\r\n وهذه في الحقيقة أخبار طيبة بيد أن الملاحظ أنه لا يوجد حتى الآن أي خطط لإشراك الفلسطينيين الذين يعيشون في الشتات في تلك الانتخابات المهمة. ألا يجب أن يتغير هذا الأمر؟ \r\n \r\n وفي الحقيقة أن الانتخابات الرئيسية الفلسطينية تواجه الكثير من العقبات. من تلك العقبات على سبيل المثال، نظام التنقل شديد الصرامة والقسوة الذي تطبقه إسرائيل على تحركات الفلسطينيين في الضفة الغربية لإجراءات أمنية - كما تدعي. ولكن على إسرائيل أن تعرف أن تنظيم أي انتخابات حرة ونزيهة يتطلب رفع تلك القيود على التنقل أولا. وإلا فكيف يستطيع المرشحون وأنصارهم القيام بجولاتهم الانتخابية للدعاية لبرامجهم السياسية؟ \r\n \r\n ولكن استبعاد الفلسطينيين المقيمين خارج أرضهم الأم يمثل في الحقيقة مشكلة أعمق من ذلك. فالخطة الحالية لعقد الانتخابات تقوم على إجراء الانتخابات بناء على القواعد المحددة في عملية \"أوسلو\" للسلام التي جرت عام 1993. ففي ذلك الوقت كان استبعاد فلسطينيي الشتات من كشوف الانتخابات أمراً يمكن التسامح بشأنه، لأن الانتخابات التي كان متصوراً إجراؤها هناك والتي جرت بالفعل عام 1996، كانت لانتخاب رئيس للسلطة الفلسطينية، وهي سلطة كان الجميع يعرفون أنها كانت مؤقتة. \r\n \r\n ولكن عملية \"أوسلو\" للسلام تمر بحالة احتضار منذ مدة طويلة. فالرئيس بوش نفسه صرح بأن هدفه الآن ليس إقامة سلطة مؤقتة، وإنما إنشاء دولة فلسطينية بالمعنى الكامل للكلمة. وفي الحقيقة أن هذا هدف يدعو للإعجاب وإن كان قد طال انتظاره، إذ يجب ألا ننسى أن مفاوضات الوضع النهائي بين الإسرائيليين والفلسطينيين كان يفترض أن تعقد في عام 1999 وأننا الآن في عام 2004. \r\n \r\n لذلك فإن المفاوضات الرامية للوصول إلى هذه المحصلة، تحتاج إلى أن تأخذ في اعتبارها ضرورة حشد طاقات الفلسطينيين الذين يعيشون خارج حدود وطنهم، بالإضافة طبعاً إلى هؤلاء الذين يعيشون داخله. وأفضل وسيلة يمكن بها تحقيق ذلك هي ضمهم للتصويت الذي سيتم لاختيار السلطة الفلسطينية التي ستقوم بإجراء تلك المفاوضات المصيرية. \r\n \r\n ففي جميع الانتخابات التي تم إجراؤها لتنظيم الأوضاع الانتقالية خلال السنوات الأخيرة سواء في جنوب أفريقيا والبوسنة وكوسوفو وأفغانستان والعراق، كان يتم فيها عادة إدراج مواد تنص على ضم أصوات المواطنين الذين كانوا قد تحولوا إلى لاجئين خارج الوطن جراء سنوات الحروب والصراعات السابقة في تلك البلدان. واللاجئون الفلسطينيون داخل وخارج الأراضي المحتلة لا يستحقون أقل من ذلك. فمنح فلسطينيي الشتات حق التصويت والانتخاب، سيمنح هؤلاء اللاجئين شعوراً قوياً بأنهم جزء لا يتجزأ من العملية السياسية، كما سيدمجهم بشكل إيجابي وبناء في البحث عن حل قابل للتطبيق. أما استبعادهم من تلك العملية كما حدث في \"أوسلو\"، فسيكون وصفة مؤكدة للفشل. \r\n \r\n ولكن هل لا يزال هناك وقت لإدماج فلسطينيي الشتات في الانتخابات التي ستجري في التاسع من يناير القادم؟. نعم لا يزال هناك وقت، وهناك طريقه سهلة لإتاحة الفرصة لقطاع ضخم منهم للمشاركة في العملية الانتخابية. فوكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة \"الأنروا\"، تحتفظ لديها بقوائم حديثة (للاجئين الفلسطينيين المسجلين) في سوريا، والأردن، ولبنان، ولديها شبكة من المدارس والعيادات في تلك الدول الثلاث. \r\n \r\n ويمكن استخدام كشوف الأسماء الموجودة لدى \"الأنروا\"، وكذلك بطاقات الهوية، والتسهيلات المادية اللازمة لإجراء تلك الانتخابات. وترتيب ذلك لا يحتاج إلى ما هو أكثر من أربعة إلى خمسة أسابيع. وفي الواقع أن إقناع إسرائيل بإتاحة الحريات المطلوبة لإجراء انتخابات عادلة داخل المناطق المحتلة (بما في ذلك سكان القدسالشرقية) هي التي قد تستغرق فترة أطول من الفترة المطلوبة لعمل الترتيبات اللازمة لإشراك فلسطينيي الشتات في الانتخابات. \r\n \r\n وهنا قد يبرز سؤال: ما هو العدد الذي يتوقع إضافته إلى السجلات الانتخابية في حالة السماح لفلسطينيي الشتات بالمشاركة في التصويت؟ في الوقت الراهن تضم سجلات \"الأنروا\" أسماء 2.6 مليون لاجئ (من جميع الأعمار) في الدول الثلاث المذكورة أعلاه. وعلاوة على ذلك هناك 3.3 مليون فلسطيني آخرين يعيشون في الضفة الغربية وقطاع غزة. \r\n \r\n والجدير بالذكر، أن هناك عدداً يتراوح ما بين 2 إلى 4 ملايين فلسطيني يعيشون في دول أخرى غير الدول الثلاث المذكورة. ونظرا لأن هذا العدد من الفلسطينيين موزع على مختلف أنحاء العالم، فسيصعب إدراجهم في عملية التصويت، بيد أن القيام على الأقل بإدراج أسماء اللاجئين الفلسطينيين المسجلين في كشوف \"الأنروا\"، يعني أن مصالح اللاجئين وطاقاتهم سيتم تمثليها بشكل دال في القيادة الفلسطينية الجديدة. \r\n \r\n والانتخابات الفلسطينية القادمة تواجه تحديات أخرى أيضاً. فالمجموعتان الإسلاميتان الرئيسيتان في المجتمع الفلسطيني، وهما حماس والجهاد الإسلامي قالتا إنهما لن تشاركا في الانتخابات القادمة، إذا ما تم إجراؤها على أساس عملية \"أوسلو\" للسلام التي عارضتاها دائماً. هل ستقوم المنظمتان بمقاطعة الانتخابات؟ ولو فعلتا ذلك، فهل سيكون لدى القيادة الفلسطينية الجديدة التفويض الشعبي الذي ستحتاج إليه؟. \r\n \r\n الفلسطينيون شعب ذكي، ولكن بناهم الداخلية وقيادتهم في حالة من الفوضى الشاملة للأسف الشديد. ويرجع هذا جزئياً إلى التركة التي خلفها أسلوب ياسر عرفات في الحكم وهو أسلوب (الرجل الكبير أو الختيار)، كما يرجع في جزء آخر منه إلى ما خلفته ثلاث سنوات من الهجمات الإسرائيلية المستمرة ضد كافة المؤسسات الفلسطينية. \r\n \r\n وعلى رغم كل ذلك فإن الشعبين معا- الفلسطيني والإسرائيلي- يحتاجان إلى السلام ويتحرقان شوقاً إليه. ومن هنا فإن إعادة التفكير بشكل جذري، وإدماج فلسطينيي المنفى في العملية السياسية - بدلا من استبعادهم منها- سيكون هو الخيار المعقول والمطلوب، لمصلحة الديمقراطية ومصلحة السلام معا. \r\n \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\"