\r\n لقد ظل محمود عباس يردد ويصر على أن أعمال العنف قد ألحقت أضراراً جسيمة بالقضية الفلسطينية بما في ذلك الأحداث التي جرت يوم الثلاثاء الماضي من تبادل للأعمال العدائية بين الجانبين. ولكن السؤال المهم الذي يطرح نفسه بقوة، هو عما إذا كان يإمكان محمود عباس التمسك بهذا الموقف أمام ضغوط الراديكاليين والمتطرفين؟ \r\n \r\n ولكن من المهم أيضاً أن ندرك ما يمكن أن تعنيه العلاقة الجيدة بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وهنالك مجموعة من الأفكار المنتشرة في أوروبا وهنا أيضاً في داخل الولاياتالمتحدة مفادها أن التحسن في الوضع الفلسطيني سوف يؤدي بالضرورة إلى تحسن في مشاعر المسلمين المتواجدين في أنحاء العالم الأخرى والمعادية للغرب وللأميركيين. وبالطبع فهناك من يعتقدون أيضاً أن التوصل إلى اتفاقية سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين من شأنه أن يفضي إلى تحقيق السلام في كامل المنطقة. \r\n \r\n ولكن هنالك العديد من الأسباب التي تجعل هذه الأفكار غير قابلة للتطبيق. فالواقع يشير إلى أن النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني قد جرى استخدامه كبش فداء من قبل الزعماء العرب من أجل صرف الانتباه عن مشاكلهم الداخلية وبهدف التغطية والتمويه على الصراعات العميقة الدائرة ما بين الدول الإسلامية ومع بعضها بعضا. \r\n \r\n وعلى سبيل المثال فإن حالة العداء والكراهية السائدة بين مسلمي السنّة والشيعة ليس لها أدنى علاقة مع الصراع العربي-الإسرائيلي، ولا تلك العداوات المستحكمة بين دول مثل إيران والعراق من جهة وبين المملكة العربية السعودية وإيران من جهة أخرى. وفي الحقيقة هناك الكثير من العرب ظلوا يؤثرون العمل على مفاقمة الوضع الفلسطيني لأنه السبيل الوحيد فيما يبدو لتحويل الأنظار عن فشلهم المستمر في بناء دول عصرية ديمقراطية مزدهرة. وعوضاً عن تقديم المساعدة وتشجيع المبادرات الهادفة للتوصل إلى حل سلمي في منطقة الشرق الأوسط أو المساعدة في تحسين الوضع المأساوي للاجئين الفلسطينيين، فقد آثرت الدول العربية على الدوام الجلوس على الهامش وممارسة هذه الألعاب المكشوفة. وقد تجلى ذلك بوضوح في صيف عام 2000 عندما جاء الرئيس كلينتون بياسرعرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك ايهود باراك إلى منتجع كامب ديفيد. وعلى الرغم من العروض غير المسبوقة التي قدمتها إسرائيل من أجل التوصل إلى صيغة مناسبة للسلام فإن أياً من الدول العربية الأخرى لم تكلف نفسها عناء بذل جهود جدية ملحوظة من أجل إقناع عرفات بأن التوصل إلى التسوية السلمية أمر يستحق العناء، كما لم تحاول إرغامه على الاستمرار في المفاوضات على الأقل. بل ظلت تتفوه بألفاظ لا طائل منها. \r\n \r\n وهناك رأي آخر مفاده أن السبيل الوحيد أمام الولاياتالمتحدة الأميركية لتحويل وتجنب الأفكار الإسلامية المعادية لأميركا يكمن في انتهاج واشنطن لسياسة حيادية حيال النزاع. وبالطبع فإن الأوروبيين يميلون إلى هذا المدخل الحيادي لأسباب تتعلق بمصالحهم الأنانية. ولكن ما الذي تعنيه هذه السياسة الحيادية؟ \r\n \r\n فإذا كنت تعتقد بأن إدارة بوش قد مضت إلى أكثر مما ينبغي في تأييد الحق الإسرائيلي فإن \"الشارع العربي\" ما زال يتبجح بأن النتيجة الوحيدة المقبولة لإنهاء النزاع في الشرق الأوسط هي زوال دولة إسرائيل.(!؟) لذا فإن التسوية، أي السبيل الوحيد الممكن لإنهاء هذا النزاع ليس من المحتمل أن ترضي الرأي العام العربي وبخاصة في ظل وجود سنوات من الدعاية والإعلام المغرض ضد إسرائيل. \r\n \r\n لربما أصبح الأوروبيون راغبين في التخلي عن إسرائيل مقابل شراء مصالحهم مع المسلمين. \r\n \r\n ولكن ليس من المرجح أبداً أن تقدم أية إدارة أميركية على الوقوف إلى جانب مثل هذه التسوية. وبالإضافة لذلك فإن إسرائيل من جانبها لن توافق على الإطلاق على خطة تتنازل فيها عن وجودها الذي طالما ناضلت من أجله مهما كانت قوة الضغوط التي تمارسها عليها الولاياتالمتحدة الأميركية. \r\n \r\n إن السبب الذي يدعو إلى تفضيل استئناف مفاوضات السلام في الشرق الأوسط هو أن هذا الأمر في مصلحة الشعب الفلسطيني الذي يرغب في إقامة دولته وكذلك للشعب الإسرائيلي الذي يود أن يعيش في سلام. بل إن هذا الأمر من شأنه أن يشيع المزيد من الاستقرار في منطقة طالما عانت من الاضطراب والتوتر. ولربما أدى أيضاً إلى تغيير هامشي وتحسن في النظرة الإسلامية تجاه واشنطن. \r\n \r\n جيمس كلورفيلد \r\n \r\n كاتب ومحلل سياسي أميركي \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\" \r\n