\r\n في مثل هذا اليوم قبل حوالي اسبوع نصحت اللجنة الاوروبية العليا رؤساء دول وحكومات الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي بالبدء فورا في مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد الاوروبي, والسبب الرئيسي في ذلك كان يعود الى تقييم اللجنة الاوروبية بهذا الخصوص والذي يؤكد بان تركيا قد استجابت لكل الشروط السياسية ونفذت كل المعايير الخاصة ببدء مفاوضات الانضمام بما في ذلك موقفها الايجابي من حقوق الانسان وحماية ومراعاة حقوق الاقليات وتقيدها بالنظام الديمقراطي والقانوني في البلاد. \r\n \r\n ووجدت الحكومة الالمانية بان تركيا قد نفذت معظم الشروط المطلوبة منها, الامر الذي يجعلها تنهي معارضتها لبدء مناقشات الضم معها. ولهذا فانني سوف اعبر عن موقف حكومتي هذا بشكل واضح امام الاجتماع الذي سيعقده المجلس الاوروبي في السابع عشر من كانون اول المقبل وسأقوم بحث اعضاء المجلس على اتخاذ قرار ايجابي لصالح انضمام تركيا الى عضوية الاتحاد الاوروبي. \r\n \r\n ان الهدف الاساسي من مفاوضات الضم, هو هدف واحد وموحد وهو انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي. وفي الوقت نفسه فان مسألة الموافقة على هذا الانضمام ليست مسألة ملزمة اوتوماتيكيا, ويمكن لتركيا ان تصبح عضوا كاملا في الاتحاد اذا ما استجابت واستوفت لكل الشروط والمتطلبات التي حددها الاتحاد بلا استثناء, وهو الامر الذي لم يتحقق حتى الان بالرغم من ان حكومة الرئيس التركي طيب رجب اردوغان تواصل العمل على تلبية كل هذه الشروط. \r\n \r\n ولعل هذا هو الذي جعل اللجنة الاوروبية العليا تؤكد اكثر من مرة بان امام تركيا فترة طويلة من المفاوضات الرامية الى قبول انضمامها الى عضوية الاتحاد, وان نتائج هذه المفاوضات ليست مضمونة النجاح بالرغم من اقتناع معظم دول الاتحاد بضم تركيا الى الاسرة الاوروبية. لكن هذا لا يعني بأي شكل من الاشكال استحالة دخول انقرة الى النادي الاوروبي. في الوقت نفسه لا بد من الاقرار والاعتراف صراحة بان تركيا وانطلاقا من قناعاتها الذاتية قد بدأت السير وبنجاح على طريق التحول نحو الديمقراطية على الطريقة الاوروبية والغربية, وانها قد قطعت شوطا طويلا في طريق الاصلاحات وتلبية المتطلبات الاوروبية الخاصة بانضمامها الى الاسرة الاوروبية. وانطلاقا من هذه الحقيقة فان المانيا الاتحادية ومعظم دول الاتحاد الاوروبي الاخرى اصبح لديها رغبة ومصلحة اكيدة بان تنجح تركيا في عملية الاصلاحات المطلوبة منها. ولهذا فانني ارى انه اذا ما واصلت تركيا في تلبية كل المتطلبات والشروط المطلوبة منها, فانها يمكن ان تصبح عضوا كاملا في الاتحاد الاوروبي. وبالنسبة لي فان هناك بعض التصورات التي يمكن ان تكون حاسمة بهذا الخصوص ومن بين هذه التصورات: \r\n \r\n 1) لقد بدأ التفكير بانضمام تركيا الى الاسرة الاوروبية منذ عقود طويلة من الزمان بالتحديد منذ عام ,1963 وذلك من خلال السعي للانضمام الى عضوية السوق الاوروبية المشتركة في ذلك الوقت. وتكررت هذه الرغبة مرة ثانية في عام 1967 من خلال توجهات الحكومات التركية المتعاقبة السابقة. وبعد مرور عامين تقريبا اصبحت تركيا من بين الدول المرشحة للانضمام الى الاسرة الاوروبية. وفي عام 2002 بدأت مرحلة المناقشات المستفيضة للبدء في عملية الانضمام, حيث تعهدت دول الاتحاد الاوروبي ببدء مرحلة من المناقشات الرسمية والنهائية الخاصة بانضمام تركيا الى عضوية الاتحاد, واتخاذ قرار بهذا الشأن في الاجتماع القادم للمجلس الاوروبي في نهاية عام ,2004 ولكن شريطة ان تكون تركيا قد استجابت بالفعل ونفذت كل الشروط المطلوبة منها. ومنذ تسلم اردوغان منصب رئاسة الوزراء, تمكنت تركيا ومن خلال برنامجها الاصلاحي الكبير, من تحقيق كل المتطلبات الرامية الى بدء مفاوضات الانضمام. ومن بين هذه المتطلبات والشروط التي حققتها تلك الحكومة الاصلاحية: \r\n \r\n * الغاء عقوبة الاعدام. \r\n \r\n * حظر عمليات التعذيب والتهديد بفرض عقوبات كبيرة. \r\n \r\n * ادخال اصلاحات جذرية وكبيرة على قانون العقوبات المنصوص عليها بالدستور التركي. \r\n \r\n * ضمان وحماية الحقوق الثقافية للاكراد والاقليات الاخرى. \r\n \r\n * رفع والغاء كل القيود المفروضة على حرية الرأي وحرية التجمعات. \r\n \r\n ومن هنا واذا ما واصلت تركيا انتهاج هذا الطريق خلال السنوات المقبلة بثبات واستمرت في تنفيذ برامجها الاصلاحية, فلن يكون امام الاتحاد الاوروبي اي خيار اخر سوى الالتزام بتنفيذ تعهداته وقبول انضمام تركيا الى عضوية الاتحاد الاوروبي. فهذه مسألة ترتبط بالمصداقية وبتنفيذ التعهدات القائمة, مصداقية الاسرة الاوروبية بشكل عام ومصداقية الحكومة الالمانية بشكل خاص. \r\n \r\n 2) ان الاتحاد الاوروبي يعتبر مجتمع قيم, وهي القيم التي تأسس على اساسها الاتحاد الاوروبي ومن ابرز هذه القيم الديمقراطية والحرية والتعددية والتسامح. ووجود تركيا ديمقراطية يعتبر دليلا قاطعا على عدم وجود تناقض بين الديانة الاسلامية وبين المجتمع الحديث والمتجدد. فتركيا اصبحت تشكل انعكاسا ومثالا يحتذى به بالنسبة لدول اسلامية اخرى مجاورة لاوروبا. ووجود مثل هذا التقارب الاسلامي الاوروبي يمكن ان يشكل ضمانا متصاعدا للامن الاوروبي بشكل عام ولأمن المانيا على وجه الخصوص. \r\n \r\n 3) ان تركيا وبحكم حجمها وديناميكيتها, تعتبر شريكا اقتصاديا على جانب كبير من الاهمية لبلدنا, ففي العام الماضي شهد الاقتصاد التركي نموا كبيرا وواضحا وبواقع 6 بالمئة. وفي العام الحالي يتوقع ان يتصاعد النمو الاقتصادي التركي ليصل الى 8 بالمئة. والفضل في هذا النمو الاقتصادي يعود في الواقع الى الديناميكية التي انتهجتها تركيا على امل الانضمام الى عضوية الاتحاد الاوروبي, وفي حال انضمام تركيا الى الاسرة الاوروبية فان الاقتصاد التركي سيتنامى اكثر فاكثر وسيساهم في تقوية وتعزيز هذا الاقتصاد. وبالنسبة لالمانيا, فان الشروع في مفاوضات الضم سيكون بمثابة فرصة حقيقية وثمينة لها: فتركيا تعتبر الان الشريك التجاري والاقتصادي الاكبر لالمانيا. والصادرات الالمانية الى تركيا شهدت نموا وانتعاشا ملحوظا في العام الماضي وبواقع 20 بالمئة. \r\n \r\n ومما لا شك فيه ان هذا النمو والانتعاش يشكل فائدة مشتركة للبلدين وبالتالي يوفر مزيدا من فرص العمل للعاطلين عن العمل في كلا البلدين. \r\n \r\n ومقارنة مع الدول التي انضمت حديثا الى عضوية الاتحاد الاوروبي فان تركيا وبفضل حجمها السكاني وتطورها الاقتصادي ومجتمعها الاسلامي المتنور تشكل نموذجا حقيقيا للامن والاستقرار الذي سينعكس ايجابا على الامن والاستقرار في اوروبا بكل تأكيد. وهذا يؤكد بدوره ضرورة وجود تركيا كعضو كامل في الاتحاد الاوروبي فالفائدة مشتركة لكل من اوروبا وتركيا والعالم بلا استثناء, وعلى كافة الاصعدة الاقتصادية والسياسية والامنية والثقافية والمالية. ولا يختلف اثنان على ضرورة ان تظهر كل الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي تضامنها غير المحدود وتأييدها لانضمام تركيا الى عضوية هذا الاتحاد. \r\n \r\n صحيح ان الايجابيات من وجود تركيا تحت المظلة الاوروبية اكثر من السلبيات الى حد كبير, الا انه لا يسعني في هذا الخصوص الا ان اعبر عن بعض التحذيرات من مسألة انضمام تركيا الى الاسرة الاوروبية, وهي تحذيرات نابعة من تجاربي الكبيرة السابقة في هذا الاطار. والخطر الاكبر الذي يمكن ان ينتج من مثل هذا الضم يكمن في ضغط المهاجرين, حيث ان اعدادا غفيرة من الاتراك سيستغلون هذه القضية للهجرة الى دول الاتحاد بحثا عن فرص عمل وتحسين مستوى معيشتهم, الامر الذي سيشكل ازمة عمالة فائضة. لكن مثل هذه المشكلة يمكن ايجاد الحلول المناسبة لها داخل الاطار الاوروبي من خلال اجراءات معينة يتم اتخاذها وفرضها للحد من هذا الخطر. غير ان الاهم من ذلك كله ان تحقيق الانضمام التركي الى الاتحاد الاوروبي سيعزز التوجهات التركية لمواصلة برامجها الاصلاحية, التي من شأنها ان تشكل عامل قوة اضافية لاشاعة الامن والاستقرار في ربوع القارة الاوروبية الموحدة.0 \r\n