خلال المؤتمر الاخير الذي عقد في شرم الشيخ بشأن العراق تجاذب كولن باول وزير الخارجية الاميركية اطراف الحديث طوال مأدبة غداء مع وزير الخارجية الايراني كمال خرازي دون ان يذكر شيئا عن القضية النووية‚ السياسة الاميركية تتمحور باختصار حول لفت انتباه العالم الى ذلك «التهديد» وتصوره على انه ملح‚ الحكومات الاوروبية وعلى وجه الخصوص البريطانية والفرنسية والالمانية اخذت على عاتقها مهمة العمل على كبح الطموحات النووية الايرانية دون مشاركة اميركية او دعم مادي‚ ان الاوروبيين مستعدون لتقديم حوافز اقتصادية وسياسية لايران من اجل تشجيعها على التخلي عن برنامجها النووي‚ وهي تبدو في نفس الوقت مستعدة للعمل على فرض عزلة سياسية وعقوبات اقتصادية على ايران اذا لم تستجب‚ والولاياتالمتحدة من جانبها وقفت ساكنة‚ \r\n \r\n ان الولاياتالمتحدة ليست مستعدة للانضمام للاوروبيين في التفاوض من اجل وضع حدود للبرنامج الايراني وليست راغبة في عرض اي شيء‚ والغريب انه ليس بمقدور الولاياتالمتحدة تهديد ايران بالعزلة السياسية او العقوبات الاقتصادية لان اميركا تفرض منذ وقت طويل عقوبات اقتصادية شاملة وتعتيما على الاتصالات التي تجري دون جدوى‚ \r\n \r\n وفي الوقت الذي تعاملت الولاياتالمتحدة مع ليبيا وكوريا الشمالية وهما دولتان لهما طموحات نووية بطريقة متوازنة ومتعددة الاطراف الا انها اخذت بمفهوم متشدد واحادي الجانب تجاه ايران‚ فأميركا ترفض اجراء مفاوضات وترفض تقديم تنازلات وترفض الانضمام للترتيبات الاقتصادية والسياسية متعددة الاطراف التي قد يجريها الحلفاء الاوروبيون‚ وفي الوقت الذي يقدم الاوروبيون الجزرة لايران فان واشنطن لا تلوح بالعصا‚ واذا ما اخذنا بعين الاعتبار الصعوبات التي تواجهها اميركا في العراق فان قضية غزو ايران تصبح مستحيلة‚ اما قيام واشنطن بشن هجمات جوية وصاروخية على المواقع والمنشآت النووية الايرانية فان ذلك قد يبطئ من البرنامج الايراني الا انه سيكون له مردود سلبي حيث سيدفع ايران لتسريع جهودها ضمن برامج سرية‚ \r\n \r\n ان واشنطن لم تعد سوى عابر سبيل يقدم النصيحة من على بعد‚ وخلف التحذيرات الاميركية والدعوات لاحالة الملف النووي الايراني لمجلس الامن الدولي هناك مأزق وطريق مسدود داخل الادارة الاميركية حول ايران وهذا المأزق ساد خلال فترة رئاسة بوش الاولى‚ \r\n \r\n ان ايران هي الدولة الوحيدة التي لديها حدود مجاورة لكل من العراق وافغانستان‚ وبالرغم من عقود من التوترات المتبادلة الا ان طهران عرضت ان تكون متعاونة في كلتا القضيتين ومع ذلك نجد ان ادارة بوش لم تقم باجراء اي حوار مع ايران بشأن اي قضية منهما‚ \r\n \r\n مع انهيار طالبان في اواخر 2001 لعبت ايران دورا مهما في المساعدة في عقد الاتفاقيات بين الفصائل الافغانية المختلفة من اجل تعيين حميد قرضاي رئيسا للحكومة الجديدة في كابول‚ والمسؤولون الايرانيون اعربوا عن املهم في ان يؤدي تعاونهم في افغانستان الى احراز تقدم في القضايا الاخرى وفي العلاقات الثنائية مع اميركا‚ وقد فشلت واشنطن في الاستجابة للعرض الايراني وبالتالي اوقفت الحوار حول افغانستان والقضايا الاخرى‚ واستمرت ايران في التعاون مع قرضاي ودعمه بالرغم من فشل واشنطن في قبول عرض التعاون‚ \r\n \r\n كدولة جارة للعراق تدعم ايران وبقوة الرغبة الاميركية في اجراء انتخابات في العراق في الموعد الذي حدد لها في يناير‚ وربما كانت ايران قد لعبت دورا مهما للغاية في اقناع عالم الدين الشيعي مقتدى الصدر في التخلي عن معارضته المسلحة والدخول في العملية السياسية‚ \r\n \r\n في نفس الوقت تستمر ايران في اغراق العراق بعملائها السريين وفي دعمها لبعض الفصائل الفلسطينية وفي المضي قدما في برامجها النووية‚ \r\n \r\n ان العمل بسياسة نشطة تجاه ايران يتطلب من واشنطن ان يكون لديها مجموعة من الاولويات فاذا كانت الطموحات النووية الايرانية مهمة الى هذا القدر فان التواصل في القضايا الاخرى ايضا لا يقل اهمية عن ذلك‚ \r\n