\r\n قدر المعنيون بان التغلب على هذه المشكلة سوف يستغرق خمس سنوات على الاقل, حيث كانت النيران تتوهج في البحيرات النفطية المحيطة بالابار خارج نطاق السيطرة وكان الاقتراب من الابار المشتعلة امرا في حكم المستحيل, ناهيك عن محاولة اطفائها, ولكن ما ان اعلن عن نهاية العمليات الحربية حتى شقت »شركة هاليبرتن« الامريكية طريقها نحو اطفاء حرائق النفط واعادة اعمار الحقول النفطية الكويتية وهي المهمة التي كانت التقديرات الاولية قد حسبت لها زمنا يمتد الى عشر سنوات وميزانية تصل الى 200 مليار دولار. \r\n \r\n قامت الشركة بارسال 60 رجلا للمساعدة في عملية اطفاء الحرائق. في هذه الاثناء فازت احدى الشركات المتفرعة عنها وهي شركة كيلوغ براون وروت بمقاولة تقدير حجم الضرر الذي الحقه الغزو العراقي بالبنية التحتية الكويتية وكانت قيمة المقاولة ثلاثة مليارات دولار في بداية الامر لكن هذه القيمة ما لبثت ان تضاعفت ستة اضعاف عند انتهاء مهمة الشركة, والاهم من ذلك ان الشركة نفسها اي شركة كيلوغ براون وروت فازت بمقاولة اخرى لسحب القوات المحاربة في المملكة العربية السعودية بعد انتهاء الحاجة لتلك القوات, وهكذا عادت شركة هاليبرتن بقوة الى العمل في مجال الاعمال اللوجستية العسكرية لاول مرة بعد حرب فيتنام وكانت حرب الخليج نقطة انطلاق نحو العودة الى اعتماد الجيش الامريكي على المصادر الخارجية. \r\n \r\n لم تكن الاستعانة بالمصادر الخارجية للاغراض العسكرية بالظاهرة الجديدة, وكانت شركة كيلوغ براون وروت اول شركة خاصة تساهم في الجهد العسكري عندما فازت منذ عقود بأول مقاولة لبناء السفن الحربية, لكن طبيعة الاستعانة بالمصادر الخارجية في الجهد العسكري تغيرت بشكل درامي خلال العقد الاخير. بعد انتهاء الحرب الباردة ساد الاتجاه نحو تخفيض حجم الجيش في الولاياتالمتحدة, واستمر العمل بهذا الاتجاه طوال سنوات التسعينات, وقد عمل المزيج المتناقض من تخفيض حجم الجيش وزيادة عدد النزاعات المسلحة على ظهور تجارة جديدة غير مسبوقة هي تجارة الشركات العسكرية الخاصة, وقد اضطلعت تلك الشركات بتقديم المساعدة للجيش في شتى المجالات ابتداء من صناعة الاسلحة الى اعمال الصيانة الى تدريب الجنود وتقديم الخدمات اللوجستية. \r\n \r\n تضاعف عدد الشركات الخاصة العاملة في جبهات القتال وحولها عشر مرات في العقد الذي تلا حرب الخليج الاولى, وتشير التقديرات الى وجود شخص متعاقد واحد ازاء كل عشرة جنود امريكيين في العراق حاليا, وقد لعبت شركة هاليبرتن التي اصبحت خامس اكبر الشركات الدفاعية المتعاقدة في البلاد منذ عام ,1990 دورا مؤثرا في تعزيز هذا التوجه. \r\n \r\n يتعلق الحديث عن شركة هاليبرتن بما يعرف الان ب ̄ »السوبر مقاولة« التي ابتدأت قصتها عام ,1992 في ذلك الحين لفتت الاعمال التي انجزتها هاليبرتن في الكويت انظار وزارة الدفاع الامريكية التي كان يرأسها حينذاك وزير الدفاع ديك تشيني نائب الرئيس الامريكي الحالي وكانت وزارة الدفاع قد شعرت بالحاجة الى تعزيز قواتها في حالة نشوء نزاعات جديدة على غرار حرب الخليج الاولى, فطلب البنتاغون من الشركات الخاصة التقدم لمقاولة بقيمة 3.9 مليون دولار لكتابة تقرير عن الكيفية التي تستطيع بها الشركات الخاصة تقديم الدعم اللوجستي للجيش في حالة وقوع اية عمليات عسكرية قادمة. \r\n \r\n طلب البنتاغون ان يتناول التقرير دراسة 13 منطقة »ساخنة« في مختلف انحاء العالم وتقديم كافة التفاصيل المتعلقة بانواع الخدمات اللازمة ابتداء من بناء القواعد الى تأمين غذاء الجنود, وقد حدد البنتاغون حجم القوات التي ينبغي للشركة المعنية ان تقدم تفاصيل خدمتها ل ̄ 20 الف جندي يتم نشرها خلال 180 يوما, ولا شك ان خطة بهذا الحجم تعتبر اكبر خطة طوارئ عرفها الجيش الامريكي عبر تاريخه. \r\n \r\n تقدم للمقاولة سبع وثلاثون شركة وفازت بها شركة كيبلوغ براون وروت وفي وقت لاحق من العام نفسه تلقت الشركة مبلغ 5 ملايين دولار اخرى لكي توسع خطتها لتشمل مواقع »ساخنة« اخرى ولتضيف اليها المزيد من التفاصيل. \r\n \r\n بقي التقرير الذي قدمته شركة كيلوغ براون وروت سريا الى هذا اليوم, لكنه كان كافيا لاقناع ديك تشيني بامكانية ابرام مقاولة تكون »مظلة« لكل الاعمال المطلوبة وان يعهد بها الى شركة واحدة. اطلق على المقاولة فيما بعد اسم »برنامج الاضافة اللوجستية المدنية« »لوغ كاب« ووصفت في حينها بانها »ام المقاولات الخدمية جميعا« وقد تم وضعها موضع التنفيذ في جميع عمليات نشر القوات الامريكية التي تمت منذ تاريخ احالتها في 1992 بكلفة بضعة مليارات من الدولارات »ما زالت تتضاعف مع كل عملية نشر للقوات. \r\n \r\n اما الطرف المحظوظ الذي احيلت عليه المقاولة الاولى والتي شملت السنوات الخمس الاولى من تنفيذ »البرنامج« فلم يكن سوى الشركة التي تولت وضع الخطة بالمقام الاول وهي شركة كيلوغ براون وروت. \r\n \r\n انقذت مقاولة »برنامج الاضافة اللوجستية المدنية« شركة كيلوغ براون وروت من حالة الكساد التي كانت تعاني منها خلال سنوات الثمانينات كما انها رفضت قيمة الحد الادنى لاسهم شركة هاليبرتن على مدى سنوات التسعينات وقد كانت في واقع الامر, صكا على بياض وقعته الحكومة الامريكية لصالح الشركة. \r\n \r\n ان المقاولين في العادة يحصلون على اموالهم من نسبة محددة للارباح تتراوح ما بين 1 بالمئة و9 بالمئة تبعا لحالات متفاوتة من شروط الحوافز المختلفة. اما عندما يكون الربح عبارة عن نسبة مئوية من الكلفة, كما هي الحال بالنسبة لمقاولة شركة كيلوغ براون وروت, فانك كلما توسعت في الانفاق كلما ارتفع مقدار ربحك. \r\n \r\n قبل ان يجف حبر المقاولة الاولى في »برنامج الاضافة اللوجستية المدنية« صدرت الاوامر بنشر القوات الامريكية في الصومال كجزء من عملية »استعادة الامن«. \r\n \r\n وصل موظفو شركة كيلوغ براون وروت الى الصومال قبل وصول القوات الامريكية الى هناك, وكانوا اخر من غادر البلاد وقد حققت الشركة ارباحا من عملية الصومال بلغت 109.7 مليون دولار, وفي شهر آب 1994 جنت الشركة مبلغ 6.3 مليون دولار من عملية »دعم الامن« في رواندا. وفي شهر ايلول من العام نفسه عادت عملية »التمسك بالديمقراطية« في هاييتي على الشركة بمبلغ 150 مليون دولار. كما كسبت الشركة مبلغ 5 ملايين دولار من عملية »المحارب الساهر« التي تمت في شهر تشرين الاول عام .1994 \r\n \r\n كان شعار الشركة هو عدم رفض القيام باي نوع من الاعمال وهكذا, تتولى بناء القواعد العسكرية, وتأمين الطعام والماء للقوات, وتزويدها بالوقود, وتنظيف دورات المياه, وغسل الملابس, وكان ممثلو الشركة يحضرون اجتماعات الاركان, وكانوا يتولون التعجيل بتنفيذ جميع النشاطات والاعمال المتعلقة باية مهمة محددة, وهكذا تحولوا الى وحدة اخرى ضمن الجيش الامريكي. \r\n \r\n شعر الجيش الامريكي بمدى اعتماده على شركة كيلوغ براون وروت عام 1997 عندما خسرت الشركة فرصة تجديد عقدها مع وزارة الدفاع الامريكية للمرحلة الثانية من »برنامج الاضافة اللوجستية المدنية« امام منافستها شركة داينكورب. \r\n \r\n وجد الجيش الامريكي ان من المستحيل عليه اخراج شركة كيلوغ براون وروت من عملياته الدائرة في البلقان وهي الجهة التي شكلت الجانب الاكثر ربحا في مقاولة الشركة ولهذا اقدمت وزارة الدفاع الامريكية على استثناء عمل الشركة في البلقان من المقاولة الجديدة وبهذا اصبح بمقدورها الاستمرار في جني الارباح بغض النظر عن احالة »البرنامج« الى شركة اخرى. \r\n \r\n وفي عام 2001 عادت شركة كيلوغ براون وروت الى كسب مقاولة المرحلة الثالثة من »البرنامج« التي احيلت عليها بعد ان تمت مضاعفة عدد سنواتها الى عشر سنوات مقبلة.0 \r\n