وباتت الان الكلمة الاولى والاخيرة للناخب الامريكي الذي لا يبدو انه في وضع يحسد عليه في ضوء التقارب الواضح بين المتنافسين في هذا السباق الجمهوري جورج بوش الذي يسعى للفوز بفترة رئاسية ثانية وبين الديمقراطي جون كيري الذي يبدو الاكثر ترجيحا لاستعادة الديمقراطيين المنصب الرئاسي في البيت الابيض.. وتبدو المعركة للوصول الى دفة الرئاسة الاكثر كلفة وانفاقا والاغلى ثمنا عن كل سابقاتها من المعارك الانتخابية الرئاسية, كما انها في الوقت نفسه تبدو الاكثر مرارة ومأساوية وحدة منذ اجيال عديدة. فهذا السباق المحموم لم يحقق الاهداف المرجوة لكلا المرشحين المتنافسين, والدليل على ذلك عدم تفوق اي منهما في المراحل النهائية لهذا السباق حتى الان واستمرار خاصية التقارب الكبير بينهما وبالتحديد منذ الشهور الستة الماضية على الاقل, الامر الذي يجعل من الصعب تأكيد من ستكون له الغلبة في هذا السباق, ويبدو واضحا من وجهة نظر رجل الاعلام الامريكي البارز بن برادلي الذي اشتهر بلقب »كاشف الاسرار والاكاذيب« اثناء رئاسته لصحيفة »واشنطن بوست« ابان ادارة الرئيس الامريكي الاسبق ريتشارد نيكسون والذي تسبب بشكل رئيسي ومباشر في هزيمة نيكسون بعد ان كشف اكاذيب هذا الرئيس في فضحية ووترغيت, واجبره بالتالي على الاستقالة من منصبه, يبدو ان برادلي هذا يحاول الان اتباع نفس الاسلوب مع المرشح الجمهوري جورج بوش من خلال تأكيده بان بوش قد اتبع سياسة الكذب والخداع منذ اليوم الاول لتوليه منصب الرئاسة قبل اربع سنوات من الان. \r\n \r\n مجلة »دير شبغيل« التقت رائد اسطورة »ووترغيت« برادلي واجرت معه الحوار التالي الذي يؤكد فيه صراحة بان افضل لقب بنبغي منحه للرئيس بوش هو لقب »الكذاب والمخادع« وفيما يلي مقتطفات من هذا الحوار: \r\n \r\n * لقد كنت المتسبب الرئيسي والمباشر في خلع »الرئيس الكذاب« نيكسون من منصب الرئاسة في عام ,1974 فهل كان ذلك بمثابة درس مفيد لكل سياسي كي يلتزم بالصدق وقول الحقيقة?. \r\n \r\n - من واقع تجربتي الطويلة والحافلة, فانني اعتقد جازما بان السياسيين لا يزالون يلتزمون بسياسة ممارسة الكذب والخداع, وهم بالتالي مستمرون في ذلك. وانطلاقا من هذه الحقيقة فأنا لا اثق من حيث المبدأ بأية كلمة او اي قول يصدر عن اي رئيس او مسؤول في واشنطن, خذوا مثلا جملة »نحن لا نستطيع ان ندلي بأية معلومات عن هذه المسألة او تلك الاسباب تتعلق بالامن القومي الامريكي«. فمثل هذه الجملة لا تحمل في طياتها سوى شيء واحد وهو »اللجوء الى الكذب والخداع« هو سيد الموقف وخاصة عندما يتعرض هذا المسؤول او ذاك الى اسئلة محرجة لا تكون في صالح الادارة التي ينتمي اليها: ففي حوالي 90 بالمئة من الاحداث والحالات يستغل السياسيون كل ما بحوزتهم من اساليب الكذب والخداع والتمويه من اجل التغطية على القصة الحقيقية وعلى حقائق الامور. وانا كنت اسأل نفسي في الغالب: لماذا يكذب السياسيون دائما? وارى بان السبب الاهم وراء ذلك يكمن في معظم الاحيان في قلب الحقائق واخفائها في محاولة يائسة لاخفاء الاخطاء. لكن مثل هذه الاكاذيب يتم فضحها في معظم الاحيان وتنقلب سلبا على مروجيها, وسرعان ما تنجلي وتظهر الحقائق, وهذا ما يحدث في الغالب, وهذا ما حدث ويحدث بالفعل الان بالنسبة للرئيس الامريكي الحالي بوش ولاعضاء ادارته. واقول بكل صراحة الان بان التسمية الصحيحة للرئيس بوش ينبغي ان تكون »الرئيس الكاذب والمخادع«. \r\n \r\n * لكن ظهور الحقيقة يحتاج في بعض الاحيان الى فترة طويلة من الزمن لكي يتحقق. اليس كذلك? \r\n \r\n - هذا صحيح, ولكن يترتب على ذلك في معظم الاحيان نتائج خطيرة ومفزعة ومرعبة, انظروا مثلا الى الخطاب الدراماتيكي للرئيس الامريكي الاسبق ليندون جونسون حول الهجوم الفيتنامي على الاسطول البحري الحربي الامريكي في خليج تونكين. فهو بوساطة هذا الخطاب قد حصل على قرار من الكونغرس لشن حرب على فيتنام. ولو ان الناخبين كانوا على علم مسبق بنوايا جونسون وادارته في ذلك الوقت, لما وقعت كارثة الحرب الفيتنامية ولكان بالامكان الحليولة دون سقوط اعداد هائلة من الجنود الامريكيين في تلك الحرب, ولكان الالاف من هؤلاء الجنود لا يزالون على قيد الحياة, ولما فقد الامريكيون ثقتهم بقادتهم وسياسييهم. \r\n \r\n * الا تتحمل الاجهزة الاعلامية والصحفية جزءا من مسؤولية ما حصل وما يحصل?. فمعظم وسائل الاعلام ومن ضمنها صحيفة »الواشنطن بوست« التي كنت ترأس ادارتها كانت جزءا من فضيحة الاكاذيب هذه سواء في الماضي ابان الحرب الفيتنامية او الان بالنسبة للمبرارت الكاذبة والمخادعة التي مارستها ادارة بوش لغزو واحتلال العراق. الا ينبغي في هذه الحالة الان وصم الرئيس بوش بصفة ولقب الرئيس الكاذب والمخادع? \r\n \r\n - انا اجد بأنكم تريدون مني تسمية بوش باسم »الكاذب والمخادع« وذلك من خلال افتتاحية صحفية, وها انا اقول لكم الان وبكل صراحة ووضوح »بأن علينا جميعا ان نعترف بان بوش كذاب ومخادع, وهذه ليست المرة الاولى التي اصف فيها بوش بالكاذب والمخادع, فهناك العديد من التعليقات الصحفية التي نشرت لي حول »اكاذيب بوش بشأن اسلحة الدمار الشامل العراقية. وهذه المبررات الكاذبة والمخادعة لا تختلف عن فضحية ووترغيت«, مع فارق بسيط وهو اننا كنا نعلم جيدا بأن حكومة نيكسون كانت تمارس سياسة الكذب والخداع وبشكل واضح, دون ان تخفي عنا الحقائق تحت ستار الحيلولة دون الاضرار بالامن والقومي الامريكي اما ما يتعلق باكاذيب ادارة بوش, فان هذه الادارة لا تزال تتستر وراء غطاء الامن القومي وتمارس سياسة اخفاء الحقائق عن الشعب الامريكي وتفرض قيودا مشددة على وسائل الاعلام للتستر على اخطائها سواء فيما يتعلق بالحرب على الارهاب, وهو الارهاب الذي يتنامى ويتسع نتيجة لهذه السياسة, او فيما يتعلق بالاحتلال الامريكي للعراق. وتبدو اكاذيب ادارة بوش واضحة في هذا المجال, عندما تبرر كل ما تقوم به من اخفاء للحقائق, بأنه لاسباب تتعلق بالامن القومي. ونحن نعلم جيدا بل وواثقون تماما بأن الكذب والنفاق والخداع لن يستمر الى ما لانهاية, وان الحقائق ستتكشف عاجلا ام آجلا. وبالنسبة لادارة بوش وسياستها تجاه العراق, والمبررات التي روجتها لشن الحرب على هذا البلد, فان هذه الاكاذيب لم تستمر طويلا وبدأت الحقائق تظهر تباعا رغم كل المحاولات الفاشلة للحيلولة دون ظهورها. \r\n \r\n * لا بد من الاعتراف بأن »الواشنطن بوست ونيويورك »تايمز« تتحملان ولو جزء بسيط من مسؤولية تأييدهما للسياسات التي اتخذتها ادارة بوش. والدليل على ذلك قيام الانتقادات للمبررات التي روجتها ادارة بوش لشن الحرب على العراق? \r\n \r\n - هذا صحيح وواضح, فالصحيفتان الامريكيتيان المذكورتان كانتا بطيئتين للغاية في البحث عن الحقيقة. كما انهما استغرقتا وقتا اطول من اللازم للتوصل الى اسلوب الخداع الذي مارسته ادارة بوش لاخفاء الحقائق والتستر وراء الاخطاء الخطيرة التي وقعت فيها. وادار بوش استغلت ذلك افضل استغلال لصالح الحزب الجمهوري وبخاصة عقب هجمات الحادي عشر من ايلول .2001 \r\n \r\n * ان مثل هذه الاجواء تتطلب شجاعة اكبر وجرأة اوسع من جانب الصحيفتين لاعلان موقفهما بصراحة تامة الان, وتسمية بوش بالكاذب والمنافق والمخادع, فهل الصحيفتان بصدد تأكيد هذا الرأي? \r\n \r\n - مما لا شك فيه ان الصحيفتين قد فقدتا جزءا من مصداقيتهما بسبب مثل هذه المواقف, وهما تتعرضان الان الى مشاكل حقيقية على كافة الاصعدة, وستحتاجان الى وقت طويل لاستعادة الدور القيادي من الناحية الاعلامية والصحفية, ولاستعادة مصداقيتهما تجاه الرأي العام الامريكي بوجه خاص والرأي العام العالمي على وجه العموم. \r\n \r\n * في ضوء كل الحقائق, هل يمكن للسياسيين ان يستمروا في انتهاج سياسة الكذب والخداع? وهل سيكون باستطاعتهم الوصول الى اهدافهم وغاياتهم من مثل هذه السياسة? \r\n \r\n - مما لا شك فيه ان السياسيين سيواجهون صعوبات كثيرة ومعقدة اذا ما استمروا في هذا الطريق. فالمجتمع الامريكي اصبح اكثر تشككا وارتيابا في السنوات الاخيرة, سواء من خلال الحرب الامريكية الفيتنامية ومرورا بفضيحة ووترغريت وانتهاء بالحرب الامريكية على افغانستان والعراق, وهي الحرب التي لا تزال الولاياتالمتحدة وادارة بوش تكتوي بنارها وتعاني من تبعاتها وتداعياتها.0 \r\n \r\n »دير شييغل« الالمانية