك لم يحصل. \r\n \r\n \r\n وقد زودت المزارع والبيوت الإسرائيلية بالمياه بنسب توازي المستويات الغربية بسبب سيطرة إسرائيل على مصادر المياه في غرب نهر الأردن. وبينما كان المقاولون والمزارعون والصناعيون والمصدرون الإسرائيليون يجنون أرباحاً طائلة من الاحتلال، كانت حياة كثير من الإسرائيليين الآخرين تزداد بؤساً، ومن أبرزهم العمال من اليهود الشرقيين والعرب. \r\n \r\n \r\n وقد تضرر كثير منهم من دخول العمال الفلسطينيين إلى إسرائيل، وتضرروا أكثر عندما أخذ العمال الإسرائيليون من قليلي الدخل يفقدون قوتهم التفاوضية نتيجة لتدفق العمال الفلسطينيين إلى سوق العمل الإسرائيلي. وفي تلك السنوات، كان الجزء الأكبر من الإنفاق الحكومي في المناطق الفلسطينية يذهب إلى المستوطنات في أكبر تعبير عن الغطرسة التي أدت بإسرائيل إلى قضم أكبر مساحة ممكنة من المناطق الفلسطينية. \r\n \r\n \r\n لقد أصبحت المستوطنات أكبر مشروع مدني -عسكري رسمي لفترة ما بعد حرب 1967. وأدى مشروع الاستيطان في المناطق الفلسطينية إلى تهميش مشروع سابق لإسكان مئات الآلاف من اليهود الذين قدموا بعد إنشاء إسرائيل. وحتى عام 1967، لم يكن هذا المشروع قد اكتمل لحاجته إلى مزيد من الاستثمار والتطوير. وقد تجاهلت حكومة بيغن هذا المشروع وركزت جل اهتمامها على تمويل المستوطنات. \r\n \r\n \r\n وقد أخذ ثمن الغطرسة يتضخم خلال الانتفاضتين الفلسطينيتين ووصل الذروة في السنوات الأربع الأخيرة. وقد كان هذا الثمن باهظاً في زمن الانتفاضة الثانية لدرجة أنه كشف عن كل سنوات الاحتلال طوال سبعة وثلاثين عاماً. فمن ناحية، أظهرت الانتفاضة الثانية مرة أخرى أن الفلسطينيين ليسوا نداً للقوة العسكرية الإسرائيلية حيث تعرضوا للهزائم مرة تلو الأخرى. \r\n \r\n \r\n إلا أن الانتفاضة أوضحت بأن الفلسطينيين، وعلى الرغم من ضعفهم، وربما بسببه، يمكن أن يشكلوا تهديداً خطيراً لاستقرار إسرائيل الاقتصادي والسياسي. فقد قادت الانتفاضة الثانية إسرائيل إلى أطول مرحلة ركود اقتصادي الاجمالي في تاريخها، وأدت إلى تراجع الناتج المحلي لثلاث سنوات متتالية. \r\n \r\n \r\n وإلى خسارة مليارات الدولارات من الاستثمارات المحلية والخارجية، وإلى أزمة في بعض القطاعات الاقتصادية، وبخاصة قطاع السياحة، وإلى زيادة البطالة إلى معدلات لم يسبق لها مثيل إلا في فترة الكساد السابقة لحرب 1967، وفترة كساد التسعينات حينما تدفق آلاف المهاجرين من دول الاتحاد السوفييتي وأثيوبيا في التسعينات. \r\n \r\n \r\n خسائر بالمليارات \r\n \r\n \r\n وخلال الانتفاضة الثانية بلغت خسارة إسرائيل، حسب مختلف التقديرات، ما بين 40 50 مليار شيكل. وإذا ما أضفنا هذا الرقم إلى الخسارة في أثناء الانتفاضة الأولى والسنوات الفاصلة بين الانتفاضتين، فإن الخسارة ستكون مضاعفة. ومنذ بداية الانتفاضة الفلسطينية الأولى، زادت التكلفة العسكرية لإبقاء السيطرة على المناطق المحتلة. \r\n \r\n \r\n فخلال الفترة من 1987 -5002 زادت الحكومة موازنة الدفاع بمقدار 29 مليار شيكل «لمواجهة الأحداث في المناطق الفلسطينية». ويجب إضافة هذا المبلغ إلى التكلفة الروتينية للإبقاء على السيطرة العسكرية على المناطق والتي تشملها موازنة وزارة الدفاع مثل تكلفة بقاء ألوية الجيش في الضفة الغربية وقطاع غزة ووحدات المخابرات. \r\n \r\n \r\n كما أدت الانتفاضة الثانية إلى بناء الجدار العازل لمنع الهجمات الفلسطينية داخل إسرائيل. وأدى قرار توسيع الجدار لجعل معظم المستوطنات اليهودية على الجانب الإسرائيلي من الجدار إلى زيادة تكلفة البناء.وقد ذكرت صحيفة هآرتس أن تكلفة بناء هذا الجدار ستبلغ 5,6 مليارات شيكل. \r\n \r\n \r\n وإضافة إلى الثمن الاقتصادي والعسكري الذي تدفعه إسرائيل لاستمرار احتلال المناطق الفلسطينية، يجب أن لا ننسى المبالغ الضخمة التي دفعتها الحكومة على المستوطنات. وقد قدرت صحيفة هآرتس هذه المصاريف الزائدة بحوالي 45 مليار شيكل خلال الفترة من 1967 2003. \r\n \r\n \r\n ويتوقع أن تزداد الإعتمادات الرسمية لهذه المستوطنات بشكل كبير في أعقاب تنفيذ خطة إخلاء المستوطنات في قطاع غزة وشمال الضفة الغريبة. ويدور الحديث حالياً عن خمسة مليارات شيكل لتغطية الإخلاء ولتعويضات المستوطنين وإعادة انتشار الجيش داخل الخط الأخضر. \r\n \r\n \r\n ومن المتوقع أن ترتفع التكلفة إلى حد كبير في المستقبل إذا ما التزمت إسرائيل بالشروط الأميركية الواردة في خارطة الطريق لإخلاء مزيد من المستوطنات من الضفة الغربية. إن الركود الحاد الذي رافق الانتفاضة الثانية، وما تبع ذلك من زيادة موازنة الدفاع، أدى إلى سلسلة من تخفيضات الموازنة وصلت إلى 60 مليار شيكل خلال ثلاث سنوات (من سبتمبر 2001 - سبتمبر 2004). \r\n \r\n \r\n وكانت الخدمات الاجتماعية وشبكة الضمان الاجتماعي ضحيتين لهذه التخفيضات. وقد اتخذت هذه التخفضيات شكل إنهاء التمويل الحكومي للنظام الصحي، وتقليص ساعات التدريس في المدارس الابتدائية والثانوية، وتخفيض تمويل مؤسسات التعليم العالي والمساعدات الحكومية لمشاريع الإسكان وموازنات المجالس المحلية. \r\n \r\n \r\n لقد تراجعت شبكة الضمان الاجتماعي من خلال ما تعرضت له من تخفيضات حادة في تعويض البطالة وعلاوة الأطفال وغيرها في أعقاب قرار تجميدها وربطها بمؤشر سعر الاستهلاك بدلاً من معدل الرواتب. وعلاوة على تلك الأضرار والتكاليف الباهظة، فقد كان لثمن الغطرسة تأثير مدمر لا يمكن قياسه، وشمل ذلك بعض الميادين، منها: \r\n \r\n \r\n عدم الاستقرار السياسي: \r\n \r\n \r\n لقد أصبح الاحتلال الإسرائيلي للمناطق الفلسطينية موضوع خلاف أدى إلى تقسيم الساحة السياسية إلى معسكرين:« اليمينء و«اليسار». لكن أي من المعسكرين لم يكن كبيراً أو قوياً لدرجة تمكنه من تنفيذ سياساته، مما أدى إلى استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي. \r\n \r\n \r\n وقد تمثل ذلك في الصعوبة التي واجهتها الحكومات لتمرير الموازنة في الكنيست خلال السنوات الأخيرة. كما أن الاستقرار السياسي مهدد من التطرف المتزايد الذي بلغ حد العنف، ويجب أن لاننسى بأن مسألة الاحتلال كانت المحرض الرئيسي لأول عملية اغتيال يتعرض لها رئيس وزراء إسرائيلي. \r\n \r\n \r\n لقد تلطخت سمعة الجيش كمؤسسة وطنية تسمو على الخلافات السياسية. فقد أجبرت الانتفاضة الفلسطينية قوات كبيرة من الجيش على ممارسة دور الشرطة في حفظ النظام وقمع الاضطرابات، مما أثار الانتقاد من معسكري اليسار واليمين. وإضافة إلى ذلك، فإن هذه الأدوار غير التقليدية دفعت بعض الشبان الإسرائيليين إلى التردد في الخدمة العسكرية. \r\n \r\n \r\n وهم نفس الشباب الذين كانوا قبل فترة قصيرة يشكلون عصب الوحدات الخاصة والمواقع القيادية. كما أن الانتفاضة الثانية أحدثت شرخاً في المجتمع الإسرائيلي أكثر من أي وقت مضى. وأدت الطريقة التي اختارتها الحكومة لمعالجة الركود الاقتصادي والمطالبة بزيادة مصاريف الدفاع إلى توسيع الهوة بين الطبقة الغنية والطبقات الأخرى. \r\n \r\n \r\n كما أدت تخفيضات شبكة الضمان الاجتماعي إلى زيادة الفجوة بين قطاع الفقراء المتنامي(الذي يبلغ حالياً حوالي 20% من السكان وربما أكثر من ذلك إذا ما أضفنا من هم قريبون من خط الفقر) وبين بقية المجتمع الإسرائيلي. وقد دفعت هذه المجموعة إلى هامش الأجندة الرسمية وهي تعتمد حالياً على الصدقات والمؤسسات الخيرية، وأصبح المجتمع القدوة الذي يرعى كل أبنائه أبعد منالاً من أي وقت مضى. \r\n \r\n \r\n الارتباط الإسرائيلي -الفلسطيني \r\n \r\n \r\n إن كل ما تقدم يرتبط بالجانب الإسرائيلي. ولكن الواضح أيضاً أن الفلسطينيين قد تضرروا كثيراً من الاحتلال والصدام مع القوات الإسرائيلية. حيث يعطي البنك الدولي صورة قاتمة عن الفقر والبطالة وتدني مستوى المعيشة. لكن تقييم هذه الإضرار يحتاج إلى دراسة أكثر عمقاً. \r\n \r\n \r\n \r\n ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن التفريق بين الضرر الداخلي اللاحق بإسرائيل، والضرر الداخلي الواقع على المناطق الفلسطينية هو تفريق مصطنع إلى حد كبير. فقد تطورت العلاقات بين الاقتصاديين خلال سنوات الاحتلال وخلقت وضعاً إذا ما تضرر فيه أحدهما فإن الآخر سوف يتأثر أيضاً. \r\n \r\n \r\n ومن هذا المنظور، يمكن القول إن سياسة إسرائيل في المناطق الفلسطينية، وهي سياسة تركز على مصادرة دور الفلسطينيين ومنعهم من تطوير اقتصادهم، هي سياسة قصيرة النظر تشبه سياسة «من يقطع أنفه ليخيط وجهه». فبدلاً من الإعتراف بإمكانية تطوير جانبي الخط الأخضر في وقت واحد بهدف خلق اقتصاد إقليمي قوي على المدى البعيد مبني على التبادل الثنائي البناء، حرصت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على تقوية الاقتصاد على جانب واحد. \r\n \r\n \r\n وكان يمكن للاقتصاد الإسرائيلي الاستفادة بشكل كبير لو أن مستوى المعيشة على الجانب الفلسطيني ارتفع إلى درجة أكبر من خلال أجور العمال الفلسطينيين، ولو أن إسرائيل سمحت لأصحاب المشاريع من مزارعين ومصنعين ومقدمي خدمات الاستثمار في هذه المشاريع. \r\n \r\n \r\n وببساطة، لو كانت هناك سيولة نقدية أكبر لدى الجانب الفلسطيني لكان الفلسطينيون والإسرائيليون قد جنوا المكاسب معاً. ويمكن قول الشيء ذاته بالنسبة إلى المستقبل، فعلى العكس من الانطباع الذي ساد قبل 1967، عندما كانت إسرائيل تتصرف كما لو أن ما يقع خلف الخط الأخضر عالم غريب وبعيد. \r\n \r\n \r\n لكن إسرائيل بعد عزل المناطق الفلسطينية عن الأردن وربط الاقتصاد الفلسطيني، باقتصادها - تجد أن من الصعب عليها إدارة ظهرها للفلسطينيين حتى لو أقيمت دولة فلسطينية قابلة للحياة ومنفصلة عن إسرائيل بحدود معترف بها. ومن الواضح للجميع، أن أي دولة فلسطينية لا يمكن أن تنشأ في فراغ وبمعزل عن جيرانها. \r\n \r\n \r\n وبما أن إسرائيل هي الأقوى، وبما أن الفلسطينيين قد أنشأوا علاقات كثيرة، يجب على إسرائيل أن تقوم بدور مسؤول. إن الغطرسة التي أدت إلى استمرار الاحتلال تحمل الآن تسعيرة طويلة الأجل وهي: إذا كانت إسرائيل تريد استقراراً وأمناً على المدى الطويل، يجب عليها الاستعداد لتحمل بعض المسؤولية في تطوير المناطق الفلسطينية. \r\n \r\n