لكن هذه المظاهرة التي تعد اكبر مظاهرة تشهدها بيروت حتى الآن لم تردد دعوة الرئيس بوش لسوريا بالخروج من لبنان بل ان المتظاهرين هم انصار جماعة حزب الله اللبناني وهم يعارضون انسحابا سوريا سريعا او تدخلا في لبنان من جانب الولاياتالمتحدة او اسرائيل. \r\n في هذه المشاهد التلفازية المتعارضة يكمن تحذير مهم بشأن السير نحو الديمقراطية في الشرق الاوسط. \r\n نعم ثمة ابتهاج بتخيل ان هذه المنطقة البعيدة عن الديمقراطية في النهاية وصلتها الرسالة بأن التغيير مطلوب نعم ان الرئيس بوش يستحق مصداقية كاملة لدفعه من اجل الديمقراطية لا سيما بعد الانتخابات العراقية الاخيرة حيث يبدو انه قرر الضغط على عدد من انظمة الحكم القمعية القديمة الحليفة له في المنطقة هذا غير ان المشاهد التلفازية المتباينة يجب ان تعد تحذيرا بان انتخابات الشرق الاوسط لن تنتج في الغالب حكومات موالية لاميركا او تدفع نحو السلام. \r\n في خطابه يوم الثلاثاء الماضي اكد بوش على ان للشعب اللبناني الحق في تقرير مستقبله وان يتحرر من هيمنة القوة الاجنبية وهو بالطبع يقصد سوريا التي كان لها اكثر من 14 الفا من قواتها وآلاف من عناصر المخابرات في لبنان. \r\n ومع ذلك فان متظاهرين يوم الثلاثاء الماضي كانوا يتحدون الهيمنة الاميركية فلو اجريت الانتخابات اللبنانية كما هو مقرر لها في هذا الربيع فان حزب الله الذي تصنفه الولاياتالمتحدة بانه منظمة ارهابية سيكون بلا شك احد الفائزين الرئيسيين. \r\n ان الشيعة في لبنان ليسوا ضد الديمقراطية كما انهم لا يريدون بالضرورة تواجدا سوريا على المدى البعيد لكنهم معجبون بحزب الله لدوره الخيري ولاجباره القوات الاسرائيلية على الانسحاب من لبنان. \r\n واوضح المتظاهرون ان حزب الله سيلعب دورا رئيسيا في السياسة اللبنانية رغبت في ذلك اميركا ام لم ترغب وسوف تقبل الجماعات اللبنانية الاخرى التي تتظاهر من اجل الديمقراطية بذلك. \r\n اذا كان تشجيع الديمقراطية في الشرق الاوسط يمكن ان يعد قضية بوش الرئيسية فمن المهم جدا للادارة والرأي العام الاميركي الا يكون لديه اوهام بشأن ما قد يحدث. \r\n فحتى الآن يبدو ان دعم الولاياتالمتحدة للانتخابات في الشرق الاوسط مقصور على تلك التي قد لا تتحدى نتائجها المصالح الاميركية. \r\n وقد بدت الحالة التقليدية في ذلك عام 1991 في الجزائر عندما كانت الجبهة الاسلامية للانقاذ على وشك الفوز في الانتخابات التشريعية فقد حدثت هزة لدى الجزائريين حول ما اذا كانت الجبهة ستحترم القواعد الديمقراطية ام انها ستستغل الانتخابات لفرض دولة اسلامية لم يكتشفوا ذلك ابدا حيث قام الجيش الجزائري بالانقلاب الذي ايدته الولاياتالمتحدة واعقب ذلك عقد من الحرب الاهلية. \r\n خلال التسعينيات تعمقت المخاوف بان الديمقراطية في الشرق الاوسط يمكن ان تنتج دولا اسلامية مناهضة للولايات المتحدة وكان يتم النظر الى الانظمة القمعية على انها حصن ضروري ضد الارهاب لا سيما بعد 11 سبتمبر 2001. \r\n وكان ثمة اعتقاد بان العراق يمكن ان يكون استثناء مناسبا حيث توقع فريق بوش ايجاد مجتمع طبقة وسطى علماني وعندما ثبت خطأ هذه التوقعات اجل المسئولون الاميركيون الانتخابات المباشرة مرارا خشية فوز الشيعة بها الى ان اجبرهم ضغط آية الله العظمى علي السيستاني على تحديد موعد للاقتراع. \r\n وفازت الاحزاب الدينية الشيعية المعتدلة بأغلبية مما يثير التساؤلات حول الدور المستقبلي للاسلام في المجتمع العراقي وحول حقوق المرأة وان كان في العراق فان الاحزاب الشيعية لا تدعو الى دولة اسلامية كما ان الاحزاب العلمانية سوف توازن الاتجاه الديني. \r\n لكن هل يمكن ان يقبل الرئيس بوش بنتائج الانتخابات في بلدان عربية اخرى اذا اثبت الاسلاميون المناهضون لاميركا على انهم قوة سياسية قوية؟ ان الديمقراطيين الليبراليين هم مجموعة هامشية في اغلب بلدان الشرق الاوسط ويتمتع الاسلاميون بدعم شعبي قوي في بلدان مثل مصر والمملكة العربية السعودية وسوريا. \r\n ان سياسة عربية نيابية يمكن ان تتطور فقط عندما تجتاز هذه المجتمعات تناقضاتها السياسية وتقبل كل الفصائل فيها القواعد الديمقراطية ولن يحدث ذلك في العاجل وربما لا تكون العملية جيدة او مناسبة فالسياسة العربية ستنتظر لترى ما اذا كان الرئيس بوش متمسكا برسالته ويقبل بمسار الديمقراطية العربية مهما ادى اليه ام لا. \r\n \r\n ترودي روبين \r\n كاتبة عمود وعضو هيئة التحرير في فيلاديلفيا انكويرر. \r\n خدمة كيه آر تي خاص ب(الوطن).