تجارة القناة تعلن قواعد القبول بالبرامج الجديدة بنظام الساعات المعتمدة للعام الجامعي 2026    عاجل من الضرائب، إلزام فئات جديدة بإصدار إيصالات إلكترونية في هذا الموعد    قيادي بحماس: تعاملنا بمسؤولية ومرونة في المفاوضات وطالبنا بضمان تدفق المساعدات    تطورات مهمة في عرض قاسم باشا التركي لشراء لاعب الأهلي    محاكمة ربة منزل بالمرج بتهم الترويج للأعمال المنافية والنصب على المواطنين    تشغيل قطارات جديدة على خط مطروح    مفاوضات مع مايلي سايرس وآريانا جراندي لتقديم عرض مشترك في Super Bowl    باحث أكاديمي ينفي عن توفيق الحكيم صفة البخل ويكشف تفاصيل مساهمته في تأسيس معهد الموسيقى    «100 يوم صحة» تقدم أكثر من 15 مليون خدمة طبية مجانية خلال 10 أيام    تجديد حبس سائق بتهمة سرقة 6 ملايين جنيه من مالك شركة يعمل بها بالعمرانية    الأرصاد تحذر من ذروة موجة حارة تضرب القاهرة    تنسيق 2025.. موعد المرحلة الأولى لطلاب الثانوية العامة وأسماء الكليات المتاحة لكل شعبة (تصريحات خاصة)    أسعار الخضروات اليوم السبت 26 يوليو في سوق العبور للجملة    مطار مرسى علم يستقبل 184 رحلة من 15 دولة أوروبية الأسبوع الجاري    «موعد أذان المغرب».. مواقيت الصلاة اليوم السبت 26 يوليو 2025 في القاهرة والمحافظات    كيم جونج أون لجيشه: يجب الإستعداد ل«حرب حقيقية في أي وقت»    الكونجرس الأمريكي: 75% من سكان غزة يواجهون مجاعة عقب الحصار الذي فرضه نتنياهو    تعرف شخصية ليلى زاهر في مسلسل وادي وبنت وشايب    تعرف على موعد عرض أولى حلقات مسلسل « قهوة 2» ل أحمد فهمي    قائمة الجامعات الأهلية المعتمدة في تنسيق 2025.. دليل شامل للطلاب الجدد    «لو ابنك بلع مياه من حمام السباحة؟».. خطوات فورية تحميه من التسمم والأمراض    «خبراء يحذرون»: لا تغلي «الشاي مع الحليب» لهذا السبب    «لماذا ينصح بتناول لحم الديك الرومي؟»... فوائد مذهلة لهذه الفئات    سعر الذهب اليوم السبت 26 يوليو 2025.. الجنيه الذهب ب37040 جنيها    الأهلى يزاحم الهلال على ضم نونيز من ليفربول    اكتشاف حفرية ديناصور عمرها 67.5 مليون عام تحت موقف سيارات متحف دنفر    دعاء الفجر.. اللهم إنا نسألك فى فجر هذا اليوم أن تيسر لنا أمورنا وتشرح صدورنا    "الحشيش حرام" الأوقاف والإفتاء تحسمان الجدل بعد موجة لغط على السوشيال ميديا    أسفار الحج (9).. زمزم والنيل    الدفاع الألمانية تستعين بأسراب «صراصير» للتجسس والإستطلاع    خدمة جوجل فوتو تضيف أدوات لتحويل الصور القديمة إلى مقاطع فيديو متحركة    رابطة الأندية توجه الدعوة لأبو ريدة لحضور قرعة الدوري    أجندة البورصة بنهاية يوليو.. عمومية ل"دايس" لسداد 135 مليون جنيه لناجى توما    أبو حلاوة يا تين.. عم محمود أقدم بائع تين شوكى فى مصر عمره 65 سنة.. فيديو    بعد أزمات فينيسيوس جونيور، هل يتحقق حلم رئيس ريال مدريد بالتعاقد مع هالاند؟    بالأسماء.. مصرع طفلة وإصابة 23 شخصًا في انقلاب ميكروباص بطريق "قفط – القصير"    3 مكاسب الأهلي من معسكر تونس    رحيل نجم بيراميدز بسبب صفقة إيفرتون دا سيلفا (تفاصيل)    موعد مباراة ليفربول وميلان الودية اليوم والقنوات الناقلة    إعلام فلسطيني: 4 شهداء في قصف إسرائيلي استهدف شقة سكنية غرب غزة    برج الحوت.. حظك اليوم السبت 26 يوليو: رسائل غير مباشرة    إيطاليا: الاعتراف بدولة فلسطين ليس ممكنا إلا باعترافها بإسرائيل    2 مليار جنيه دعم للطيران وعوائد بالدولار.. مصر تستثمر في السياحة    بالصور.. تشييع جثمان والد «أطفال دلجا الستة» في ليلة حزينة عنوانها: «لقاء الأحبة»    هآرتس: ميليشيات المستوطنين تقطع المياه عن 32 قرية فلسطينية    رد ساخر من كريم فؤاد على إصابته بالرباط الصليبي    بعد «أزمة الحشيش».. 4 تصريحات ل سعاد صالح أثارت الجدل منها «رؤية المخطوبة»    «الداخلية» تنفي «فيديو الإخوان» بشأن احتجاز ضابط.. وتؤكد: «مفبرك» والوثائق لا تمت بصلة للواقع    الجزار: الأهلي تواصل معي لضمي.. وهذا موقفي من الانتقال ل الزمالك    فلسطين.. شهيدة وعدة إصابات في قصف إسرائيلي على منزل وسط غزة    «مش عارف ليه بيعمل كده؟».. تامر حسني يهاجم فنانا بسبب صدارة يوتيوب .. والجمهور: قصده عمرو دياب    "مستقبل وطن دولة مش حزب".. أمين الحزب يوضح التصريحات المثيرة للجدل    حماس: لم نُبلغ بوجود أي إشكال بشأن مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة ونستغرب تصريحات ترامب    وزير الأوقاف: الحشيش حرام كحرمة الخمر سواء بسواء والادعاء بحِلِّه خطأ فادح    سعر الذهب اليوم السبت 26 يوليو محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير (تفاصيل)    قفزة في أسعار الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 26 يوليو 2025    رفعت فياض يكتب: نصيحتي لكل الناجحين في الثانوية العامة.. لا تلتحق بأي كلية استخسارًا للمجموع أو على غير رغبتك    جامعة دمنهور الأهلية تعلن فتح باب التسجيل لإبداء الرغبة المبدئية للعام الجديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رغم مراوغات البيت الأبيض والبنتاغون «نيويورك تايمز» تفضح سر الطبخة العراقية قبل
نشر في التغيير يوم 08 - 03 - 2005


\r\n
ومما يدل على هذا الاندفاع إسراع جورج تينيت مدير وكالة المخابرات المركزية الاميركية الى الاجتماع سراً مع الزعيمين الكرديين مسعود البرزاني وجلال الطالباني ومعه عشرات الملايين من الدولارات لشراء رجال القبائل وغيرهم، تمهيداً لارسال قوة شبه عسكرية تابعة ل «السي. آي. ايه» لكي تتسلل الى العراق قبل بدء الحرب، وعاد تينيت الى الرئيس بوش لكي يخبره بأن بعض الاموال لابد من انفاقها لاقامة علاقات ولاظهار جدية الولايات المتحدة في الاطاحة بصدام حسين.
\r\n
\r\n
ونبه تينيت رئيسه الى ان هذه الاموال لن يبدو على بعضها انه صرف بطريقة نظيفة، لانها ستكون بمثابة قطع السمك الصغيرة التي تنثر على سطح الماء لتكون طعما لاصطياد الاسماك الكبيرة، ذلك لان عالم المخابرات يحتاج دائما الى التوسع في نشر تلك الطعوم. وكان ذلك يمثل مزيدا من الروابط المشتركة بين بوش وتينيت، ذلك لأن الرئيس الاميركي واحد من اكبر جامعي الاموال السياسية في جميع الاوقات، أما تينيت فهو رجل الأموال السرية في حكومة الولايات المتحدة، ويعرف مدى تأثير قوة المال وهكذا كان يطلب الكثير من الاسماك الكبيرة مقابل ان يقدم لها الكثير هو ايضا، ولذلك فقد قال للزعيمين الكردي��ن ان القوات المسلحة الاميركية وال «سي. آي. ايه» والاموال ايضا في الطريق الى العراق.
\r\n
\r\n
\r\n
معاً حتى النهاية
\r\n
\r\n
\r\n
هناك حقيقة تؤكدها الدوائر البريطانية السياسية والاعلامية، وهي ان بوش ترك الخيار لرئيس الوزراء البريطاني توني بلير لاشراك قوات بريطانية في الحرب، فرد عليه بلير قائلا: «اقدر لك هذا، ولكن انا معك حتى النهاية».
\r\n
\r\n
\r\n
وقد اكد وودوارد هذا الامر هو الآخر، ويروي لنا ان بوش وزوجته استضافا بلير وزوجته في مزرعته في كروفورد في عطلة نهاية الاسبوع من 6 الى 7 ابريل. واجرى معه السير تريفور ماكدونالد مقابلة لشبكة التلفزيون البريطانية «آي. تي. في» وقد ورطه مندوب الشبكة في الحديث عن العراق وقال له بوش: «لقد استقر رأيي الآن .. صدام يجب ان يرحل، وهذا كل ما انوي مشاركتك فيه» فسأله ماكدونالد: اذن يجب ان يرحل صدام؟» فقال بوش: «هذا ما قلته لك لتوي» ثم اضاف مشاكسا: «سياسة حكومتي هي ان يرحل».
\r\n
\r\n
\r\n
قال تريفور ماكدونالد: «يظن الناس ان صدام حسين لا تربطه علاقات مع شبكة القاعدة، وانا أتساءل لماذا تريد أن .. »وقاطعة بوش قائلا: «أسوأ شيء يمكن أن يحدث هو السماح بأن يحكم صدام دولة كالعراق ليقوم بانتاج اسلحة دمار شامل ثم الانضمام الى منظمات ارهابية حتى يستطيعوا ابتزاز العالم. وانا لن اسمح بحدوث ذلك».
\r\n
\r\n
\r\n
ووجه اليه ماكدونالد السؤال التالي: وكيف ستنجز هذا سيدي الرئيس؟»
\r\n
\r\n
\r\n
قال بوش: «انتظر وسوف ترى!»
\r\n
\r\n
\r\n
وسأله ماكدونالد عن مفتشي الاسلحة، فقال له الرئيس الاميركي انه اراد ان يعودوا الى العراق، ولكن المسألة ليست مسألة المفتشين، يجب ان يحافظ صدام على وعده بأن لا يصنع اسلحة دمار شامل. فعاجله مراسل التلفزيون البريطاني بالسؤال التالي: «معنى ذلك انه سواء سمح للمفتشين او لم يسمح فهو على قائمة الهجوم عليه .. فهو اذن الهدف التالي؟».
\r\n
\r\n
\r\n
وانفعل بوش قائلا: آنت تظل تحاول أن تضع..» ثم سكت واعاد صياغة جملته قائلا: «انت واحد من هؤلاء المراسلين الاذكياء الذين يستمرون في محاولة وضع الكلمات في فمي».
\r\n
\r\n
\r\n
فقال ماكدونالد: «انا بعيد كل البعد عن ذلك، سيدي الرئيس».
\r\n
\r\n
\r\n
فأضاف بوش: «اخشى انك لست كذلك يا سيدي، وعلى أية حال لقد حصلت على اجابتي عن هذا الموضوع» ولكن الوخز دفعه الى منطقة خطيرة اذ استطرد قائلا: «ليست لدى خطط للهجوم على مكتبي». وعلى الرغم من ان هذا صحيح من الناحية الفنية، الا ان كلامه يخفي طبيعة تورطه الشخصي في التخطيط للحرب.
\r\n
\r\n
\r\n
في 5 مايو طلب فرانكس رسميا من قياداته وضع خطة لاختيار جبهة ثانية او ثالثة للهجوم على العراق من تركيا، ولم يكن مقتنعاً بان تركيا سوف توافق، ولذلك ركزت كل الخطط على جنوب العراق او على الهجوم من الكويت فحسب، ولكن فرانكس كان يريد اختبار تركيا مادام تعاونها محتملا على الاقل، فاذا حدث يجب استخدام الحدود التركية العراقية، ومداها مئة ميل، لتحرك قوة في حجم فرقة يتراوح عدد جنودها من 15 ألفاً الى 20 ألفاً، واذا اضيفت قوة مساندة فيمكن الاحتفاظ بموطيء قدم داخل تركيا، ويصل العدد عندئذ الى مابين 25 الى 30 الف جندي.
\r\n
\r\n
\r\n
رجل رامسفيلد يكذب
\r\n
\r\n
\r\n
اذا تركنا كتاب وودوارد جانبا لوجدنا ان صحفا وكتبا كثيرة سبقته في التحدث عن الخلافات التي نشبت بين كولن باول وزير الخارجية ودونالد رامسفيلد وزير الدفاع الاميركي، ولكن لم تفت مؤلف كتابنا الذي نناقشه هنا ملاحظة ان باول مازال في اعماقه الجنرال ورئيس هيئة الاركان المشتركة السابق اثناء حرب الخليج 1991. ويبين الكتاب ما كان يشعر به رجل الحرب السابق من مشاعر القلق مشيرا الى ان اسئلة كثيرة كانت تراوده تدور حول الدعم الحقيقي الذي يمكن توقعه من بعض الدول التي كانت تلعب على جانبين:
\r\n
\r\n
\r\n
احدهما علني، والآخر في الخفاء كما ان من الصعب تقدير حجم مشاركتها، ولذا اعتبرها باول دولا مراوغة، واراد طرح مسائل اضافية للبحث، وعندما نظر الى الخارطة وجد انه لا يوجد الا ميناء بحري واحد في الكويت يمكن ان تدخل من خلاله جميع الوحدات المقاتلة والامدادات بينما كانت هناك اكثر من عدة منافذ اثناء معركة «عاصفة الصحراء». وتوجه الى الجنرال تومي فرانكس فقال له بلهجة رقيقة: «انت خبير فيما يجري الآن، بينما انا لست كذلك، ولكن مما قد يصل اليه فهمي ..».
\r\n
\r\n
\r\n
ويشير الكتاب الى انه انطلق من مدح عملية التخطيط واللعبة التكتيكية، المحتملة، ثم طرح السؤال التالي: «هل فكرت في الامور اللوجستية؟ ثم استخدم باول تعبيرا معناه «الاوضاع البينية» وهو تعبير عسكري عن نقاط العبور، وأكمل سؤاله: «هل تستطيع نقاط العبور احتمال العمليات اللوجستية، وهل لديك كل ما تحتاجه، وهل تستطيع الحصول على احتياجاتك عبر ميناء بحري واحد؟».
\r\n
\r\n
\r\n
كان فرانكس يعتبر باول «صديقاً الى حد ضئيل» ورأى ان ذلك الجنرال السابق يتعامل معه برقة شديدة، وان سؤاله معقول ويهدف الى امرين: اثارة الموضوع امام الآخرين وخاصة الرئيس، والثاني التلميح لفرانكس الى انه يجب عليه مراقبة العمليات اللوجستية بدقة. واجاب عن اسئلة باول في اعتداد بنفسه، ولكنه اصر على انهم يعملون على ذلك بجد، ولكن لا تتوفر لديهم جميع الاجابات، ولا حتى شبه الاجابات او جميع الاسئلة.
\r\n
\r\n
\r\n
ولمن يكن فرانكس يخطط لاستخدام قوة كاسحة من النوع الذي استخدمه باول في حرب الخليج، بل كان يتوجه الى وضع خطة بقوة اخف واسرع ومتعددة مع اجراء تحركات كثيرة للقطع العسكرية، وعندما تساءل باول عن كفاية، حجم القوات وتكلفتها لم يعطه فرانكس اجابات شافية وقال انه مازال يدرس الموضوع. ويبدو من الحوار الذي اورده المؤلف وكأن قائد العمليات فرانكس يكذب على وزير الخارجية ولا يريد منه تدخلاً، ويجب ألا ننسى ايضا انه اصبح رجل رامسفيلد.
\r\n
\r\n
\r\n
الصراع الحقيقي
\r\n
\r\n
\r\n
اذا انتقل الكتاب الى الحديث عن ديك تشيني نائب الرئيس الاميركي، فاننا نجده يؤكد انه كان يعرف ان الصراع الحقيقي بشأن السياسة الخارجية داخل وزارة الخارجية، يدور حول باول. وفي احدى الليالي قال تشيني في جلسة خاصة ان مناقشات مكثفة تدور داخل الادارة الاميركية بشأن جانبين في الحكومة الايرانية: الرئيس محمد خاتمي المنتخب ديمقراطيا، والزعيم الديني آية الله علي خامنئي، وقال تشيني ان الجدل يتركز على ما اذا كانا وجهين لحكومة واحدة ام انهما حكومتان منفصلتان» واضاف تشيني ضاحكا: «السؤال نفسه ينطبق على رامسفيلد وكولن باول».
\r\n
\r\n
\r\n
ويقول وودوارد: كان احد الخلافات الرئيسية بين رامسفيلد وباول يتمثل في مسألة الهجمات الاستباقية. فقد كان وزير الدفاع يردد دائما ان الدفاع ليس كافيا، وان الولايات المتحدة تحتاج الى الهجوم، وعليها ان تنقل المعركة الى الارهابيين الذين ينبغي الهجوم عليهم ومفاجأتهم بحرب وقائية. وكان أكثر ما يثير أعصاب باول إثارة مسألة استخدام القوات المسلحة بناء على مجرد نظرية ما، لا بناء على وجود خطر مباشر على أمن أميركا العظمى.
\r\n
\r\n
\r\n
في الوقت نفسه طار بوش الى اوروبا للاجتماع بالمستشار الالماني غيرهارد شرويدر في 23 مايو، ثم بالرئيس الفرنسي جاك شيراك في 26 مايو. ولعل مادار اثناء هذه الرحلة زاد من اقتناع كتاب وصحافيين كثيرين بان الرئيس الاميركي حاول ان يخدع زعماء اوروبا، وقد يفسر هذا ما جاء في العنوان الرئيسي في صحيفة «الغارديان» البريطانية اثناء عرض كتاب بوب وودوارد الجديد.
\r\n
\r\n
\r\n
وكان العنوان يتحدث بصراحة عما اسماه «التدليس» والذي اشرنا اليه في بداية حديثنا وتأكيدا لهذا يشير بوب وودوارد الى ان بوش قال في المؤتمرين الصحافيين اللذين عقدهما في كل من المانيا وفرنسا انه ابلغ رئيسي الحليفتين الاوروبيتين الرئيسيتين بانه «ليس لديه خطة حرب على مكتبه» ويعلق مؤلف الكتاب على ذلك بقوله ان الرئيس الاميركي استخدم آنذاك هذه الصيغة نفسها ثلاث مرات في مناسبات علنية.
\r\n
\r\n
\r\n
ولم يكن هناك ما يلزمه بافشاء الجهود الكبيرة التي تبذل للتخطيط للحرب اثناء رحلته، وليس من الحكمة ان يفعل ذلك لانه سوف يولد وابلا من التخمينات والاستقصاء من جانب المراسلين الصحافيين.ولكن اذا عدنا الى الوراء قليلا فسنجد ان ماقد يقدم خدمة افضل لبوش هو ان يكرر تصريحه الذي سبق ان ادلى به منذ ثلاثة اشهر، وقال فيه: «سوف أحتفظ لنفسي بكل الخيارات التي لدي وسوف ابقيها في جيبي».
\r\n
\r\n
\r\n
وفي ذلك الاسبوع نفسه اضاف الجنرال فرانكس تصريحا علنياً وصفه بوب وودوارد بانه اكثر تضليلا مما صرح به بوش، ففي مؤتمر صحافي في تامبا في 21 مايو سئل عن القوات التي يحتاجها لغزو العراق، وعن المدة التي قد تستغرقها فقال: «هذا سؤال كبير، لا املك اجابة عنه لان الرئيس لم يطلب مني بعد ان اضع خطة لذلك». ثم اضاف قائد القيادة المركزية قوله: «ولكن بغض النظر عن التكهنات التي قرأت منها الكثير في الصحف، فإن رؤسائي لم يطلبوا مني بعد ترتيب اي شيء ولهذا فهم لم يطلبوا مني تحديد مثل هذه الارقام».
\r\n
\r\n
\r\n
وكان المراسلون المختصون بالبنتاغون، والعالمون ببواطن الأمور، يعرفون ان عملية التخطيط لحرب العراق تجري بشكل ما، ولكن مصادر في وزارة الدفاع وخاصة غير المطلعين على جلسات رامسفيلد فرانكس، قالوا للصحافيين ان مهمة فرانكس لم تصل الى اكثر من وضع «مفهوم للعمليات» ولم تشكل «خطة» وقد تتبعت صحيفة «نيويورك تايمز» قصة التخطيط للحرب بشجاعة فصدر عدد الاحد 28 ابريل وقد نشرت التقرير على صفحته الاولى التي حملت عنوانا رئيسيا يكشف عما يدبر، يقول العنوان:
\r\n
\r\n
الولايات المتحدة تضع تصوراً لخطة العراق يشمل غزواً كبيراً في السنة المقبلة. وقالت الصحيفة ان العمل ليس نهائيا وان بوش: «لم يصدر بعد اي امر للبنتاغون لتعبئة القوات، ولا توجد اليوم خطة حرب رسمية».
\r\n
\r\n
\r\n
وفي الوقت نفسه كان فرانكس يحسّن موقعه بعيدا عن الأنظار مقتربا من توفير لواءين بريين في الكويت في وقت قريب، مع وجود معدات سبق تخزينها هناك وتكفي لاربعة الوية عسكرية. وتوجه من وراء ظهر المراسلين الصحافيين، الى الرئيس الاميركي واخبره بأن الخطة الكبرى المسماة «أوب بلان 1003» يمكن تنفيذها في اي وقت، واعتبارها خطة «رسمية» على الرغم من انه مازال يحاول وضع أفكار جديدة.
\r\n
\r\n
\r\n
تضمن الكتاب تفاصيل عديدة مما دار بين فرانكس ورامسفيلد في عملية اعداد خطط الحرب وتعديلها، واكثر ما يلفت النظر فيها عمليات الاعداد الفعلي الميدانية التي كانت تجري في سرية تامة وفي ظل محاولات للتعمية عليها حتى لا يلتفت اليها احد. وفي هذا المجال يقول بوب وودوارد في الفصل الثاني عشر من كتابه ان حركة بناء العضلات الضخمة تركزت في البنية التحتية للمطارات ووسائل التزويد بالوقود في الكويت حيث كانت قد بدأت بالفعل اعمال ضخمة وسرية لتنفيذ البرنامج المرسوم.
\r\n
\r\n
\r\n
ويذكر المؤلف انه كانت هناك خطة مشتركة منذ سنوات بين القوات المسلحة الاميركية والكويت لتحسين المطارات. وقد وافقت الكويت مبدئيا على تمويل هذه المشروعات ثم ارجأت دفع الاموال، وبهذا اصبح في استطاعة فرانكس استخدام العقود وخطط الانشاء القائمة ولكن على ان يقوم بدفع تكاليفها من الاموال الاميركية وبهذا لن يظهر للناس وجود شيء جديد في الاشغال اكثر من مجرد عملية تسريع للخطة القديمة، وقد تم رصف مساحات هائلة في قاعدتي الجابر وعلي سالم الجويتين في الكويت من اجل استخدام الطائرات وتخزين الذخائر.
\r\n
\r\n
\r\n
وكانت المشكلة المقلقة الاخرى هي المشكلة اللوجيستية الخاصة بنقل الوقود من معامل التكرير في الكويت الى حدود العراقية بحيث تتوفر كميات تكفي للتحرك ودعم غزو هائل الحجم. وقد قام قادة القوات البرية التابعون لفرانكس بعقد سلسلة من العقود مع وزارة النفط الكويتية لتنظيف بعض انابيب النفط الموجودة وتوفير امكانيات جديدة لتوزيع البترول بالقرب من المعسكرات التي كان القادة قد بدأوا في انشائها. ويضيف وودوارد أن كل هذا كان يدور في سرية تامة بحيث بدا أن الكويتيين والعراقيين لم يلاحظوها.
\r\n
\r\n
\r\n
تيم ينطلق الى السليمانية
\r\n
\r\n
\r\n
يبدأ المؤلف الفصل الثالث عشر من كتابه بالحديث عن صدور قرار رئاسي يفوض جورج تينيت مدير ال «سي.آي.ايه» بالقيام بعمليات سرية في العراق ومنح الوكالة مبلغ 189 مليون دولار لتغطية تكاليف تلك العمليات، وهكذا استطاع تينيت ارسال فريقين صغيرين شبه عسكريين الى شمال العراق. وكان على الفريقين الدخول عبر تركيا ثم التحرك سراً الى المنطقة الجبلية التركية في الشمال العراقي.
\r\n
\r\n
\r\n
وكان الأتراك والأكراد يمثلون خطراً شديداً على رجاله لا يقل عن خطر صدام. وقد اعتبر حصول مدير ال «سي.آي.ايه» على تلك الملايين من الدولارات تحولاً كبيراً يختلف عن تلك الأيام التي كان يتولى فيها رئاسة الوكالة في عهد ادارة كلينتون، وكان يشعر بأن الرئيس السابق كلينتون يظل يقتر على الوكالة في الأموال بحيث أصبحت دائما في ذيل القائمة، وقد اضطر ذات مرة الى الذهاب بنفسه الى مكتب الادارة والميزانية التابع للرئيس الاميركي السابق للحصول على 20 ألف دولار لشراء معدات اتصال يحتاج اليها عملاء الوكالة في مواقع عملهم.
\r\n
\r\n
\r\n
وكان العنصر الجديد هو غياب الشك لدى القيادة العليا فلم يكن بوش متردداً أو متشككاً فيما يختص بصرف الأموال لوكالة المخابرات المركزية الأميركية، وفجأة وجد مدير الوكالة أنه لا توجد عقوبة على القيام بالمخاطرات ولا على ارتكاب الاخطاء.
\r\n
\r\n
وهكذا، وفي منتصف يوليو 2002، عبر عميل المخابرات الأميركية واسمه «تيم» الاراضي التركية، ومعه فريق مكون من سبعة من العاملين في الوكالة. وقد قضوا عشر ساعات في قافلة من سيارات لاندكروزر والجيب والشاحنات. وكان من المقرر تعيين صاحب الاسم الحركي تيم رئيساً لقاعدة ال «سي.آي.ايه» في السليمانية في المنطقة الجبلية الواقعة عند منتصف الطريق بين بغداد والحدود التركية في الشمال.
\r\n
\r\n
\r\n
وتقع تلك القاعدة على نحو 125 ميلا من الحدود التركية، وبضعة أميال من الحدود الايرانية. وقد جاءت قيادة المخابرات برئيس القاعدة من عمله في محطة لها في المنطقة وكلفته بالمهمة الجديدة. ويجيد هذا العميل اللغة العربية وانقسم العملاء الثمانية الى فريقين: فريق تيم، وتوجه الأربعة الاخرون الى قاعدة اكثر قرباً من تركيا.
\r\n
\r\n
\r\n
وقد لجأت مجموعة المخابرات الاميركية الى الكذب على السلطات التركية، للحصول على تصريح بالعبور الى العراق. وادعت ال «سي.آي.ايه» ان المجموعة تنوي التركيز على الخطر الذي تمثله جماعة انصار الاسلام التي تعارض الاحزاب الكردية العلمانية، والتي زعمت ال «سي.آي.ايه» ان لها علاقة بتنظيم القاعدة وأنها تمتلك مختبرات للسموم في احدى القرى العراقية القريبة من حدود ايران. وأقام فريق تيم قاعدته على بعد 45 ثانية بالهليكوبتر من وحدات صدام العسكرية في معقلها الحصين في كركوك.
\r\n
\r\n
\r\n
ويذكر الكتاب ان ال «سي.آي.ايه» كانت تربطها علاقات قديمة بالاتحاد الوطني الكردستاني، وان كان يشوبها التوتر أحيانا، ويتولى زعامة هذا الحزب جلال الطالباني الذي يتزعم نحو 2,1 مليون كردي يعانون من الفقر ولكنهم متعلمون ويريدون التخلص من صدام حسين. والمجموعة الاخرى هي لحزب الكردستاني الديمقراطي الذي يتحكم في قوافل الشاحنات الآتية من عراق صدام الى تركيا ويحصل على مبالغ طائلة من المال، ولم يكن هذا الحزب مهتما كثيرا بتغيير النظام.
\r\n
\r\n
وكان لدى حزب طالباني عشرة سجناء فقام فريق تيم بمقابلتهم واستجوابهم. وقدم ثلاثة من السجناء معلومات بدت صادقة عن العلاقة بشبكة القاعدة. وتبين أن السجناء الثلاثة تلقوا تدريبا في معسكرات بأفغانستان مما يشكل علاقة واضحة بالشبكة. وقد أذاع تيم ان فريقه سيدفع مئتي دولار لمن يأتيه بعينة من مادة سامة من تلك المختبرات ففوجئ بأعداد كبيرة من السكان المحليين وهم يحملون قوارير وزجاجات وأنابيب اختبار، ولم يكن في أي منها أية عينات حقيقية من السموم، فطردهم تيم ثم عين بعد ذلك طباخا وشقيقه كعميلين للحصول على تلك العينات.
\r\n
\r\n
\r\n
وكانت المهمة الرئيسية للفريق اقامة قاعدة للعمليات للقيام بنشاط سري للاطاحة بصدام حسين. وبدأ الفريق العمل باجراء مقابلات مع لاجئين ومنشقين على النظام العراقي هربوا الى المنطقة الكردية. وكان اثنان من هؤلاء مثيرين للاهتمام، اذ أن أحدهما ضابط عراقي كان يقود احدى طائرات الميراج الفرنسية لدى العراق، والثاني فني ميكانيكي لطائرات ميج .
\r\n
\r\n
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.