\r\n ولكن دعنا نفسر الأمر من وجهة نظر اخرى. رغم عدم شعبية الحرب على العراق الا ان قوة وولفويتز تكمن في انه سوف يجعل من البنك الدولي اداة للسياسة الأميركية. \r\n \r\n ان البنك الدولي هو مؤسسة فاعلة وذلك لأن مقره واشنطن وتسيطر عليه مجموعة من الاقتصاديين الأميركيين المدربين ويديره شخص معين من قبل الولاياتالمتحدة(بالرغم من ان الشخص المعين لايشترط ان يكون اميركياً). بسبب هذه القرابة مع افضل مجتمع ناجح في العالم, فإن مسألة كون البنك مؤسسة ناجحة اصبحت بصفة عامة امراً محسوساً. حيث ان اجماع واشنطن على امر مثل مجموعة السياسات المتعلقة بتوجيه الأسواق التي اقرها البنك في الثمانينيات والتسعينيات تعد افضل بكثير من اجماع طوكيو اوبرلين. \r\n \r\n وبفضل علاقاته بالإدارات الأميركية المتتالية فقد لعب البنك الدولي دوراً اكبر من الدور المنوط به. ففي بعض الأحيان كان يتسبب في احداث بعض المشكلات وذلك عندما حاولت اميركا اضعاف الكثير من الاقتصاديات الشيوعية. وفي الغالب كان الدور الأميركي هو السائد والمسيطر على اتخاذ القرارات. فقد استخدمت ادارة بيل كلينتون البنك للمساعدة في استقرار المكسيك وشرق اسيا في اعقاب الأزمة المالية. كما استخدمته لإعادة اعمار البوسنة وكوسوفو وتيمور الشرقية. في الواقع, ربما لم يكن هناك اتفاق سلام في البوسنة اذا لم يكن هناك وعد بتدخل البنك الدولي لإعادة الإعمار. \r\n \r\n ان المشكلة في ادارة بوش هي تطويعها للبنك الدولي حسب سياستها الخارجية. وفي الغالب فشلت في الخروج من هذا الإطار. ان التخطيط لمرحلة مابعد الحرب على العراق ربما كان سيظهر بمظهر افضل مما هو عليه الآن اذا طلبت الإدارة مشورة خبراء البنك الدولي في وقت مبكر. \r\n \r\n كما ان التوسع في مساعدات التنمية الثنائية الأميركية التي يعد بها الرئيس بوش \r\n كانت ستصبح اكثر فاعلية وتأثيرا اذا تم توجيه الأموال من خلال البنك الدولي. فإذا قام الرئيس بوش بتسليم رئاسة البنك الدولي لأحد المشاركين والمساعدين له في حملته العسكرية على العراق ,فإن هذا الإهمال الضار سوف يستمر بل سيصبح في اسوأ حالاته. \r\n \r\n ماذا عن ايديولوجيات وولفويتز؟ ان ترشيحه قد تزامن مع ترشيح جون بولتون سفيراً للأمم المتحدة , وهذه هي قمة السخافة. ان بولتون يرى ان القانون الدولي والتعددية تعوق الولاياتالمتحدة كثيراً وان هذا الأمر سييء من حيث المبدأ. وللأسف ان وولفويتز من اشد انصار هذا المبدأ. ان ولعه الشديد هو ان تتقدم الديموقراطية وهو على اتم استعداد لاستخدام الوسائل الفردية للوصول إلى هذا الأمر, ولكن التعددية ليست هي النهاية في حد ذاتها. ولكي يوطد فكرة الديموقراطية في اوروبا الشرقية في التسعينيات,نجد ان وولفويتز دافع عن فكرة التعددية في شكل توسعة حلف شمال الأطلسي الناتو. \r\n \r\n ان وولفويتز يبدو شخصاً براجماتياً في مجال الاقتصاد ايضاً. ان تعرضه لفكرة التنمية يرجع تاريخها إلى الفترة التي كان يعمل فيها سفيراً في إندونيسيا التي استطاعت تقليل نسبة الفقر من خلال تدخل الدولة , كما انه لايؤمن بفكرة خصصة كل شيء الا بعد تفكير عميق. كما انه لايعتقد الاعتقاد الجمهوري الشائع انه مادامت البرازيل والصين تستطيعان الاقتراض من البنك الدولي من خلال اسواق رأس المال الخاصة , فلابد للبنك الدولي, من حيث المبدأ, ان يوقف اقراضهم , هذه الفكرة قد تحرم البنك الدولي من اكبر المقترضين منه كما انها قد تهدد مؤسساته المالية. \r\n \r\n ولذلك هناك بعض الأفكار المزعجة التي لايؤيدها وولفويتز. ان هذا قد يثير تساؤلاً كبيراً: هل الشخص المناصر للديموقراطية هو الشخص المناسب للبنك الدولي؟ منذ 15 عاماً كانت تبدو هذه الفكرة غير مألوفة, حيث اجمعت الأبحاث على ان الديموقراطية كانت سيئة بالفعل من اجل التنمية لأنها تجعل النظام الديكتاتوري يقلل من نفقات الحكومة ويغلق المشاريع الحكومية غير الرابحة ويقلل من التضخم. فلونظرنا إلى تايوان وكوريا الجنوبية في السبعينيات , واندونيسيا في عهد سوهارتو في الثمانينيات والصين وفيتنام واوغندة في التسعينيات , لوجدنا ان الجميع تميزوا بالحكم الديكتاتوري. \r\n \r\n وخلال العقد الماضي تغير مفهومنا عن الأسباب التي تدفع إلى التنمية. حيث ترى واشنطن ان التحدي الكبير امام الدول الفقيرة هو تحد سياسي. ولابد لهذه الدول ان تحارب الفساد الذي يمنع الاستثمارات الأجنبية وان تفعل دور القانون. \r\n \r\n وفضائل الديموقراطية مثل المسؤولية والشفافية هامة للغاية ومسألة تعيين شخص من انصار الديموقراطية رئيساً للبنك الدولي يبدو امراً غير مألوف تماماً. ولهذه الأسباب نجد الكثير من رؤساء البنك الدولي السابقين يستهجن بشدة فكرة تعيين وولفويتز لهذا المنصب. ولهذا لابد وان يتوخى وولفويتز الحذر عند عرض جدول اعماله. \r\n \r\n سباستيان مالابي \r\n محرر بصفحة الآاء في جريدة (اشنطن بوست) \r\n خدمة (اشنطن بوست)- خاص ب(لوطن)